ثلاثة أسئلة يمكن أن تطرح بالتزامن مع المشاورات اللبنانية ـ العربية حول الطلب اللبناني عقد اجتماع للجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية لبحث موضوع تحسين العلاقات اللبنانية ـ السورية، على الأهمية البالغة لمثل هذا الهدف.
والأسئلة هي:
ـ ما امكانات نجاح فكرة عقد اجتماع لهذه الغاية في ظل الظروف الشائكة التي تحيط بهذا الملف؟
ـ هل سيكون ضرورياً أمام انجاح هذا الموضوع تهيئة الأجواء العربية الداخلية تماماً كما هي الحاجة الى إنجاح المبادرة العربية للحل في لبنان؟
ـ ما هي المسائل التي قد يصطدم بها التوصل الى نتيجة في هذا الموضوع، هذا اذا لم تقف أي دولة حائلاً دون عقده ولم تكن لديها مشكلة في حصول الاجتماع؟
تؤكد أوساط ديبلوماسية عربية واسعة الاطلاع، ان تحويل هذا الطلب من فكرة الى واقع يحتاج الى التمهيد له بالاتصالات العربية غير الرسمية والجانبية البعيدة عن الأضواء، وصولاً الى انضاج توجيه الدعوة الرسمية الى كل الدول الأعضاء لعقد هذا الاجتماع، وهذا المسعى هو حالياً محور التشاور الديبلوماسي العربي على أكثر من مستوى. كما ان هذه المسألة ستكون في صلب جدول أعمال مباحثات رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة، في جولته العربية المرتقبة والموسعة.
وتهدف الجولة استناداً الى الأوساط، الى تبادل وجهات النظر حول آفاق المرحلة المقبلة، في ضوء ما كشفته القمة وعكسته من عمق الخلافات العربية وأبرز أسبابها العراقيل في وجه الحل في لبنان. لكن ذلك يستتبع من لبنان ويحفزه أكثر من أي وقت مضى على مزيد من التحرك لاستمزاج آراء الدول العربية حول طبيعة العمل ما بعد القمة، وما هي الطروحات الأنجع للوضع اللبناني.
وتشير الأوساط الى ان مرحلة ما بعد التشاور اللبناني ـ العربي حول الاجتماع الخاص لبحث العلاقات اللبنانية ـ السورية، ستستكمل بتحرك لموفدين عرب الى كل من بيروت ودمشق، والى عواصم عربية ترغب في ان تؤدي دوراً ايجابياً في الموضوع. ومن المهم الانتباه الى ان سوريا ترأس القمة العربية لسنة كاملة، أي حتى نهاية آذار 2009، وبالتالي ستكون كل الاجتماعات العربية غير العادية تابعة لرئاسة القمة باستثناء الدورتين العاديتين للجامعة في آذار وأيلول. وتبعاً لذلك، لدى دمشق هامش في التحرك حيال أي مطلب عربي لعقد اجتماع، خصوصاً اذا ما كان متصلاً بمسألة حساسة لدى سوريا وهي تحسين العلاقات مع لبنان. وستكون الدعوة الى الاجتماع وتحضيرات جدول اعماله نتيجة جهد عربي كبير، كما ان الاجتماع سيجر الى اجتماعات أخرى تابعة له، وقد لا يكون محصوراً بجلسة واحدة.
وتفيد الأوساط بأن ليس هناك جديدا في ما سيقوله السنيورة في دول عربية محددة لاسيما في المملكة العربية السعودية ومصر والأردن والبحرين، وما تعرفه هذه الدول وتدركه حول الوضع اللبناني، لكن ربما سيحصل نقاش وحوار في دول عربية اخرى مثل الجزائر وسلطنة عمان وقطر والامارات العربية المتحدة، خصوصاً اذا كان لدى هذه الدول القريبة من دمشق جدية في القيام بدور وسيط ومسهل لعقد الاجتماع الوزاري. وعلى هذه الدول، تزعّم حركة من هذا النوع بين البلدين، وان تمثل بدورها المحرك الأساسي للتأثير في انجاح الاجتماع، وذلك من خلال طرح كل المواضيع التي تتسبب بسوء التفاهم بين لبنان وسوريا، وبتوتر العلاقات. وبعد المواقف التي أدلت بها كل من السعودية ومصر والأردن والتي أكدت ان لبنان مغلوب على أمره، من الصعب ان تقوم هذه الدول بدور الوساطة.
لكن حتى أمام الدول القادرة على ان تكون وسيطة في ظل الظرف الراهن مع دمشق، فإن دورها قد يكون في خطر في مرحلة لاحقة، اذا ما حاولت وضع النقاط على الحروف لدى حصول عرقلة او تعثر في نجاح الخطوات المطلوبة.
ولا تتوقع الاوساط ان تقوم دمشق بعرقلة انعقاد الاجتماع، لكنها في الوقت نفسه، تتحدث عن محاذير من شأنها ربط ملف العلاقات وتحسينها بالوضع الداخلي اللبناني، وخصوصاً بطرح تشكيل حكومة وحدة وطنية وتنفيذ هذا الطرح، ما يؤدي الى العودة الى الصفر في البحث، ولو ان هناك توقعاً بأن تبدي دمشق موقفاً ايجابياً واستعداداً لترسيم الحدود واقامة العلاقات الديبلوماسية، لكن ربط كل تحسن بتفاهم كل الأطراف اللبنانيين حيال الحكومة الجديدة، يُدخل العرب مجدداً في المتاهات اللبنانية، لأنه يحمل في طياته محاولة لوضع المسؤولية على لبنان في عدم توصل فكرة تحسين العلاقات الى نتيجة ايجابية. هذا اذا لم يتم وضع شروط لبحث هذا الموضوع خلال الاجتماع الوزاري قد يكون من بينها اعادة تفعيل الاتفاقات الثنائية الموقعة بين البلدين خلال مدة 30 عاماً لوجود القوات السورية في لبنان. كما ان ذلك قد يتطور ليلامس الشروط ذات الطابع الأوسع منها ما هو اقليمي وآخر دولي ومنها ما هو ذو ابعاد متصلة بعودة النفوذ الى لبنان، أو بالمحكمة في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.