الدور السعودي المتمايز في سبيل لبنان واستقراره وإيجاد الحل الأفضل لمعضلة الرئاسة فيه، يتكرّس في صلب الجهود والمساعي العربية والدولية القائمة لإنجاح المبادرة العربية في أسرع وقت ممكن. ويأتي في هذا الاطار، النداء الذي وجهه وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل، إثر جولته العربية ـ الدولية الأخيرة، الى كل الأطراف للمساعدة على تنفيذ المبادرة وتسهيل الاستحقاق الرئاسي اللبناني.
ويؤكد مصدر ديبلوماسي عربي بارز، ان جولة الفيصل الدولية ركزت في الموضوع اللبناني على جملة مقومات، يجب أن تتوافر في أي تحرك مرتقب حول لبنان، وهي:
ـ ضرورة أن يكون للمجتمعين العربي والدولي رسالة واضحة وواحدة في الموقف الذي يتم توجيهه، بالنسبة الى الموضوع اللبناني. على أن تعبّر الرسالة عن لغة واحدة وصوت واحد، بغية أن يجسد الأمر ضغطاً موحداً على معرقلي الحل في لبنان، وشداً لأواصر العمل العربي ـ الدولي المشترك في هذا الشأن، بعد حصول مستجدات في مواقف أوروبية وأخرى عربية حملت إشارات غير تضامنية تتخذ أشكال الإعداد لأحلاف جديدة فضلاً عن الاشارات المتناقضة حيال العراقيل تارة، وحيال سبل الحل، وحيال المطلوب، لا سيما في هذه المرحلة بعيداً عن التأرجح، وبهدف أن تكون كل المواقف متقاربة من أجل النتيجة الفضلى التي يفترض تأمينها.
ويندرج ذلك في إطار الضغوط المطلوبة، مع بدء العد العكسي للإعداد للقمة العربية والتلازم بين مصيري الرئاسة وإنجاح القمة من جهة، والتفكير بالبديل في حال فشلت القمة في أن تشكل أداة ضغط لتسهيل دمشق تطبيق المبادرة العربية، انطلاقاً من أن الوضع في لبنان لن يُترك في مهب الريح وليس هناك من تخلٍ أو تلكؤ عربي ـ دولي في الالتزامات تجاهه.
جذب روسيا الى المواقف الخليجية
وفي هذا السياق، تناولت المباحثات بين الفيصل والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ضرورات التقارب السعودي ـ الروسي، والروسي ـ الخليجي، والتوافق الذي جرى في وجهات النظر حيال لبنان والعراق، بين السعودية وروسيا، يؤكد تجاوب روسيا مع الاهتمام السعودي في هذا الشأن. وسيتبلور الأمر في وقت لاحق من خلال مفاعيل اتفاقية التعاون الثنائي التي وقعها الفيصل في موسكو، ما قد يدل الى أن هناك مصالح سعودية ـ روسية في هذا التقارب لخلق علاقات مميزة روسية مع الخليج، تضاهي العلاقات الروسية مع الحلف الايراني ـ السوري. ما ينعكس في قوة الدفع في الموقف الدولي بكسب الموقف الروسي، خصوصاً حيال لبنان، وقد أُبلغت أكثر من عاصمة خليجية، ان موقف روسيا واضح وثابت حول لبنان، خصوصاً لجهة دعم المبادرة العربية، وانتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية في أسرع وقت ممكن. وهو موقف يتطابق مع موقف المملكة، ولن يتغير من جرّاء اضطرار موسكو لإجراء بعض التعديلات على مواقفها وسياساتها الخارجية في ضوء قضية استقلال إقليم كوسوفو التي تعارضها، ويهمها أيضاً أن يبقى الموقف في لبنان تحت السيطرة، في انتظار إرساء الحل والتفاهم عليه، وألا يتطور سلباً في اتجاه الخطر الكبير. وليس من المتوقع تغييراً في السياسة الروسية الخارجية لا سيما مع توقع فوز حزب بوتين في الانتخابات الرئاسية في مطلع آذار المقبل.
وفي هذا السياق أيضاً، جرى التفاهم بين الفيصل والدول الأوروبية التي زارها على ضرورة تماسك الموقف العربي ـ الأوروبي تجاه الوضع اللبناني، بعدما تضمنته بعض الزيارات الأوروبية الى دمشق والمنطقة من مواقف قد تكون غير منسجمة مع الموقف العربي ـ الدولي المطلوب والذي يتم الحرص على استمراره.
تشجيع التمويل عبر ضمانات اللامساومة
ـ سعى الفيصل الى التشديد على أهمية تسريع انطلاقة المحكمة الخاصة في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري والجرائم الارهابية الأخرى ذات الصلة، وقد تم التحفيز في اتجاه تسديد المساهمات المالية لصندوقها. والتزمت روسيا بتمويل المحكمة، وعلى الرغم من عدم تحديد المبلغ بعد، لكن بالنسبة الى روسيا فإن مجرد المساهمة، ومهما كان المبلغ فهو يؤشر الى رمزية الموقف الداعم لعمل المحكمة وحياديتها ونزاهتها. وجاءت جولة الفيصل بالتزامن مع إعلان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في الذكرى الثالثة لاستشهاد الحريري اكتمال العناصر المطلوبة لانطلاقة المحكمة. وقد تم التفاهم والتشديد على استكمال تسديد المساهمات الدولية، وعلى أن المحكمة لن تكون عرضة للمساومة. أو لتغيير مسارها، وان ذلك يشكل مصدر طمأنينة للدول التي ترغب في التمويل، والتي أرسلت إشارات عن التردد في الدفع إذا ما كان هناك من مساومة أو تأخير في بدء عملها.
ـ حرص الفيصل خلال جولته على تعزيز الدعم الدولي للحكومة اللبنانية الشرعية والدستورية، وللاقتصاد اللبناني وللاستقرار في لبنان، وللجيش اللبناني، الذي يرمز الى وحدة البلاد والى الأمن والاستقرار في شتى المجالات.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.