في الوقت الذي تبقى المبادرة العربية محور متابعة على المستوى الداخلي والعربي والدولي بغض النظر عما تم تحقيقه حتى الآن، تتجه الانظار إلى التحرك السعودي الذي يمكن وصفه بأنه تحرك مخصص لدعم لبنان بكامل مقوماته الدستورية والسيادية.
ويقوم بهذا التحرك وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل الذي بدأ جولة أوروبية ـ دولية تقوده إلى الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، لشرح ما آل إليه تطور الوضع اللبناني، ووضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته حيال لبنان واستقراره السياسي والأمني. ذلك، ان المرحلة التي يمر بها لبنان بالغة الدقة والحساسية، استناداً إلى مصادر ديبلوماسية عربية بارزة، بفعل تعثر المبادرات، وانعكاسات الانتظار الدولي للمبادرة العربية على الساحة الداخلية، وما يحمله الأمر من مخاطر وأثمان يتكبدها لبنان واللبنانيون نظراً إلى عدم التجاوب الذي تلقاه، من المعارضة والجهات الاقليمية التي تقف وراءها.
وتكشف المصادر ان الجولة الدولية التي يقوم بها الفيصل لتعزيز وتفعيل ما يسمّى "لوبينغ" حول دعم وضع لبنان المستقر والمزدهر، جاءت بعد ما أيقنت المملكة ان الملف اللبناني لا يزال يواجه تعقيدات كبيرة، وان الافق لحل هذه التعقيدات مقفل بالكامل، وان كل المحاولات مع دمشق لم تؤد إلى أي نتيجة. وآخر محاولة معها قبل أيام قليلة كانت مباشرة من المملكة عبر طريقة اتصال لم تحصل منذ ما قبل اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، في رغبة صادقة منها، للنظر في ما يمكن التفاهم عليه بالنسبة إلى الاستحقاق الرئاسي اللبناني، في إطار تنفيذ المبادرة العربية. وكذلك للنظر في ما يمكن التفاهم حوله بالنسبة إلى كسر الجليد في العلاقات السعودية ـ السورية، وإمكان ان يساهم كل ذلك بإنجاح القمة العربية التي ستنعقد في دمشق في 28 و29 آذار المقبل، على ان يكون المناخ العربي الجديد، الذي ستنتجه مجموعة هذه العناصر، حيث لا بد ان يكون لدمشق دور إيجابي في دفعها قدماً، تأثيراته على العلاقات العربية ـ السورية في مرحلة ما بعد القمة، وعلى بلورة دور عربي مساعِد ويتوسط لدمشق على المستوى الدولي.
نتائج
المحاولة سيئة
إلا انه بحسب المصادر، فالنتائج جاءت "سيئة" ما ترك انزعاجاً واستياء سعودياً. بحيث لم يتم التفاهم على أي نقطة من النقاط التي كانت هناك رغبة في الاتفاق عليها من جانب المملكة وتأكد لها مجدداً، ان لا تقدم في الأفق وان التصلب السوري مستمر، وان الوضع يدل على تدهور اضافي في ما يمكن ان تصل إليه الأمور، ان على صعيد الحل في لبنان، أو على صعيد العلاقات العربية ـ السورية، التي تشوبها مقاطعة سياسية شبه شاملة، وإن اتخذت أشكالاً متفاوتة في الأسلوب بين دولة عربية وأخرى. وهذا الوضع ينذر بسلبيات على مستوى النجاح الذي ستحققه القمة في التمثيل الذي لن يصل في غالبيته إلى حضور القادة أو حتى وزراء الخارجية، وفي الزخم الذي يمكن ان تكون عليه مقرراتها. في حين ان دمشق أرسلت رسائل حول ان مسألة القمة تهمها لكن لديها اهتمامات استراتيجية حيوية أكثر، وان أي دولة لا يمكن لها ان تغيّر مكانها ما دامت الدولة المضيفة لها تتمسك بعقدها على أراضيها، وانها لن تتأثر بأي مستوى تمثيلي تشهده القمة.
واثر هذا التطور، ناقش الفيصل مع مصر وفرنسا وبعض العواصم الدولية الفاعلة ما آل إليه الموقف السوري.
وسيستكمل نقاشاته مباشرة لدى وصوله إلى الدول التي تحتل قائمة جولته الحالية.
وهناك تنسيق سعودي ـ مصري ـ أوروبي حول ضرورة القيام بدعم تحرك الفيصل الخاص حول لبنان، بغية دعم حكومته وجيشه ومؤسساته الدستورية واستقراره وأمنه واقتصاده.
وبدأ ذلك، بالتزامن مع الإعلان عن الوديعة السعودية التي تبلغ مليار دولار في مصرف لبنان لدعم عملته الوطنية واستقراره النقدي وتعزيز اقتصاده.
تحرك الفيصل قبل الكلمة دولياً
ولاحظت المصادر ان التحرك السعودي لدعم لبنان، جاء في بداياته متزامناً مع وجود الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى في بيروت التي غادرها أول من أمس، معلناً ان التعثر سيؤثر في العلاقات العربية، ما يؤشر إلى ان موسى كان في أجواء التصلب السوري الذي تأكد استمراره.
ولاحظت ايضاً، ان تحرك الفيصل، يأتي في وقت من الانتظار الدولي للمبادرة العربية حتى موعد انتهاء القمة، بحيث ان هناك أفكاراً عديدة يتم تداولها حول التعامل مع الوضع اللبناني في حال لم يتم انتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان قبل القمة، إلا ان أي تحرك دولي لم ينضج بعد لا في المضمون ولا في الشكل والأسلوب. ويهدف التحرك السعودي أوروبياً ودولياً إلى حض الدول على ان تقوم بدور فاعل لمنع انهيار الدولة وسلطاتها الرسمية، وضرورة دعم الحكومة اللبنانية الشرعية والمنتخبة ديموقراطياً، والضغط في اتجاه ابعاد الاخطار عن لبنان، ريثما يتم اللجوء إلى تفاهم ما، أو دور دولي ما، إذا تعثّر تطبيق المبادرة العربية.
ومن المقرر ان تكون نتائج جولة الفيصل محور مشاورات مع واشنطن وباريس، ما يساعد في تكوين الأفكار المناسبة في التعامل مع الوضع في المرحلة اللاحقة.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.