8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

جولة مرتقبة لبوش في المنطقة وتعديلات داخلية من شأنها إدارة الأزمات

أجمعت المعطيات لدى مصادر ديبلوماسية متنوعة، على أن قراءة نتائج التقرير الذي تعده قيادة الجيش اللبناني حول حيثيات أحداث الأحد الأسود، وظروفه وتفاصيله من فريق المعارضة ترتبط بالموقف السياسي في المستقبل القريب، الذي ستتخذه في مرحلة ما بعد صدور هذا التقرير.
ذلك، أنه في حال تم تطويق ذيول التطورات وجرى تفاهم حول التهدئة وتوقفت الاعتداءات التي تطال يومياً مواقع للجيش، وعلى عودة، أكثر سهولة، للأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، فإنه يعني، أن إعطاء المجال أمام الحد الزمني وهو القمة العربية لإنجاح المبادرة العربية، سيمر بطريقة أقل ضرراً على البلاد.
أما إذا استعملت نتائج التقرير مهما كانت، بطريقة تهدف الى أن تكون عامل تصعيد وتوتر خلال هذه المرحلة، فعندئذٍ ستكون الأجواء غير مطمئنة. كما أن ذلك يدل على أن البحث في الحل عبر المبادرة العربية، سيعود الى نقطة الصفر، خصوصاً، إذا ما لعبت المعارضة ورقة استبدال المرشح الحالي للرئاسة حيث الإجماع العربي والدولي فضلاً عن الداخلي حوله وهو قائد الجيش العماد ميشال سليمان بمرشح آخر. وبالتالي، إن استكمال السعي الى تسوية في تشكيلة الحكومة الجديدة، سيتعرقل، بسبب العودة مجدداً الى البحث عن اسم الرئيس التوافقي الجديد، ما يؤدي الى إضاعة المزيد من الوقت، الذي هو أصلاً يدور في انسداد الأفق الاقليمي ـ الدولي، والتشدد الأميركي ـ الإيراني، والتجاذبات الحاصلة في إطاره، والتي تطال هذه المرة ليس فقط لبنان، إنما أيضاً الموقف العربي من الأزمة الأميركية ـ الإيرانية.
ومع شبه التأكيد، من أن موعد الحادي عشر من شهر شباط الحالي لن يحقق انتخاب سليمان رئيساً، فإن هناك دولاً لا تزال تراهن على الوقت الفاصل عن القمة العربية في 29 آذار في دمشق وإمكان التفاهم على تحديد موعد جديد للانتخاب في ضوء الأفكار التي سيطرحها موسى في بيروت بالنسبة الى الأرقام والأعداد للحكومة المتوازنة والوطنية.
الأرقام خلاف ظاهري لما هو أكبر
وفي كل الأحوال، فإن الأرقام مسألة خلافية ظاهرية، تخفي وراءها الارتباط الوثيق بين الموضوع اللبناني، والموضوع الدولي ـ الاقليمي، حيث التشدد الأميركي ـ الإيراني، كما تقول الأوساط الديبلوماسية، وحيث أن تطور الموقف في لبنان يسير على وقع هذا التشدد، الذي أقحم ملفه فيه وبات يخضع لتداعياته. والتشدد مرشح لمزيد من الضغوط والضغوط المتبادلة بين الطرفين الاقليمي والدولي، اللذين يقوم كل منهما على حدة بانفتاح أكبر مع العرب لاستقطاب موقفهم إزاء التعامل مع الحدث المرتقب في شهر أيار المقبل، حيث إعلان إيران عن اكتمال البرنامج الذي يمكنها من توليد الطاقة النووية، ويقابله تهديدات إسرائيلية بالقيام بضربة عسكرية على إيران تمنع تفوقها التكنولوجي. ويتزامن هذا الجو، مع البحث الدولي الجدي بفرض عقوبات على إيران في مجلس الأمن بعد نحو شهر.
وتلاحظ الأوساط، أن هناك انفتاحاً إيرانياً على دول الخليج ومصر حصل أخيراً. وتهدف إيران من ورائه الى محاولة تطويق الضغوط الدولية عليها، بمواقف عربية متقاربة معها، على أساس أن ملفها النووي هو لأغراض سلمية، ما يُضعف حجة من يعارضها ويخوض معها معركة ملفها النووي. وقد يكون هذا التقارب مفيداً للملف اللبناني بصورة موضوعية وحصرية، لأنه قد يشكل عامل تهدئة، يؤدي الى تطويق بعض الإشكالات في لبنان والتخفيف من حدة التوترات القائمة ولو مرحلياً. فوضعت إيران الإطار العام للعمل مع سوريا حيال لبنان، وابتعدت هي عن ملفه الداخلي تكتيكياً، لكي لا يشوّش هذا التدخل على سلوكها الجديد في اتجاه الدول العربية والإسلامية، لبناء علاقات ممتازة معها.
