8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

تمهّد لتواصل مع دمشق على أسس المبادرة العربية لدى ترؤسها للاتحاد الأوروبي

استحوذت الفكرة الفرنسية بعقد اللقاء بين وزير الخارجية برنار كوشنير ووزير الخارجية السوري وليد المعلّم على هامش أعمال مؤتمر جوار العراق في الكويت والذي تم أمس، على اهتمام الأوساط الداخلية والدولية فضلاً عن العربية. ذلك انه جاء بعد شبه انقطاع في التواصل خصوصاً حول الملف اللبناني منذ كانون الأول الماضي وسط تساؤلات عن الجديد الذي حملته الطروحات خلاله.
وتفيد مصادر ديبلوماسية غربية بارزة، ان الموقف الفرنسي المستجد لا ينطوي على مبادرة خاصة أو محددة. انما هدف إلى إعادة تأكيد الطلب الفرنسي إلى دمشق بضرورة التجاوب مع المطالب العربية والدولية والمساهمة إيجاباً في تسهيل حصول الانتخابات الرئاسية في لبنان.
ويأتي ذلك، في إطار مزيد من الضغوط على سوريا لتحقيق الأمر كونه أولوية عربية ـ دولية حيال حل الأزمة اللبنانية، وفي إطار تعزيز ودعم الموقف العربي الشامل من المسألة اللبنانية والذي تبلور وتجسد في المبادرة العربية للحل، حيث لا نية على الاطلاق للخروج عنها، بل على العكس، هناك رغبة بتفعيلها عبر دينامية عربية ـ أوروبية برضى أميركي.
وكان رئيس الديبلوماسية الفرنسية. مدركاً قبيل انعقاد اللقاء مع المعلم، ان ليس هناك من تغيير أو تعديل في توجهات دمشق، وعلى الرغم من ذلك حرص على إتمام اللقاء وعلى ان يشكل بداية تواصل جديد بين البلدين.
إذ من وجهة نظره قد يفيد الأمر، في تعبئة الوقت الضائع الحالي باتصالات مباشرة وغير مباشرة تساهم في التهدئة، وربما في الحد من الإنعكاسات السلبية للمرحلة الدقيقة التي يمر بها لبنان، خصوصاً على مستوى الاستقرار والأمن الداخلي، على ان تتبلور أي عناصر أو أفكار جديدة من خلال هذه الاتصالات، على قاعدة تعويم المبادرة العربية وانتخاب رئيس للبنان.
لكن إذا استمر التعثّر والعرقلة أمام هذا الهدف، فلا مانع لدى باريس من العمل الديبلوماسي حول لبنان في انتظار سنة 2009، حيث الأمل بأن الانتخابات النيابية ستؤكد مرة جديدة وقاطعة بأن الأكثرية هي الأكثرية، وانه يمكنها بالتالي إنتخاب رئيس جمهورية يرجح في الغالب ان يكون المرشح التوافقي قائد الجيش العماد ميشال سليمان.
وإدراك كوشنير الجيد لعدم وجود تغيير لا في الأفق الإقليمي للحل، ولا في الموقف السوري، كان وراء عدم دعوة الوزير وليد المعلم إلى المشاركة في المؤتمر الإقليمي الدولي حول لبنان الذي على هامش مؤتمر جوار العراق. ولو رأى كوشنير مجالاً لان يتحقق تقدم ما أو اختراق ما ، لكان تقرر توجيه الدعوة ليس إلى المعلم فقط، بل إلى وزير الخارجية الإيراني منوشهر متكي، إلا ان كوشنير آثر اللقاءات الجانبية الثنائية مع كل منهما، في حين عقد وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل لقاء مع متكي، تركزت كلها حول الحل في لبنان.
وأوضحت المصادر، ان المعلم أبلغ كوشنير ان بلاده تساعد على الحل، وانها ليست قادرة على الضغط على فرقاء معينين في إشارة إلى "التيار الوطني الحر"، طالباً من كوشنير ان تحاول فرنسا الضغط على هؤلاء الفرقاء بدلاً من دمشق التي تدعم كل ما يتفق عليه اللبنانيون.
وترى المصادر، ان تحرك الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى يأتي على وقع مؤتمر الكويت واللقاءات الجانبية الثنائية السعودية ـ الإيرانية، والفرنسية السورية، والفرنسية ـ الإيرانية، وسيقوم موسى بجولة عربية يستهلها بدمشق ثم يقصد بيروت، في مهمة لزرع الأمل حول إمكان الحل، وانه ليس صعب المنال، وخلق أجواء من الإيجابيات خلال الفترة الحالية من الفراغ أو الركود، وفي ضوء تعذّر إعلان فشل المبادرة العربية، والاستعاضة عن ذلك، بدعوة الفرقاء المعنيين داخل لبنان وخارجه إلى تحمّل مسؤولياتهم كاملة، وإلى التوقف عن السلوك التعطيلي.
ولاحظت المصادر، ان في مشاركة موسى ودول عربية قريبة من دمشق في المؤتمر، تجنب الاتهام المباشر من المؤتمر لدمشق بالتعطيل. ما يفسح في المجال أمام مزيد من التحرك السياسي والاتصالات لموسى ودول اخرى مثل قطر.
لكن فرنسا راعية المؤتمر، أبقت على أسس الموقف العربي ـ الدولي من دمشق على خلفية الملف اللبناني، بعدم دعوتها إلى المشاركة، ما يشير إلى رسالة واضحة لما يحمله غياب سوريا عن المؤتمر طالما لم تبدر تجاوباً فعلياً مع تسهيل الحال.
وقد أدى اللقاء الفرنسي ـ السوري في الكويت، إلى تأكيد باريس مباشرة، انها لن تترك لبنان، وستعمل باستمرار على مساعدته، وهي تدعم انتخاب الرئيس التوافقي سليمان، كما انها تقوم بكل جهد لمؤازرة لبنان لاجتياز المرحلة الراهنة، ومؤازرة الجامعة العربية لتطبيق مبادرتها.
كما انه من المفيد لفرنسا، وقبيل ترؤسها الدورة المقبلة للاتحاد الأوروبي في بداية تموز، والتفكير بإطلاق دور لها على مستوى رئاسة الاتحاد بالنسبة إلى الحل في لبنان، ان تمهد لذلك، باتصالات مع دمشق قد تنعكس ايجاباً في تنفيذ ما يمكن ان تطلقه.
وأكدت المصادر، أهمية مشاركة لبنان في مؤتمر الكويت، حيث لا يجب مناقشة الأزمة اللبنانية إلا في حضور لبنان، فكيف بالحري في لقاء دولي ـ عربي داعم في الأساس لاستقلال لبنان وسيادته ووحدته.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00