8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

ملفات السلاح والحوار والعلاقات الخارجية ومع سوريا أبرز الأولويات إنجاز الاستحقاق اليوم يطلق عملاً دولياً ـ عربياً لاستكمال الحلول الداخلية والإقليمية

بإنتخاب العماد ميشال سليمان اليوم رئيساً للجمهورية اللبنانية، ينطلق الوضع اللبناني في مرحلة جديدة، لا بد ان تترك التطورات الإقليمية والدولية بصماتها عليها حتى الوصول إلى مرحلة الحلول الكبرى.
وسيسير الحكم اللبناني الجديد بين سطور اتفاق الدوحة، الذي كرّس رعاية مستحدثة للموقف، وسطور ما يمكن ان يكتب للمنطقة للمرحلة المقبلة، فضلاً عمّا يؤمن به الرئيس العتيد من توافق بين اللبنانيين وتفاهم داخلي وحوار لحل المشكلات.
وبالتالي، وفور الانتهاء من أداء القسم الرئاسي، سيكون الرئيس سليمان أمام تحديات كبيرة داخلية وخارجية، إذ ان فترة ما بعد الانتخابات الرئاسية لن تكون كما قبلاً، وان كانت العناصر التي اشعلت فتيل الأزمة الرئاسية، والتي استجرت أزمات اخرى، لا تزال موجودة. انما قد يقتضي التعامل معها منذ الآن وفي ظل المستجدات الدولية والإقليمية بطريقة اخرى.
وتقول أوساط ديبلوماسية أوروبية، انه مثلما يتأثر الموقف في لبنان بتداعيات العلاقات الدولية ـ الإقليمية، فان حصول الانتخابات الرئاسية اللبنانية سيشكل بدوره منطلقاً لعمل دولي ـ عربي جديد في المنطقة سيبنى على أساس تسهيل هذه الانتخابات، وهو الأمر الذي كان مطلباً دولياً عربياً مشتركاً ويحتل أولوية اهتمام الفريقين.
ويُسجل تداخل في مؤثرات هذين العنصرين، ما يحتم الخروج بمعطيات جديدة في لبنان والمنطقة.
وأولى هذه المعطيات، ستكون، وفقاً لهذه الأوساط، على خط العلاقات الأوروبية ـ السورية، بعد المواقف التي أبلغت إلى دمشق طوال الأشهر الماضية حول أهمية تسهيلها للانتخابات الرئاسية في لبنان، وفتح باب الحوار معها لاستعادة العلاقات الطبيعية. كما تحدث الأميركيون عن تغيير السلوك السوري. وليس من الواضح المدى الذي سيبلغه فتح باب الحوار الموعود في ظل مطالب اخرى من سوريا، وهي ضبط الحركات الإرهابية في المنطقة، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية، وتسليم المتهمين في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري إلى المحكمة، فضلاً عن ان الموضوع الذي سيتتبع عملاً دولياً مع سوريا وإيران لإيجاد حل له هو سلاح "حزب الله".
وستقوم الرئاسة الفرنسية للاتحاد الأوروبي ابتداء من أول تموز المقبل بدعوة الرئيس السوري بشار الأسد إلى القمة الأوروبية ـ المتوسطية التي ستعقد في 13 تموز. مثل كل رؤساء الدول في المتوسط. وسيجري التمهيد لذلك باتصالات فرنسية وأوروبية، كذلك ان القمّة الأميركية ـ الفرنسية التي ستنعقد في 13 حزيران المقبل، ستدرس الملف اللبناني في ضوء ما يستجد بعد اتفاق الدوحة وسبل التعامل مع الدول التي سهلت الاستحقاق الرئاسي.
وسيأخذ الحكم الجديد، الاعتبارات كافة في كل القضايا المحيطة بلبنان، ولا يُستبعد ان يقوم الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بزيارة الرئيس سليمان في وقت قريب لتهنئته وتبادل الأفكار حول تطور الموقف في المنطقة.
ثم هناك ملف السلام في المنطقة، خصوصاً ما أعلن عن جدية المفاوضات السرية السورية ـ الإسرائيلية الجارية، وعلى لبنان ان يعد نفسه لأي تسوية في المنطقة.
