بدت الآمال المعلقة على الدور الايراني مع دمشق لتسهيل انتخابات رئيس للجمهورية تنفيذاً للمبادرة العربية تتضاءل، بعد تمني سعودي برز من خلال اللقاء الذي جمع وزيري خارجية البلدين الأمير سعود الفيصل ومنوشهر متكي في القاهرة، للعب إيران دورا حيال هذا الموضوع لتمريره قبل القمة العربية.
ولم يكن التمني سعودياً فقط على إيران إنما أيضاً أميركي، وعبر القنوات الديبلوماسية، فقد أفادت مصادر ديبلوماسية عربية بارزة، ان لدى واشنطن رغبة في أن تقدم إيران نتائج على الأرض في المسألة اللبنانية، إلا أنه حتى الساعة لم تتمكن طهران من التأثير على دمشق في هذا الملف، الذي له في الاعتبارات السورية أبعاد أكثر دقة وحساسية ما يحمله بالنسبة إلى إيران وثوابتها في لبنان.
وبالتالي تشير كل المعطيات إلى أن جلسة 25 آذار الحالي المحددة لانتخاب الرئيس محفوفة بالمخاطر، على الرغم من وجود توجّه تتدارسه عواصم كبرى باحتمال حصول تحرّك ضاغط من موفدين دوليين في ذلك اليوم في مقر مجلس النواب في ساحة النجمة لإنجاز الاستحقاق بعد المواقف التي سجلتها كل من واشنطن وباريس خلال الساعات الماضية تعليقاً على تأجيل جلسة 11 الجاري، اللتين أعادتا رفع الصوت ضدّ إرجاء الانتخابات في رسالة تؤكد عدم استمرار المجتمع الدولي في السكوت انتظاراً للمساعي والمبادرات.
تهدئة حتى القمة
إلا أن المصادر أوضحت ان المسعى الإيراني تمكن من تحقيق حدّ معقول من التهدئة السياسية والاستقرار الأمني، خصوصاً من الآن وحتى انتهاء القمة العربية المقررة في 28 و29 الجاري، وساهم في إنجاح ذلك، رغبة دمشق في ألا يُسجل أي تصعيد على الأرض قد ينعكس سلباً على القمة، التي تم فك الرابط العربي بين حسم مكانها وموعدها، ونجاح المبادرة العربية حول لبنان. وبقي الرابط بين مستوى التمثيل ونجاح المبادرة.
وعلى الرغم من أن الضغوط الغربية على إيران لم تتراجع، إلا أن انعكاسات القرار الجديد الصادر عن مجلس الأمن بشأن ملفها النووي، أدت إلى إعطاء إيران فرصة أخرى للتعاون مدتها 90 يوماً، كما أن العقوبات التي تناولها القرار جاءت تحت المادة 41 من الفصل السابع التي تتصل بالحل السلمي، ولا تمت بصلة إلى العقوبات العسكرية. ما جعل العلاقات الأميركية ـ الإيرانية أقل تشنجاً من الفترة الماضية، وسمح للبلدين بتمرير رسائل متبادلة حول لبنان والعراق وفلسطين.
ويعني مضمون القرار، استناداً إلى المصادر، ان هناك استبعاداً لحصول ضربة تستهدف طهران قريباً ما دامت الفرصة المعطاة لها 90 يوماً، ما أدى إلى تخفيف التشنج في لبنان، من دون أن يوصل إلى تحقيق المبادرة العربية، الأمر الذي جعل الأطراف الداخليين يسعون لتثبيت إعادة تموضعهم إذا ما احتاج الوضع إلى إدارة أزمة في مرحلة ما بعد القمة.
وسيشكل الموقف الذي ستتخذه قيادة الرابع عشر من آذار يوم الجمعة المقبل، خارطة التحرك في اطار تعزيز المواقع، إذا ما فشلت المساعي لانتخاب الرئيس قبل القمة.
ولا تخفي المصادر الديبلوماسية الآثار التي قد تتركها نتائج الانتخابات الإيرانية المرتقبة على الموقف الرسمي الإيراني، خصوصاً إذا ما فاز تيار الاعتدال، إذ ان نظرة الرئيس السابق محمد خاتمي للبنان كبلد متمايز لتعايش الحضارات، تختلف عن النظرة المتشددة التي وضعت لبنان في مواجهة المجتمع الدولي. ولا بد بالتالي من قراءة نتائج هذه الانتخابات، وما يمكن أن يؤدي إليه فوز التيار المعتدل.
وفي ظل هذا الجو، تتجه الأنظار إلى مهمة الأمين العام لجامعة الدول العبية عمرو موسى المتجددة، وإمكان زيارته لبيروت قريباً لاستئناف تحركه لتطبيق المبادرة العربية، وهي كانت متوقعة نهاية الأسبوع الماضي أي قبل 11 الجاري.
موسى أكثر حذراً
وتكشف أوساط عربية واسعة الاطلاع ان موسى يتعامل مع موضوع عودته إلى لبنان بحذر أشد وبإلحاح أكبر، وأن لا مانع لديه لزيارة بيروت، إلا أنه يحتاج إلى وجود مقوّمات يجب أن يوفرها له الفرقاء اللبنانيون من خلال مواقفهم، لاسيما فريق المعارضة، لإحداث اختراق ما في تنفيذها، أو إعطائه بصيص أمل بإمكان حصول هذا الاختراق. وبات دوره مهماً، وأكثر من أي وقت مضى، خصوصاً ان الوضع اللبناني وإيجاد حل للأزمة، أمر ملح قبل القمة، وقبل جلسة 25 الجاري تحديداً، لأنها الفرصة الأخيرة قبل الاستحقاق العربي. وتبعاً لذلك، لن يأتي موسى هذه المرة لكي يسجل عدم تقدمه من جديد، وأن وجوده في لبنان مشروط بحصول اختراق ما، ولا يزال أمام موسى مزيد من الوقت لاتخاذ الموقف المناسب، إلا أن مبادرته في كل الأحوال ستستمر، ولا شيء في السياسة يمكن أن يتوقف أو يفشل.
ولفتت المصادر إلى أن دمشق تذرعت "بالموقف الغامض" للحكومة اللبنانية من مستوى المشاركة في القمة العربية، وعدم حسمها لأمرها، لتأخير توجه الدعوة للبنان، وكذلك في الإصرار على توجيهها إليه عبر الجامعة العربية، وليس عبر وفد رسمي على غرار طريقة توجيهها إلى الدول العربية الأخرى، وعلم ان توجيه دمشق الدعوة مباشرة إلى الحكومة، اشترط وجود ضمانة بأن لبنان سيتمثل برئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة في القمة، أو بوزير من الحكومة، ما يعني في هذا الشرط ولو بصورة غير مباشرة، اعتراف بالحكومة اللبنانية وأن لا مفر من ذلك.
وأكدت المصادر البارزة انه إذا لم يكن هناك قرار بتسهيل إجراء الانتخابات، فإن الدور الايراني مع دمشق يبقى غير مؤثر في هذا المجال.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.