8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

لارسن تلقى نصيحة دولية بالتريث حيال المؤتمر الدولي وكي مون يستغرب نتائج الاستثمار

قبل عشرة أيام على احالة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون تقريره النصف السنوي حول تنفيذ القرار 1559، الى مجلس الأمن الدولي في 21 نيسان الحالي، أظهرت الاتصالات الدولية الرفيعة المستوى والمشاورات، ان هناك نصيحة أسديت الى الموفد الخاص للأمين العام لمراقبة تنفيذ القرار، تيري ـ رود لارسن، بضرورة التريث في العمل لتحقيق فكرة انعقاد مؤتمر أو اجتماع دولي حول لبنان يبحث أزمته ويضع الحلول لها، ويسعى لتطبيقها.
والفكرة كان طرحها لارسن عقب جولة له في الشرق الأوسط قبل أسابيع، في اطار اعداد تقرير الـ1559، واستطلاع المواقف حول المبادرات للحل في لبنان، والاتصالات التي سبقت القمة، وتلاها أخيراً استطلاع للمواقف والتحركات التي جاءت بعد القمة. وكل ذلك، سيضمنه تقريره المرتقب والذي سيتناول فيها شرحاً للوضع اللبناني لا سيما على مستوى اجراء الانتخابات الرئاسية وما يحوط بها من تداعيات ومؤثرات متنوعة وسيضع تصوره للحل خصوصاً وان هذه النقطة تأتي في صلب القرار 1559 والتي لم تنفذ بعد، اضافة الى موضوع حل سلاح الميليشيات ونزع السلاح غير الشرعي في لبنان.
وأكدت أوساط ديبلوماسية غربية بارزة، ان مختلف الدول الفاعلة التي استشارها لارسن في فكرته، حول المؤتمر أو الاجتماع الدولي حول لبنان على غرار الاجتماع الذي حصل على هامش مؤتمر "باريس ـ3" غير متحمسة لمثل هذا الخيار في الوقت الحاضر، وسجلت أصداء المواقف بضرورة التريث، حيث لا قرار حتى نهاية نيسان للسير بخيار محدد دون آخر، من دون ان يعني ذلك انه لن يتخذ قرار على الاطلاق في شأن لبنان ابتداء من شهر أيار المقبل.
واشنطن وباريس
ولخصت هذه الأوساط الموقف الأميركي حيال تطور الموقف في لبنان بالآتي:
ـ ان هناك ميلاً أكبر للجوء الى مجلس الأمن الدولي، لكن أي قرار فعلي لم يتخذ بعد في الموضوع ليتم التحرك على أساسه.
ـ ان هناك فترة انتظار أميركي يتخللها عدم الحسم في ما سيتم اتخاذه من قرار أو فعل ما حول التعامل مع الأزمة اللبنانية والحل الأفضل لاعتماده. والانتظار يتركز على العديد من الملفات الاقليمية والدولية وتطورها، كما على تطورات لها رابط لبناني ـ اقليمي.
وفي الوقت نفسه، لخصت هذه الأوساط، الموقف الفرنسي كما يلي:
ـ ترى باريس ان المبادرات التي طرحت لحل الأزمة في لبنان لم تنفع.
ـ تقول باريس ان المحكمة في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري لها دور مهم في ما ستعكسه من تداعيات ستؤثر في تطور الموقف في لبنان.
ـ ليس لدى باريس فكرة جازمة بالنسبة الى ضرورة ان يتدخل مجلس الأمن الدولي في هذه المرحلة حيال الأزمة اللبنانية أم لا، واذا كان سيتدخل كيف وبأي طريقة فاعلة ومجدية، وكيف يمكن تمرير المواقف والقرارات في ظل تركيبة مجلس الأمن الحالية غير السهلة، وهذا ما جسدته الاتصالات والمشاورات لاستصدار بيان رئاسي حول الـ1701 في الأيام الماضية.
ويتبين من خلال هذه المواقف، ومواقف دولية أخرى، ان لكل فريق او جهة دولية أو اقليمية حساباتها الاستراتيجية والداخلية، وان القاسم المشترك بين كل هذه الحسابات هو "الانتظار". وهذا "الانتظار" يُمثّل شبه تقاطع في المصالح الاقليمية ـ الدولية، لأن القضية ليست قضية تراجع في الزخم أو في عدم اكتشاف الخيار الأفضل للسير به، حيال الأزمة اللبنانية، بقدر ما هي قضية كيف يرى كل فريق مهتم، أو لديه مصلحة ما، مصالحه في المنطقة، ومستوى انعكاس رؤيته لهذه المصالح في لبنان وفي أوضاعه.
