ثلاثة عناصر تشكل عاملا ضاغطا لإنهاء الوضع اللبناني القائم وإيجاد حل للأزمة الرئاسية، استناداً إلى مصادر ديبلوماسية بارزة، وهي إنعكست إيجاباً على التهدئة الحاصلة استعادت معها الاتصالات الداخلية اندفاعها.
العنصر الأول، يكمن في انعدام وجود ضمانات مئة في المئة بأن "الستاتيكو" الذي يشهده لبنان سيبقى ستاتيكو، ولن تطرأ عليه تعديلات أو تغييرات من شأنها التأثير سلباً في كافة المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية. إذ قد يتحول "الستاتيكو" إلى نزاعات أو فتن، وهذا الاحتمال لا يضغط على فئة دون أخرى في لبنان وخارجه في الوسط الإقليمي، ما يؤدي إلى تصعيد الأمور وتفاقمها لاحقاً.
والعنصر الثاني، يتجلى في البحث في موضوع استئناف عملية السلام في الشرق الأوسط ليس فقط على المسار الفلسطيني ـ الإسرائيلي، بل أيضاً على مستوى المسار السوري ـ الإسرائيلي، وان شمولية هذه العملية ستؤدي إلى انخراط لبنان مجدداً فيها. ومن الصعوبة بمكان، إعادة استئناف السلام على كافة المسارات قبل ان يكون هناك حل في لبنان، بحيث ان الحل يوفر جهوزية معينة للبنان من أجل الخوض بذلك. ويؤدي في الوقت نفسه، دوراً في تسهيل الأجواء عربياً ودولياً حيال مرحلة التفاوض المطلوبة، في ضوء التشديد الأميركي على السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل، والدور التركي غير الجديد، في تعبيد الطريق أمام المسار السوري ـ الإسرائيلي، والذي لا يسير من دون موافقة دولية. والسلام الشامل يفيد لبنان، وان كان يحتم على أفرقاء داخله إعادة تقييم حساباتهم، إذ للسلام الشامل ثمن في المنطقة، يدفعه من سيعتبر نفسه متضرراً منه، لانه سيخلط أموراً كثيرة.
اما العنصر الثالث، فهو في تسوية العلاقات العربية الداخلية، ذلك ان تعلق تسويتها مباشرة بالأزمة الرئاسية في لبنان، وبالاستعداد الذي أبداه الرئيس السوري بشار الأسد للتعاون في الحل، وإعلانه عن زيارتين سيقوم بهما إلى كل من المملكة العربية السعودية ومصر، يحمل، بحسب المصادر، مؤشراً ما حول وجود مسعى دولي ـ إقليمي للحلحلة، ولدفع الحلحلة في اتجاه معين. بحيث إذا حصلت الزيارتان، ونجحتا، سينعكس الأمر على الوضع اللبناني. وهناك معطيات لدى كل الأفرقاء على الساحة للتمسّك في اتجاه معيّن، يؤمل الا تواجه عراقيل كالسابق، وان تسير بخطى متقدمة.
واتجاه الحل على المستوى اللبناني، يشكل احد عناصر "طبخة" ما يتم العمل عليها دولياً ـ إقليمياً، لا سيما في ما يتصل بالتحضير لاستئناف البحث بالسلام على كل المسارات. ثم في ما يتصل بتحويل الملف الإيراني النووي، من ملف ساخن إلى ملف بارد.
وتتوقف المصادر، عند كلام الأسد الأخير، حيث تصفه بأنه غير تصعيدي، وان رئيس مجلس النواب نبيه بري لم يطرح مبادرته الحوارية لو لم يأخذ الضوء الأخضر من القيادة السورية. وتدرس الأكثرية عبر الاتصالات واللقاءات التي تعقدها طريقة التعامل مع المبادرة على أساس ضمانات لانتخاب الرئيس، مع ما يشكله حضور رئيس كتلة "المستقبل" النيابية سعد الحريري إلى لبنان من دلالات، في حين ان بري قصد تحديد موعد 13 أيار المقبل لجلسة الانتخاب، ولم يعمد إلى تأخيرها، وتحدث عن إعلان نيات بدل اتفاق. والمهم في ان تزيد الظروف الدولية ـ الإقليمية في استمرار العمل لايصال الأمور إلى خواتيهما والتمكّن من إرساء التفاهم واكتماله.
وتتسارع الأحداث دولياً في مجال الاهتمام بموضوع السلام في المنطقة، اذ تعقد "الرباعية الدولية" اجتماعاً لها على مستوى رفيع الخميس والجمعة المقبلين في لندن. وسيتحدد في ضوء مقرراتها، مصير مؤتمر موسكو للسلام الذي تم التفاهم على أن ينعقد لبحث كافة المسارات بعد مؤتمر انابوليس في نهاية تشرين الثاني الماضي.
وستبحث الرباعية سبل بلورة المسار الفلسطيني ـ الاسرائيلي في ضوء وعد الرئيس الأميركي جورج بوش حول قيام "الدولتين". كما سيبحث الفرص المتاحة أمام استئناف المفاوضات على المسارين اللبناني والسوري مع اسرائيل، في ضوء الوساطة التركية المعروفة سابقاً والتي تم تأكيدها حالياً، من كل من دمشق وتل أبيب، وفي ضوء مواقف الدول العربية واسرائيل، واستعدادات كل دولة، ومدى تأثير الرباعية في مؤتمر موسكو الذي وضع تاريخ مبدئي لعقده بين منتصف حزيران ومنتصف تموز المقبلين، فضلاً عن مدى تأثير تحريك المسارات في تفعيل احداها.
ولا تبدو من خلال الاتصالات الديبلوماسية، الاهتمام بجدية اسرائيل في السلام، بل بالدرجة التي يمكنها ان تقدّم في اطارها، ومن اجل تحقيق وعودها في ظل الحكومة الاسرائيلية الحالية.
لكن المهم، بالنسبة الى الولايات المتحدة، كما تؤكد المصادر، ان يتم التوصل الى اعلان نوايا حول المسار الفلسطيني ـ الاسرائيلي. وقد تدخل هذه القضية في النقاش الداخلي لدى الفريقين حيال افضلية توقيت التجاوب وتقديم الحلول، للادارة الاميركية المنتهية ولايتها، ام للادارة الجديدة التي ستتسلم السلطة. ولاحظت المصادر، ان اعلان تحريك المسار السوري مع اسرائيل تزامن مع تعثر في البحث في سبل تحريك المسار الفلسطيني ـ الاسرائيلي، لا سيما من خلال عدم احراز زيارتي رئيس الوزراء الفلسطيني محمود عباس الى كل من واشنطن وموسكو اي نتائج، على سبيل تحريك مسار لدى تعثر مسار آخر. الا ان "الرباعية الدولية" ستحسم خلال اليومين المقبلين آفاق المسعى للسلام في المنطقة ومدى شموليته واستعدادات الأطراف للانخراط مجدداً في العملية، وتجاوبهم للمشاركة في الاجتماعات المقررة.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.