8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

وجود المدمّرة مرتبط بالاستعدادات الرصدية وليس بالانتخابات الرئاسية

تتخذ الخطوة الأميركية بإرسال المدمّرة إلى قبالة الشاطئ اللبناني خارج المياه الاقليمية مساحة كبيرة من المشاورات والاتصالات الجارية على أكثر من مستوى داخلي واقليمي في إطار المتابعة الحثيثة لهذا التطوّر والتعرّف إلى خلفياته الحقيقية عن كثب وما يحمله من أبعاد، وما قد يستتبعه من خطوات أخرى ومداها.
وتتجه المعطيات لدى أكثر من مرجعية ديبلوماسية بارزة، إلى الإفادة أن عمق هذا التطوّر يحمل في طيّاته أبعاداً متصلة بالاستعدادات الدولية لدرء أي مخاطر قد تنجم عن تنفيذ "حزب الله" تهديداته بالانتقام من مقتل القيادي فيه عماد مغنية، ذلك أن إسرائيل والدول الغربية كافة تأخذ هذه التهديدات على محمل الجدّ، كما أجرت تل أبيب اتصالات في الأيام الأخيرة مع العواصم الفاعلة في العالم، لا سيما مع واشنطن والأوروبيين حول مسألة السبل الكفيلة بالتعامل مع أي عمل عسكري أو تفجيري محتمل يقوم به "حزب الله" تحقيقاً لما أدلى به اثر مقتل مغنية. وقد أبلغت إسرائيل هذه العواصم، استناداً إلى المعطيات، جهوزيتها للردّ على أي عمل أو حركة يقوم بها الحزب، في إطار يستهدفه في معقله بصورة قاسية. وتتخذ هذه المعطيات جدّية كاملة، في ضوء نيّة إسرائيل الكاملة التعويض عن عدم انتصارها في عدوان تموز 2006 على لبنان و"حزب الله"، باللجوء إلى ردّ أكثر قساوة من العدوان الماضي.
وبالتالي، تشير هذه المعطيات، إلى أن وجود المدمّرة ومعها عدد من البوارج، لا يمكن توظيفه في مجال الدفاع الأميركي عن حصول انتخابات رئاسية في لبنان، على أهمية الموضوع بالنسبة إلى واشنطن، كما أن هذا التطوّر لا يمكن توظيفه في إطار الضغط على سوريا على الرغم مما أعلن حول ذلك. فتهديد سوريا بضغوط، يمكن أن يتم عبر اللجوء إلى سلوك آخر، مثلاً على ذلك استهداف منشآت سورية بغارات وهمية أو واقعية، وليس عن طريق إرسال المدمّرة بهذه الطريقة.
وتبعاً لذلك، فإنّ أهمية وجود المدمّرة بالنسبة إلى الأميركيين في المنطقة التي تبعد عن حدود المياه الاقليمية اللبنانية نحو 45 كيلومتراً، يهدف إلى أن تأخذ لها مقعداً في الصف الأمامي في منطقة قد تشهد حدثاً كبيراً أو تطوّراً في حال حصول ردّ من "حزب الله" انتقاماً لاغتيال مغنية، إذ يمكنها أن تشاهد بأم العين عبر أجهزتها الردّ، وأن ترصد حصوله، وأن تقوم بدور استباقي في محاولة رصد أي عمل قبل وقوعه.
الأضواء على موقف الحزب
وتتسلط الأضواء الدولية في هذه الأثناء، على الموقف الذي سيتخذه "حزب الله"، وسط احتمالين: إما أن يتراجع عملياً عن تهديداته، بحيث تشكل الاستعدادات الإسرائيلية ـ الدولية وحجمها ومداها وما يتم التلويح بما قد ينتج عنها من تدمير، عاملاً لتدارك الحزب الأمر، واحتساب أي خطوة أو حركة يقوم بها بدقة تامة، أو أن يكمل الحزب ما هدّد به بالنسبة إلى الردّ على اغتيال مغنية، ما يؤدي إلى إشعال المنطقة وليس الموقف بين لبنان وإسرائيل فحسب.
قلق سوري من تطوّر الموقف
وأوضحت مصادر غربية أن دولاً في المنطقة، لاسيما سوريا، تأخذ خلفيات وجود المدمّرة قبالة المياه الاقليمية اللبنانية بجدّية، وهي قلقة لهذه الغاية، بحيث أنه من غير المؤكد أن استهداف دمشق سيبقى بعيداً عن إطار أرض المعركة. وفي هذا المعنى، تتداخل الأهداف المعلنة لوجود المدمّرة بالنسبة إلى نفاذ الصبر من دمشق، مع الأهداف غير المعلنة على خلفية التحوّط الدولي من تنفيذ "حزب الله" تهديداته بالانتقام لمغنية.
وقد ركزت جولة رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود اولمرت على التعبئة ضدّ دمشق وطهران، إذ يعتبرهما خطراً يلزم محاربته، من أجل ردّ اعتبار إسرائيل بعد عدوان تموز، وإحراج دمشق وإضعافها وكسر نفوذها في المنطقة مباشرة، ما يؤدي بحسب التفكير الإسرائيلي إلى إخضاع دمشق وإجبارها على تحمّل مسؤولياتها، وتدمير المقوّمات التي تحاول إيران الاستناد إليها لبناء نفوذها في المنطقة العربية وتوسيعه.
وأشارت هذه المصادر إلى أن هناك معاودة للتشدّد الأميركي في التعامل مع حماية منجزات السياسة الأميركية في المنطقة، ولبنان ليس معزولاً عن هذا التوجّه. وفي الوقت نفسه، إن أي عمل وردّة فعل عليه يترجم في لبنان، ما يستدعي تيقظ المسؤولين والعمل لإبعاد المخاطر.
وما يساعد في تضافر الجهد الأميركي والتضامن مع تخوّف إسرائيل من الردّ المحتمل للحزب، هو أن الوقت الفاصل عن الانتخابات الرئاسية الأميركية في الرابع من تشرين الثاني المقبل بات داهماً، وأن معاودة واشنطن لتشدّدها حيال سوريا وإيران وضغوطها، سيزيد من ميلها إلى تحقيق مكاسب وانتصارات قبل انتهاء الإدارة الحالية، ما يؤشر إلى أنها لن تألو جهداً في الانتقال سريعاً إلى مرحلة المواجهة الفعلية إذا ما رأت ضرورة لذلك.
وأكدت المصادر أن الخطوة الأميركية حيال إرسال المدمّرة، ستستتبع بخطوات أخرى في وقت قريب، وقد يكون ذلك قبل القمة العربية. وحملت المعطيات الديبلوماسية إشارات زمنية تناولت المرحلة التي تلي الفصح لدى الطوائف الغربية.
يذكر أن المدمّرة هي جزء من الأسطول السادس الأميركي في المنطقة.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00