وفي هذا الوقت، ساهم القلق، لدى بعض الدول الخليجية من تداعيات تطور الموقف سلباً بين الولايات المتحدة وإيران، ومن عدم قدرة الدولة العظمى على أن تحمي حلفاءها في المنطقة عملياً، في حال تصاعد النزاع، ساهم في تعزيز التكتل حول سوريا في اجتماع الجامعة العربية الأحد الماضي، ما أدى الى تقوية موقف المعارضة في الداخل، بعد انقسام الجامعة حيال تبني تفسير موسى للمبادرة العربية. وستندفع هذه القوة ضمن الإطار الموضوع إيرانياً، والذي سيتم الحفاظ فيه على الخطوط العامة المقبولة من إيران، في الممارسات التي ستؤديها المعارضة في السياسة وعلى الأرض.
وستحاول إيران في تقاربها مع العرب، منع إنجاز الولايات المتحدة اتفاق سلام نهائياً بين الفلسطينيين وإسرائيل قبل انتهاء ولاية الرئيس الأميركي جورج بوش.
لكن في المقابل، كشفت الأوساط، أن بوش سيقوم بجولة جديدة له في الشرق الأوسط والخليج قد تتم في شهر نيسان المقبل، والمرجحة في نهايته، وتسبقه الى المنطقة وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس، سعياً الى رصّ الصفوف، ودعم الحزب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، والتشجيع على اتفاق السلام بين الفلسطينيين، ومن الآن وحتى أيار، هناك اتجاه لدى الإدارة الأميركية، لإجراء تغييرات في بعض المناصب على صعيد وزارة الخارجية، وإجراء تعديلات في صلاحيات بعض المسؤولين في مجلس الأمن القومي وسبل التنسيق مع فريق في البيت الأبيض، خصوصاً نائب الرئيس ديك تشيني. وتحدثت الأوساط عن تفضيل الإدارة اللجوء الى السياسة التي تدير الأزمة في المنطقة ولبنان في الوقت الراهن، وليس المنحى التصعيدي، آخذة في الاعتبار دراسة مستوى ومكامن القوة والضعف على الأرض لدى حلفاء الولايات المتحدة. بحيث أن إدارة الأزمة تأتي لتكون أسلوباً مانعاً للحل على حساب التوجه الأميركي. وتبقي الإدارة عبر هذا المنحى سبل التنسيق الوثيق قائماً مع الحلفاء في شتى الميادين في المنطقة.
هل ينسجم تسلم سيسون وهذا المنحى؟
وثمة اتجاه أن يحل السفير وليم بيرنز الذي بلغ السن القانونية، مجدداً في إدارة الشأن السياسي في دائرة الشرق الأوسط في الخارجية، محل نيكولاس بيرنز، كما أن هناك اتجاهاً لتعديل صلاحيات لدى جماعة الأمن القومي ورئيسه ايليوت ابرامز، والميل نحو النزعة الإدارية للأزمات أكثر من التحرك التصعيدي لحصول الحل في هذه المرحلة، تمهيداً للقرار الذي يتخذ في أيار، إذا ما أنجزت إيران اكتمال برنامجها وأعلنت فعلاً عن ذلك.
وفي سياق هذا الاتجاه، لا تستبعد الأوساط، أن يكون التعامل مع إرسال السفيرة الأميركية الجديدة في لبنان ميشال سيسون، الى بيروت لتسلم مهامها، منسجماً مع هذا المنحى، إذ أنها ستدلي بشهادتها أمام الكونغرس في وقت قريب، لكن قد لا تتسلم مهمتها قريباً. ذلك أن وجودها في السفارة بصفة قائم بالأعمال حيث لا رئيس للجمهورية تقدم اليه أوراق اعتمادها، قد لا يكون ضرورياً في هذا الوقت، وحيث أن في السفارة قائماً بالأعمال. وقد يكون وجودها ضرورياً من خلال فريق العمل الذي سينشأ بتوجه جديد في الخارجية، وتواكب من خلاله تطور الموقف في لبنان، وذلك في انتظار التطورات في المنطقة، وسيحسم العمل بهذا التوجه قريباً.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00