مع ان الأوساط تؤكد ان البحث في مصير سلاح "حزب الله" على وقع هذه المفاوضات، لا يزال سابقاً لأوانه، لأن لهذا السلاح وظيفة إقليمية ودولية، على الرغم من ان إيران والحزب وسوريا، أدركوا تماماً نتائج استعماله في الداخل لدرجة معينة وردود الفعل على ذلك، من الداخل والخارج.
من هذا المنطلق، سيتضمن البيان الوزاري في العهد الجديد بالنسبة إلى هذا السلاح، ما ينسجم مع عدم تسليم الحلف السوري ـ الايراني كل الأوراق في مرحلة التفاوض السوري، والإبقاء على هدف السلاح قائماً كوسيلة ضغط في المفاوضات، ومع السعي للبننة هذا السلاح عبر التفاهم على ضبطه وعدم تحويله إلى مصدر فتنة طائفية، وتوفير الاستعدادات والأجواء الحقيقية لمرحلة ما بعد انتخاب سليمان بكل ما تعنيه من تهدئة وتفاهم في حد معقول. وهذا ما يريده اتفاق الدوحة، تمهيداً للحوار الداخلي بشأنه برئاسة سليمان، مع ما يعني الأمر من ارتباطه بحل قضية شبعا.
ومن الآن، وحتى اتضاح الصورة على مستوى التفاوض، سيكون لكل من ايران وسوريا الاخراج المناسب لدى حصول تقدم جوهري في السلام السوري ـ الإسرائيلي. ولا بد أن ينعكس ذلك، على وظيفة "حزب الله"، لكن الحلف السوري الايراني لن ينكسر، بل قد يصبح متراخياً. ولكل احتمالات دلالاته ومؤثراته على لبنان، وعلى مستقبل تحسين العلاقات اللبنانية ـ السورية التي سيباشر الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى مساعيه على هذا الخط ابتداء من يوم غد الاثنين. فهل سينجح وسيتم التمهيد امام الحكم اللبناني الجديد لارساء علاقات ندية بين البلدين، بعدما كان الموقف السوري ربط ضمناً تسهيل الانتخابات الرئاسية قبل اتفاق الدوحة، ببلورة ثلاثة عناصر، هي: العرض الإسرائيلي للسلام، والقرار الاتهامي في جريمة اغتيال الرئيس الحريري، والسياسة الأميركية الجديدة بعد انتهاء ولاية الرئيس جورج بوش.
التنبه للعامل الإسرائيلي
وتشير الأوساط الديبلوماسية نفسها إلى ضرورات التنبه للعامل الإسرائيلي على خط التطورات اللبنانية. إذ بحسب المعطيات المتوفرة لديها، فإن إبطال مفعول التدخل السوري في لبنان والذي يؤدي إلى استقراره، أمر لا ترغب فيه إسرائيل، لأنها تؤيد وجود خلافات لبنانية داخلية، ولبنانية ـ سورية، وعربية ـ عربية. كما ان ما يؤكد الارتياح للنظام الحالي في دمشق، والحفاظ عليه من دون القول بالعمالة أو الصداقة، هو توجيه عرض للسلام معه، أبلغت تفاصيله السلطات السورية إلى ايران.
كذلك لاحظت هذه الأوساط ان الحرب التي شنها "حزب الله" في الداخل، ألهته عن إمكان توجيه أي عمل عسكري ضد إسرائيل لمناسبة الذكرى الستين لنكبة فلسطين وأثناء زيارة الرئيس الأميركي جورج بوش إلى تل أبيب. فلم يحصل ما يعكر الحدود اللبنانية الجنوبية لتكون الطاقة الإسرائيلية مركزة على حماية بوش.
ولن تكون وحدها التحديات الخارجية أمام الرئيس سليمان منذ اللحظة الأولى لتسلمه مهامه، بل هناك تحديات داخلية تبدأ بالوفاق والحوار وتعزيز الاقتصاد، والأوضاع المعيشية للبنانيين وتطوير المرافق الحيوية في البلاد.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00