ثمّة محطتان سيعاد التأكيد الدولي من خلالهما على أولوية الانتخابات الرئاسية في لبنان، واستقرار الأوضاع السياسية والأمنية فيه.
الأولى، من خلال التقرير الذي سيحيله اليوم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون على مجلس الأمن الدولي حول مجريات تنفيذ القرار 1701 والذي سيناقشه المجلس في آذار المقبل ويتخذ الموقف المناسب من مضمونه والمرجح قبل القمّة العربية.
والثانية، من خلال التقرير النصف السنوي الدوري حول مجريات تنفيذ القرار 1559 والذي سيحيله الأمين العام للأمم المتحدة على مجلس الأمن منتصف نَيْسان المقبل أي بعد أيام على القمّة العربية مباشرة.
وعلى الرغم من ان أوساط بارزة في الأمم المتحدة، لا تتوقع ان يكون تقرير الأمين العام حول الـ1701 تصعيدياً، إلا انها أكدت انه سيحمل معطيات جديدة ومؤشرات متقدمة حول ما جرى تسجيله لدى دوائر المنظمة المعنية بإعداد التقرير، بشأن ملف رئاسة الجمهورية اللبنانية، والوضع اللبناني العام في كل تفاصيله وتطورات الموقف في ضوء المساعي والمبادرات الدولية ثم العربية لإيجاد الحل في لبنان.
وسيخلص التقرير إلى ملاحظات، تشمل أيضاً مفاصله المتصلة بوقف العداءات، وضرورات العمل مع كل الجهات الداخلية والخارجية بما فيها الإقليمية توصلا إلى وقف النار الشامل بين لبنان وإسرائيل، ومقومات هذا الهدف خصوصاً بتطبيق الفقرة الثامنة من القرار 1701. مع الإشارة إلى ان التقرير سيدعو إلى ضبط النفس والحفاظ على الأمن والسلم في الجنوب، وسيسجل ما صدر من مواقف تصعيدية بين إسرائيل و"حزب الله" في ظل اغتيال القياديّ في الحزب في دمشق عماد مغنية.
وسيتناول التقرير الإشادة بجهود الحكومة اللبنانية في استكمال السعي لتطبيق القرار، والدور الذي تقوم به في بسط سيطرتها وسلاحها الشرعي على كل ارضها.
كا سيؤكد التقرير، التعاون الكامل بين الجيش اللبناني، والقوة الدولية "اليونيفيل" لتنفيذ هذا القرار. وسيدعو إلى احترام دور هذه القوة وسلامتها وأمنها، بعد تسجيله لكل المواقف التي صدرت حول التهديدات أو الاستهدافات التي طالتها.
وسيتحدث عن وضع الخط الأزرق، ويدعو إسرائيل إلى وقف خروقها الجوية المستمرة لهذا الخط، الذي يعدّ خرقاً للقرار. كما سيتناول التقدم الذي حصل على صعيد النقاط السبع التي تتمسك بها الحكومة اللبنانية، ومنها قضية استعادة لبنان مزارع شبعا وقرية الغجر. ويسجل التقرير مطالبة لبنان بانسحاب إسرائيل من الغجر أسوة بمطالبته بمزارع شبعا وبسط الأمم المتحدة سيطرتها عليها تمهيداً لإعادتها إلى لبنان. وتتوقع الأوساط، ان يكون اللافت في التقرير، ان يلحظ تسليم إسرائيل خرائط القنابل العنقودية التي خلفتها وراءها لدى عدوانها في تموز 2006.
أما بشأن مزارع شبعا، فسيتحدث عن العملية التفاوضية الديبلوماسية الواجبة بين الأطراف المعنية لاستكمال التوصل إلى الحل الذي يطلبه لبنان، مع الإشارة إلى انه كانت جرت مطابقة خرائط المزارع على الأرض في الخريف الماضي، وان دمشق كانت لا تزال على موقفها الرافض تسليم خرائط هذه المنطقة. ويتناول التقرير موضوع مراقبة تهريب السلاح، ومسألة سلاح "حزب الله"، ومراقبة الحدود اللبنانية ـ السورية، وقد بدأ مشروع المراقبة الفعلي على الحدود الشمالية تمهيداً لتعميمه على الحدود البقاعية.
