تدور مشاورات ديبلوماسية على أعلى مستوى بين الدول العربية والأوروبية والولايات المتحدة الأميركية والأمم المتحدة، حول الأفق السياسي المرتجى من المؤتمر الوزاري العربي ـ الدولي حول لبنان، والذي سينعقد الثلاثاء على هامش مؤتمر جوار العراق، في الكويت، بمشاركة العديد من الشخصيات الدولية ووزراء خارجية عرب وأجانب.
وتتركز المشاورات حول ما إذا كان البيان الذي سيصدر عن المؤتمر حول لبنان، سيتضمن آلية جديدة للحل الذي يستند إلى المبادرة العربية المطروحة، من شأنها توسيع دائرة المساعي لتنفيذ المبادرة عبر أفكار أوروبية مساعدة، أو أفكار دولية ما، قد تتجلى من خلال مناقشة مجلس الأمن الدولي في الثامن من شهر أيار المقبل، لتقرير الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون حول مجريات تنفيذ القرار 1559 الذي أنجز أول من أمس الجمعة في صيغته النهائية، وسيكون غداً الاثنين في عهدة المجلس.
وأفادت مصادر ديبلوماسية غربية أن المؤتمر سيتخلله تقويم للوضع اللبناني بكافة تفاصيله، والتحركات العربية التي أعقبت القمة في دمشق نهاية آذار الماضي، لا سيما ما آلت إليه القمم الثنائية أو الثلاثية التي كان لكل من السعودية ومصر الدور الرئيسي فيها.
وكشفت المصادر، أن الإدارة الأميركية تعتبر أن التجاوب السعودي والمصري في المواقف حيال الملف اللبناني، كان ممتازاً، ويترجم بالطريقة المناسبة مع فرقاء المعارضة ومن يقف وراءهم، كما أنه تُرجم في مفاصل معينة أبرزها طريقة التعامل مع موضوع زيارة رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى كل من مصر والمملكة، وكشفت أيضاً، أن كل التحرك الذي أعقب القمة لم يحقق شيئاً، وأنه لا بد أن تكون مناسبة الثلاثاء فرصة لبحث احتمالات تطور الأمور لبنانياً.
لذلك وجهت الدعوات الرسمية للمشاركة في مؤتمر لبنان إلى الدول الصديقة والحليفة للولايات المتحدة، ولم توجه إلى تلك المناهضة لمسارها، ما يفسر عدم توجيه الدعوة إلى كل من وزيري الخارجية السوري وليد المعلم، والإيراني منوشهر متكي.
تجديد الدعم
وأكدت المصادر أن المؤتمر سيعيد مجدداً تأكيد دعم إجراء انتخابات رئاسية فورية في لبنان، كما الدعم المطلق والكامل للحكومة اللبنانية وفي مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والمالية والأمنية. كما سيشدّد على دعم المبادرة العربية لحل الأزمة اللبنانية. ولن يكون لبنان حاضراً المؤتمر على الرغم من المطالبات بأن يكون ممثلاً فيه. إلا أنه ينصح كل الدول بعدم الخروج عن المبادرة العربية، بحسب أوساط وزارية بارزة، وبأن تأتي أي أفكار جديدة يتبناها المؤتمر مرتكزة إلى هذه المبادرة.
وقد استحوذ المؤتمر وما سيصدر عنه على حيّز مهم من المباحثات التي أجراها مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط ديفيد ولش في بيروت يومي الخميس والجمعة الماضيين. وأكدت الأوساط، أن ولش أبلغ الحكومة وكل القيادات التي التقاها، أنه لن يكون هناك تغيّر في السياسة الأميركية حيال لبنان أياً كان الحزب المنتصر في الانتخابات الرئاسية، وأن لبنان ليس للمقايضة ولا للتخلي عن الثوابت في شأنه. على الرغم من وجود أربعة ملفات أساسية تهم الإدارة في الشرق الأوسط، لن يتم المقايضة في لبنان لإنجاح أحدها. وهذه الملفات هي: الملف الإيراني والنزعة الإيرانية للسيطرة على الخليج والمنطقة، وبرنامج إيران النووي، الملف العراقي، الملف الفلسطيني والملف اللبناني.