لكن مرحلة "الانتظار" لا تحمل معها بالنسبة الى أي جهة خارجية ادراكاً مسبقاً لتطور الأمور في المنطقة، وان كانت ترغب في أن تسير الظروف بحسب مصالحها. وأي تطور في المنطقة سيحدد معالم المرحلة المقبلة، لا سيما تأثيراتها في لبنان. والاطار العام، بالتالي ليس واضحاً، بالنسبة الى أي من اللاعبين الاقليميين والدوليين، ما ينعكس على لبنان بوجود اللاقرار الواضح حول اتجاه الأمور فيه، وأي منحى تسلكه التطورات في المنطقة ان تفاوضاً، أو حرباً، أو تعاملاً أميركاً جديداً بعد الانتخابات الرئاسية، أو قبلها ربما، ستكون له تبعاته الحتمية على لبنان.
وما يواجهه لبنان من مؤثرات وتداعيات، هي محور استغراب كي مون. واستغرابه يتناول مسائل عدة، أبرزها كيف ان لبنان يجسد كل الانعكاسات العامة الخارجية بكاملها، ولم يكن بالامكان أمام الأفرقاء في الداخل فصل أزمته عن أزمة المنطقة وأزمات العالم. كما ان كي مون لديه قلق حيال الوضع اللبناني الذي يرغب في ان يرى نتائج فيه على الأرض داعمة للاستقرار والأمن الحرية والسيادة، ووحدة الصف الوطني، ولا يجد ما يبرر الانقسام الحاصل ورهن المواقف بالخارج. وهو يستشعر ان مجلس الأمن الذي يتخذ قرارات حول لبنان، لا تطبق بالكامل وليس لها الموقع الحاسم فيه. ويستشعر أيضاً، وهو ما يشكل استغراباً كبيراً لديه كيف انه والأمم المتحدة يقومان باستثمار سياسي وشخصي من أجل لبنان واستقلاله وسيادته، ونتيجة هذا الاستثمار تبقى دونها علامات استفهام.
وهناك أيضاً قاسم مشترك في المواقف الدولية ـ الاقليمية حول لبنان، لهذه المرحلة، وهو في منع التصعيد الأمني، والاستمرار في بذل الجهد لابراز عوامل التهدئة الداخلية. ومنع التصعيد في لبنان يبدو انه حاجة اقليمية ـ دولية معاً، ريثما تجد معطيات جديدة قد تؤدي الى استقرار كامل وفعلي وانتخاب رئيس للجمهورية. ويساعد في ترسيخ منع التصعيد، أسباب متصلة: بوعي اللبنانيين لأهمية عدم العودة الى النزاعات المسلحة وأن لا مصلحة لأحد فيها، وبوأد احتمالات الفتنة المذهبية حيث لا مصلحة للمقاومة اللبنانية في أن تحقق أهداف اسرائيل بالتحول الي ميليشيا تشارك في الفتنة الداخلية. كذلك، ان خيار الانتخاب بالنصف زائدا واحدا لم يعد وارداً وقد دُفعت أثمان غالية وحياة غالية من أجل هذا الخيار.
كما ان انهيار الاقتصاد رويداً، يؤثر في السلم الأهلي بالمعنى الاقتصادي وليس السياسي. لذا هناك موافقة على الاجراءات التي تقوم بها الحكومة اذا ما كانت تطال كل اللبنانيين ومصالحهم وكل المناطق. ومن مصلحة الفريقين الحفاظ على السلم الأهلي وعدم ارهاق الاقتصاد، لأن العكس سيؤدي الى تخسيرهم لشعبيتهم لفقدان الأمل بحياة ومعيشة أفضل.
والأهم في الأسباب، ان العديد من الأفرقاء الاقليميين لا تناسبهم حرب موسعة أو ضيقة في لبنان، من غير أن تجزم الأوساط ما اذا كان الأمر يتضمن منع الاستهدافات والتفجيرات الأمنية للشخصيات.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00