8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

التلاعب بالمقررات حول لبنان غير ممكن وفشلها يغطّي أي عدوان إسرائيلي

ما هو أبعد من المشاورات العربية التي تتكثف حالياً حول جدول أعمال القمّة العربية التي ستنعقد في دمشق في 29 و30 آذار الحالي، وحول صياغة مقرراتها، السمة التي سيتصف بها الصف العربي بعد القمّة، وما إذا كانت هذه القمّة ستضع حداً للشرخ الحاصل بين العرب، أم انها ستؤدي إلى زيادة الانقسام. مع ما لهذين الاحتمالين من امتدادات دولية مؤثرة.
وتمر هذه المسألة حتماً بالحل في لبنان وفق المبادرة العربية المطروحة، وعما إذا كانت دمشق ستتعاون ايجاباً لتسهيل هذا الحل. كما تمر بالاجابة السورية عن علامات استفهام عربية، تجري اتصالات لكي تكون مطروحة بجدية على بساط البحث في القمّة، وتتناول الدور الذي تؤديه دمشق لا سيما في ضوء مساهمتها الفعلية في دخول النفوذ الإيراني إلى المنطقة العربية، حيث شكلت جسر عبور لطهران للتعامل مع الشأن العربي وأحياناً بكافة تفاصيله. كما تتناول استناداً إلى مصادر ديبلوماسية عربية واسعة الاطلاع، مصلحة سوريا في ان تبتعد عن العرب، والمدى الذي ستصل إليه في ذلك.
النجاح الجوهري هو الأساس
ولاحظت المصادر، ان دمشق تبدو حريصة على إنجاح القمّة، بعدما ترك لها العرب أمر موعدها ومكانها آملين ان يكون التمثيل على مستوى القادة، إذا ما جرى تطبيق المبادرة العربية للحل في لبنان، والتي تبلور ذلك نتائج جلسة الخامس والعشرين من الشهر الجاري النيابية المحددة للانتخاب. إلا أن دمشق التي تعتبر انه لمجرد الإبقاء على انعقادها من دون تغيير أو تعديل، هو نقطة قوة لديها.
إلا ان النجاح في الشكل لن يواكبه نجاح في المضمون ما لم تبرهن دمشق، التي هي تحت مراقبة دولية ومتابعة حثيثة لمواقفها، عن انها جزء من الحل في لبنان والمنطقة وليس جزءاً من المشكلة. ما يطرح إعادة التأكيد أن لا شيء تغير في المعادلة الدولية والعربية حيال دمشق، وإن أعطى العرب الاستمرار في انعقاد القمّة في موعدها ومشاركة من كل الدول غير واضحة المستوى وخصوصاً دول الثقل العربي، السعودية ومصر والأردن.
ولا تزال دمشق محاصرة دولياً، وعلاقتها بالمملكة العربية السعودية في أسوأ وضع، وان بعض الدول العربية التي رفضت اتخاذ موقف حيال القمّة، جاء بسبب تلاقي ردود فعل سلبية على ساحتها نتيجة لذلك. ولا تزال تربطها علاقات متوترة بالعديد من الدول العربية، وأخرى تتنافس معها سياسياً.
وتبعا لذلك، تشير المصادر، إلى ان المهم ما بعد القمّة، وما إذا كانت ستنتهي إلى تعميق الخلاقات ومزيد من شرذمة الصف العربي، أم تنتهي إلى وضع عربي متضامن ومتماسك. والوضع اللبناني يسير على وقع الترقّب لما سيحصل قبل القمّة، وردود الفعل الدولية على التصرّف أثناء القمّة وما بعدها. ما يفسّر اشتراط الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى وعداً بتحقيق اختراق ما في المبادرة قبل استئناف تحركه.
وهناك تعديل كبير على الاتصالات القائمة حالياً بين العرب عشية القمّة، لتدارك خطورة السلبيات إذا ما خرجت بها، واحتواء أي منحى على هذا الصعيد قبل حصوله. وأولى الايجابيات هي في الملف اللبناني وانتخاب رئيس الجمهورية، وبمجرد الاتفاق على السير بهذا الحل مع سوريا تكون الأمور قد حققت خطوة إلى الأمام، على صعيد حل الخلافات العربية العميقة، على ان أي سلبيات لا يمكن ان تطال المقررات حول لبنان وتعديل ثوابتها، خصوصاً في ظل وجود السعودية ومصر والأردن في القمّة، مهما كان عليه المستوى التمثيلي للبنان، بعد أسلوب ومضمون الدعوة إلى حضوره القمّة.
ضغوط ستتزايد
اما إذا لم تحقق القمّة ايجابيات على مستوى توحيد الصف العربي، تؤكد المصادر، ان دمشق ستتعرض لضغوط متزايدة دولياً، يواكبها ضغوط دولية في آن على الدول العربية المعتدلة والمحورية لإثبات موقفها أكثر، وسط مرحلة من شدّ الحبال تتوازى مع اتجاه في المنطقة لتحقيق توازن إسرائيلي ـ إيراني ـ تركي ليس لدى واشنطن مشكلة معه.
وأكثر ما يفيد الانقسام العربي، مصلحة إسرائيل. إذ ان استمرارها ومنذ الأسابيع الأخيرة بالتلويح بتوجيه ضربة إلى لبنان وتلويحها بمسؤولية سوريا عن قيام "حزب الله" بأي هجوم ضدها، ينتظر ظروفاً مؤاتية. وأفضل هذه الظروف هي الشرذمة العربية وعدم تحقيق القمّة نجاحاً جوهرياً، ما يشكل الغطاء العربي لقيام إسرائيل بأي هجوم في لبنان والمنطقة.
وقد نجحت السلطات الرسمية اللبنانية، في إزالة التوتر الداخلي بين صفوف اللبنانيين من جرّاء ضربة محتملة لإسرائيل، إلا انه يجب عدم الاستخفاف بالاشارات الإسرائيلية حول ان لا مشكلة لديها بفتح جبهات اخرى غير غزّة.
فالانقسام العربي يفيد إسرائيل، والمستوى التمثيلي في القمّة الذي يعالج المواقف الدقيقة إقليمياً غير واضح بالنسبة إلى مؤثراته الفعلية.
كما ان التهديد العربي بسحب المبادرة العربية للسلام من التداول، إذا ما استمرت إسرائيل في عدوانها على غزّة، إذا ما تحقق يؤدي في حدّ ذاته إلى إعطاء قوة دفع إضافية لإسرائيل لتنفيذ سياساتها.
وينعكس في الوقت نفسه على تعزيز الجماعات الأصولية في المنطقة ودورها، وعدم التخلي عن السلاح سبيلاً إلى التوصل إلى حقها.
وإذا لم تسهم القمّة في خطوة أولى في اتجاه التضامن العربي الفعلي، سيكون لبنان والمنطقة أمام مرحلة جديدة من الأشهر الصعبة، وسط احتمالات ان يكون الوضع الإقليمي مفتوحاً على كل التوقّعات نتيجة للضغوط الدولية التصعيدية، والضغوط المضادة لها.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00