8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

طروح موسى ستسير بين وقف تنازل للأكثرية ووضع حد للطلبات الإضافية للمعارضة

على الرغم من التعقيدات والصعوبات المستمرة في وجه الاستحقاق الرئاسي، لا يزال العديد من المعطيات الديبلوماسية يراهن على أن القمة العربية المقرر عقدها في دمشق في 28 و29 آذار المقبل، هي أداة ضغط ستسهم في إجراء الانتخابات إن لم يكن في الجلسة النيابية المحددة في 26 شباط الجاري، ففي جلسة أخرى قبل القمة.
ويرافق هذا الرهان تركيز عربي ـ دولي على البدائل في حال تعثر انتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان قبل القمة العربية. وإن بدأت مؤشرات البدائل تظهر من خلال قوة الدفع لإطلاق عمل المحكمة الخاصة بجريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه والجرائم الإرهابية الأخرى ذات الصلة، بنهاية هذا الشهر، مع العلم أن مسار المحكمة قانوني ومستقل عن أي تداعيات سياسية، لكن أمكن للدول المموّلة للمحكمة لدى طرح المبادرات حول الحل في لبنان، خصوصاً الفرنسية والعربية، أن تؤخر سداد مساهماتها المالية في صندوقها، على سبيل أولوية الملف الرئاسي اللبناني، علّ الأمر يشكل عاملاً تسهيلياً لإنجازه قبل إطلاق المحكمة.
المحكمة أهم أم الرئاسة المعطَلة؟
وهذه المؤشرات تأخذ في الاعتبار معادلة، أيهما أهم: المحكمة أم الرئاسة المعطَلة أو الرئاسة الموجودة ومعها القدرات والمقوّمات التعطيلية في الحكومة والوزارات المطلوبة من فريق الأقلية المعارِضة. فالمجتمع الدولي الذي يصرّ على انتخابات رئاسية وعلى أهمية منع استمرار الفراغ في سدة الرئاسة الأولى، لا يريد في الوقت نفسه، مزيداً من التنازلات التي تحوِّل قوة الأكثرية واندفاعها الكبير للحفاظ على منجزات ثورة الاستقلال الثانية وعدم تراجعها أو قبولها بالتفريط بها، الى ضعف لمجرد حصول الاستحقاق الرئاسي فقط. وكانت الرسائل التي حملتها القاعدة الشعبية لثورة الاستقلال في الذكرى الثالثة لاستشهاد الحريري في أكثر من اتجاه داخلي وعربي ودولي أبلغ دليل على عدم التهاون وعدم التراجع واستحالة اليأس، مقابل الحرب النفسية والاستهدافات الأمنية التي تواجه هذا المسار.
لذلك، لا تؤيد القاعدة الأكثرية مزيداً من التنازلات. وقد توقّف العديد من القراءات الدولية عند المعاني التي حملها هذا المستوى من التحرك، بحيث أكدت مصادر ديبلوماسية غربية بارزة أن كل مكوّنات هذه الذكرى وظروفها حفّزت الدول الفاعلة على تجديد التزامها لبنان السيادة والحرية والاستقلال والعدالة. وهي تؤيد إجراء الانتخاب من دون تنازلات أخرى، وضرورة الالتفات الى الثمن السياسي لهذه التنازلات، والانتباه الى حقيقة بعض التسويات المطروحة وخلفياتها.
تحريك القرارات الدولية وفي مقابل عدم التراجع، أو وضع حد للتنازل، هناك اتجاه لتحريك سلة متكاملة من الدعم الدولي للبنان ولحكومته وشعبه، في طليعتها بدء المحاكمة في جريمة الحريري والجرائم الأخرى، ثم تحريك الالتزام بالقرارات الدولية ذات الصلة بسيادة لبنان واستقلاله وتفعيلها، ولا سيما القرارات 1559 و1701 و1680، وزيادة قيمة الدعم الثنائي الذي يتلقاه لبنان من الولايات المتحدة وأوروبا في مختلف المجالات، خصوصاً في ما يتصل بتعزيز قدراته لضبط أمنه واستقراره. ثم تعزيز الزيارات الرسمية الدولية الرفيعة المستوى للبنان لأهداف التشاور السياسي، والمساعدة الاقتصادية.
وأفادت المصادر إن الإدارة الأميركية تسعى الى تحقيق هذه السلة وفي مقدمها إرساء عمل المحكمة وفاعليتها قبل الانتخابات الأميركية المرتقبة في الرابع من تشرين الثاني المقبل، وقبل أن يترك الرئيس جورج بوش البيت الأبيض أول سنة 2009. والوقت أمام ذلك، بات داهماً، والانتظار الأساسي أمام المجتمع الدولي والعربي، هو موعد القمة العربية، بحيث يتجسد الحل المرن من دون أن يتغير أو يتأثر بإنجازات الاستقلال أو يتراجع ويتنازل. وأهم هدف من التفعيل القريب للمحكمة هو العدالة ووضع حد للاغتيالات في لبنان، الذي يوقف بدوره التدخل السياسي في شؤونه.
ورأت المصادر أن زيارة الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى لبيروت نهاية هذا الأسبوع ستكون على جانب كبير من الأهمية، إذ أنه سيعمل على استكمال اللقاءات الرباعية التي اسهم في انعقادها في زياراته السابقة للبنان، في إطار تنفيذ المبادرة العربية، على الرغم من النتائج التي أفضت إليها هذه اللقاءات. وهناك مساع تبذل على أكثر من مستوى للتوصل الى حل عبر تعويم طرح العشرات الثلاث في الحكومة، لكن من دون وضع شروط إضافية من جانب المعارضة، خصوصاً ما يتعلق بالوزارات أو الحقائب الوزارية.
ويقوم موسى باتصالات ومشاورات تمهيدية لعودته، تتوازى مع الاتصالات التي تقوم بها السعودية ومصر لا سيما مع روسيا الاتحادية التي لم تتوانَ عن دورها الضاغط مع كل من إيران وسوريا لتمرير الاستحقاق الرئاسي اللبناني، وإيجاد الصيغ الضامنة لذلك قبل انعقاد القمة العربية. وحظوظ النجاح والفشل متساوية.
وأشارت المصادر الى أن المشاورات مع الدول الكبرى، نتج عنها تأييد لكل ما لا يجسد التنازل الإضافي من الأكثرية. ولفتت الى أن العملية السياسية التي ستحكم أعمال العهد الجديد في حال تم التفاهم على الانتخاب والحكومة، ستكون مؤثرة فقط على مدى نحو سنة وأربعة أشهر الى حين بلورة قانون جديد للانتخابات النيابية وإجرائها. وإجراء هذه الانتخابات يحتاج حتماً الى رئيس جديد للجمهورية وإلى حكومة جديدة ومنسجمة.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00