دمشق لم تستقبل الوفد الدولي ولاحظت مصادر غربية واسعة الاطلاع، ان هناك ازدياداً في تصلب الموقف السوري وتوسعاً. ولم يتجلّ ذلك في مسألة تسهيل الانتخابات الرئاسية، بل انسحب على العلاقة مع الأمم المتحدة في ما خص التشاور حول تنفيذ القرار 1701 بالكامل. وقد سبق انجاز التقرير جولة قام بها الى كل من لبنان واسرائيل الأسبوع الماضي، وفد رفيع من الأمم المتحدة برئاسة وكيلة الأمين العام لشؤون آسيا والشرق الأوسط ليزا بتنهايم. وهدفت الزيارة الى استطلاع موقف البلدين من تطور تنفيذ القرار، وتقديم افكار حول بعض العناصر في القرار، في اطار اعداده.
وكان مقررا ان تشمل الجولة أيضاً دمشق، لكن العاصمة السورية أبلغت المنظمة الدولية عدم رغبتها في استقبال الوفد، وانها لا تريد الكلام حول ما يتصل بالقرار 1701. وأحيطت جولة الوفد بتكتم شديد لدواع أمنية.
مناسبة التقرير تبلور النوايا
أما على صعيد الاعداد لتقرير الـ1559، فإن هذا الأمر ينطوي على أهمية خاصة لكون ملف الرئاسة مرتبطا مباشرة على مستوى مجلس الأمن بمضمون هذا القرار، واذا كان لدى المجتمع الدولي من نية أو تحضيرات غير معلنة لمعالجة هذه المسألة في مرحلة ما بعد القمة، فإن مناسبة صدور التقرير، قد تكون ركيزة أساسية ومنطلقا لاتخاذ اي موقف في مجلس الأمن لدى مناقشته. والأمر يعتمد على الموقف الدولي والرؤيا الدولية من جهة، وعلى مضمون التقرير بحد ذاته من جهة أخرى، لكونه معنيا بالانتخابات ولكون المجتمع الدولي ينتظر حد القمة العربية ليبلور موقفاً جديداً حيالها.
وفي هذا الاطار وللاعداد للتقرير، بدأ المنسق الخاص للأمين العام لمراقبة تنفيذ القرار 1559 تيري ـ رود لارسن جولة في المنطقة. وأفادت الأوساط البارزة في الأمم المتحدة، ان جولته ترمي الى ما يلي:
ـ استطلاع الأفكار التي لدى قادة دول المنطقة حول الموضوع اللبناني وما آلت اليه المبادرة العربية، وما يمكن ان تؤدي اليه المساعي والاتصالات القائمة، ونسبة نجاح التحركات ونسبة فشلها في ضوء ردود الدول التي عليها تسهيل الحل. ذلك ان تقريره في نيسان يأتي مباشرة بعد القمة، وهو يرى ضرورة أن يكون على اطلاع كاف على الوضع وتقييم الدول للموقف في لبنان قبل القمة، ومدى تأثيرها في ان تكون عنصرا مسهلا أمام المبادرة العربية.
ـ مناقشة البدائل للحل في لبنان إذا لم يتمكن المجتمع العربي من ان ينجح في مبادرته، ثم دراسة ما يمكن ان يكون مقبولاً لدى هذه الدول من طروح جديدة حول الحل وما يكون مناسباً قبوله، طبعاً في مرحلة ما بعد القمة. وموضوع البدائل قضية مهمة من المفضل لدى الأمم المتحدة ان تحظى بغطاء عربي اذا ما تقرر اعتمادها.
ـ طلَبَ كي مون من لارسن، ان يُظهر في محادثاته في المنطقة، دوراً ايجابياً للأمم المتحدة في الحل للأزمة اللبنانية. وأي نقاش يقوم به سينطلق من هذا الدور وفي ضوء التوقعات والنتائج.
ولم تتبلغ بيروت حتى الساعة اذا كانت جولة لارسن في المنطقة ستشمل لبنان.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.