لا تستطيع أكثر من مرجعية ديبلوماسية بارزة الجزم بمدى سهولة بحث لبنان والعرب موضوع العلاقات اللبنانية ـ السورية وتحسينها، والذي هو في صلب جدول أعمال الجولة العربية التي سيقوم بها رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة، وباتت معظم مواعيدها قيد التحديد النهائي.
كما أنه لا يمكن لهذه المرجعيات الجزم أيضاً بمستوى السهولة التي ستحيط بهذا الموضوع، ان جاء طرحه تحت عنوان آخر وهو الأزمة اللبنانية واستكمال النظر بإيجاد الحل لها بحيث هناك هامش أكبر للمباحثات نظراً الى تعلق هذه الأزمة بالشقين الداخلي والخارجي. على أن يكون إطار بحثه اجتماعات الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية لمتابعة الملف اللبناني من خلال استكمال متابعة المبادرة العربية لحل الأزمة وتكليف الأمين العام للجامعة عمرو موسى السعي الى تنفيذها، وبالتالي، من خلال استكمال الاجتماعات التي عقدتها الجامعة استثنائياً حول لبنان وحول المبادرة. على أنه ما من أدنى شك، إذا ما طرحت المسألة تحت العنوان الآخر، فإنها ستكون أسهل ان لناحية تسريع التفاهم على موعد للاجتماع، أو على جدول أعماله، بغض النظر عما قد يؤدي إليه من نتائج.
فالأزمة اللبنانية، وتلك اللبنانية ـ السورية، بات لهما طابع إقليمي وليس عربيا فحسب، وليس من السهل أمام الوزراء العرب إيجاد حل له، إضافة إلى ان لهما طابعاً دولياً. والطابع الإقليمي للأزمتين المترابطتين يعود إلى العاملين الإسرائيلي والإيراني وكذلك السوري. اما الطابع الدولي، فيعود إلى اهتمام الولايات المتحدة وفرنسا وروسيا وتركيا وغيرها بالملف اللبناني وتشعباته.
فيما يعود العامل السوري في الطابع الإقليمي إلى المحكمة الدولية في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري بالدرجة الأولى، وإلى الحلف السوري ـ الإيراني القائم.
الدول تدرك الحل
وبصرف النظر عن المحكمة التي باتت في أيدي مجلس الأمن والخارجة عن النطاق اللبناني، تجمع هذه المرجعيات، على انه من دون وجود قرار دولي ـ إقليمي بحل الأزمة اللبنانية، وبوجود السبل الناجعة لهذا الحل، فإنه من الصعوبة بمكان ان يستطيع وزراء الخارجية العرب ايصاله إلى الايجابيات المطلوبة. وكل القوى الدولية التي تعرفت جيداً إلى الملف اللبناني تدرك، تماماً مكامن الحل، ونقاط القوة في مساحة المناورة التي يقوم بها النظام السوري التي تجعله يتمسك بمواقفه أكثر.
ومن بين أسبابها الاطمئنان إلى بقائه بعدما جرى الطلب اليه تغيير سلوكه. كما ان الدول استبدلت مرحلياً الحرب على إيران بمنعها من تطوير سلاحها النووي بالطرق السلمية، وذلك بعد تجربة العراق ومحاذير اللجوء إلى حرب جديدة في المنطقة، ما يطرح جدية الاهتمامات بلبنان لحل أزمته ومستوى الزخم الذي يحيط بإلزام الجميع تحمّل مسؤولياتهم حيال الوضع اللبناني.
وفي إطار العلاقات الدولية ـ الإقليمية، يصبح ملف العلاقات اللبنانية ـ السورية وتحسينها، تفصيلاً لأن دخول العوامل الاقليمية والدولية والاسرائيلية إليها يساهم الى حد كبير في قيام عراقيل أمامها. ومن مصلحة اسرائيل وجود خلافات لبنانية داخلية وعربية داخلية، وأخرى بين لبنان والدول المجاورة له.
وتبعاً لذلك، ليس سهلاً أمام الاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب حل هذا الموضوع. فالعلاقات اللبنانية ـ السورية لها علاقة بالتوازنات الداخلية. وعدم التمكن من انتخاب الرئيس يتطلب تشغيل الدائرة الاقليمية والدولية الموسعة حول لبنان، نظراً الى وجود ثلاثة مواضيع ذات تأثير هي: الملف النووي الايراني، وهو متصل بمصير سلاح "حزب الله"، وبالتحالف الايراني ـ السوري، وبالسلام الاقليمي والعالمي. وسلاح الحزب، وهو بدوره مسألة لبنانية وسورية وايرانية، فضلاً عن تداعياته لناحية اسرائيل من جهة ولناحية الولايات المتحدة والمجتمع الدولي من جهة أخرى. ثم موضوع المحكمة في جريمة اغتيال الحريري. وهو موضوع لبناني وسوري ودولي. وفي سياق كل هذه المواضيع المترابطة بات لبنان ساحة نزاع دولي ـ اقليمي.
لا نتائج حاسمة
وتلفت هذه المرجعيات الى أن حصول الاجتماع الوزاري ممكن، إلا ان أي نتائج حاسمة منه قد لا تظهر لكن متابعة مثل هذه الاجتماعات خطوة بعد خطوة، قد تؤدي الى تليين المواقف وتدوير الزوايا وتهدئة المواقف. ومن شأن ذلك ان يشكل عاملاً إيجابياً ينعكس على المناخ الأمني، ويحد من حدوث انفجارات أمنية محدودة أو غير محدودة، في لبنان، وقد يمنع ذلك موقتاً ريثما تتضح معالم تطور الموقف الدولي ـ الاقليمي، وإيجاد الحلول.
وتؤكد ان القمة العربية المصغرة التي يتم التداول لعقدها، تأتي في إطار التحرّك العربي الديبلوماسي المطلوب للمساعدة في إعطاء أكبر فسحة ممكنة من الأمل، وفي عرقلة الشحن السياسي والهزات الأمنية.
ودائماً، تؤدي الحركة الديبلوماسية على كل المستويات إن عبر القمة المصغرة أو الاجتماع الوزاري، دوراً في إطفاء النار، وتخفيف التوتر، وتكون لها أصداء إيجابية على الحالة السياسية والأمنية. كما تكمن مؤثرات ذلك في إضفاء الطابع الايجابي على "الستاتيكو" اللبناني المتوقع، بدلاً من أن يكون طابعه سلبياً تتراجع معه عوامل الاستقرار والتهدئة.
وتتضاعف أهمية وجود الأدوار المتصلة بالتهدئة والاستقرار اللبناني، مع بدء العد العكسي لعمل المحكمة فعلياً، وفي أي تحرك سياسي وديبلوماسي في اتجاه العلاقات اللبنانية ـ السورية، وعلى أي مستوى كان، يساعد في تخفيف الاحتقان وردود الفعل على الأرض. وقد حصلت مبادرات ومساع عربية تزامنت مع انطلاقة عمل لجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال الحريري، وغيرها مع التقدم في مسار التحقيق، ساهمت في التهدئة بين البلدين. والاجتماع المرتقب للجامعة مع ما سيستتبعه، سيصب في هذا الاطار على أي مستوى كان وتحت أي عنوان.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.