وتولي مصادر ديبلوماسية في الأمم المتحدة اهتماماً خاصاً بالمؤتمر حول لبنان. ولذلك سيوفد الأمين العام مبعوثه الخاص لمراقبة تطبيق القرار 1559 تيري رود لارسن للمشاركة فيه. وتقول، إن هذا المؤتمر يشابه مؤتمر باريس حول لبنان الذي عقد يوم التأم المؤتمر الدولي ـ العربي حول فلسطين في باريس، ويشابه مؤتمر اسطنبول الذي عقد في الخريف الماضي يوم التأم المؤتمر العربي ـ الدولي حول جوار العراق.
وتلفت المصادر، إلى أن المؤتمر سيعاود تأكيد الثوابت الدولية ـ العربية حيال الأزمة اللبنانية، إلا أن طرح أفكار جديدة تخترق الجمود لتُقدم أفقاً سياسياً كبيراً أو تحركاً متمايزاً، يبقى مرتبطاً بالأجواء العامة التي تسود الوضعين الدولي والإقليمي، والعلاقات بينهما. إلا أن عدم تسجيل منحى لإطلاق مبادرات أو تحركات خاصة تمثل خرقاً للوضع، لا يعني تخلياً عن الأولوية اللبنانية لا سيما انتخاب الرئيس، إذ أن الدعم للبنان وحكومته سيستمر ولن يتغيّر، وإعادة التأكيد إنما تؤشر إلى الحضور الدولي والعربي حيال الملف اللبناني، مع ما يؤدي إليه ذلك من ضبط للوضع في انتظار أي تطور قد يعيد خلط الأمور. ويتبين للمصادر، أن فترة الانتظار للملف اللبناني لا بد منها، وأن فرقاء خارجيين كثراً يرون ايجابيات تنعكس على مواقفهم بشكل أو بآخر، من جراء هذا الانتظار.
لذلك، ليس من الواضح بعد ما إذا كان ممكناً التفاهم دولياً ـ عربياً على أمر جديد أو موقف جديد من خلال مؤتمر الكويت حول لبنان، يكون أبعد من تأكيد المؤكد. وسيقوم لارسن بالاطلاع على ما قد يبلوره المؤتمر، على الرغم من التوقعات غير الحاسمة، ما يفيد جلسة مجلس الأمن لدى مناقشة تقرير الـ1559، وتحديد الاتجاهات والمواقف الدولية في ضوء ذلك.
مراقبة للوضع قبل تعزيز الحكومة
أما بالنسبة إلى موضوع تعزيز الحكومة، فالأمر بحسب المصادر الغربية، متصل بالوضع الداخلي اللبناني وتداعياته بغض النظر عن المواقف الدولية حوله. فضلاً عن ارتباط ذلك بموقف البطريرك الماروني الكاردينال نصرالله بطرس صفير. إلا أن واشنطن وباريس وكل الجهات الدولية والعربية المهتمة يراقبون تطور الأمور في لبنان، والاحتمالات المرتقبة.
ذلك، أنه في حال تعثّر انتخاب رئيس الجمهورية حتى ما بعد أشهر من الآن، فإنه من أجل إجراء الانتخابات النيابية، لا بد من تشكيل حكومة جديدة، أو تعويم الحكومة الحالية، لأن قانون الانتخاب يجب أن يتم بالتفاهم بين الحكومة والمجلس النيابي.
وقد يجد أكثر من طرف لبناني نفسه أمام القبول بتعويم الحكومة، لأن إجراء الانتخابات النيابية سيلزم ذلك. وإن لم تحصل هذه الانتخابات، سيرى المجلس نفسه أمام التمديد الذاتي السنوي، إلى حين حل الأزمة.
وذكرت مصادر الأمم المتحدة، أن تقرير الـ1559، سيتضمن لهجة قوية حول ضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية فوراً في لبنان، وعن أن عدم التمكّن من إجرائها حتى الآن وبعد نحو 5 أشهر على الفراغ في سدة الرئاسة، ونحو ثلاثة سنوات ونصف السنة على صدور القرار 1559، يشكل تراجعاً في العمل لتنفيذ القرار.
كما أن التقرير سيتناول كل العوامل الدولية والإقليمية والعربية التي كان لها أثرها في مسألة الانتخابات إن لناحية المبادرات التي تسهل إجرائها أو لناحية المعوّقات والعراقيل. وسيسجل مختلف التحركات التي تمت، حتى موعد صدوره، حيال الأزمة.
كذلك سيتحدث عن السلاح غير الشرعي وضرورة نزعه، ودعوته اللبنانيين إلى استكمال الحوار الداخلي الذي يحقق هذه الغاية، وسيتناول الأدوار الإقليمية في الموضوع.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.