8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

موسى متردد لكنه سيستأنف تحركه وأبلغ شروطه الى القيادات

ثمة أسباب عديدة وراء شعور التردد الذي تولد لدى الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، حيال استئناف أي مسعى منتظر منه في لبنان، لتنفيذ المبادرة العربية، لا سيما بالنسبة الى التفاهم على تشكيلة حكومة الوحدة الوطنية، بعدما أناط اجتماع الجامعة الأحد الماضي به هذه المهمة.
على أن شعور التردد هذا، لن يثنيه عن القيام بالجهد والدور الذي كلفته به الجامعة، وهو بدأ، استناداً الى أوساط ديبلوماسية عربية بارزة، مشاورات واتصالات تمهيدية لزيارته بيروت، المتوقعة منتصف الأسبوع المقبل لترك تطور الموقف على المستويين السياسي والميداني يبرد بعد أحداث الأحد الأسود الأليمة.
وتفيد الأوساط الى أن عودة موسى المترددة تعود الى عوامل عدة أهمها:
الجديّة أهم الشروط
ـ إن موسى وضع شروطاً لعودته واستئناف مسعاه، من بينها التعامل بجدية مع المبادرة. وقد جرى إبلاغ هذه الشروط الى القيادات اللبنانية، خصوصاً تلك التي سجل في تقريره ما يدل على عدم تعاونها، وتلك التي اتهم، مباشرة في الجلسات المغلقة لاجتماع الجامعة الأحد الماضي كما تم تسريبه سوريا بأنها وراء عرقلة المبادرة لانتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية، وتشكيل حكومة متوازنة، تبحث لاحقاً في إصدار قانون جديد للانتخابات النيابية، لذلك، وعلى الرغم من إدراكه العميق للتعقيدات التي واجهت المبادرة، والأخرى الإضافية التي تواجهها بعد اجتماع الأحد، فإنه لا يمكن له عدم المجيء الى لبنان، لكن قبل ذلك يسعى للتأكد من أن القادة والفرقاء سيستمعون اليه. وسيصغون الى الأفكار التي سيطرحها ويأخذونها بالاعتبار. وإذا ما وجد أن الأجوبة تزيد من تردده، وأن التعامل مع زيارته المتوقعة ستؤثر بالنسبة اليه، أن لا انتظار لشروطه، او ان عليه استعمال وسائل ضغط ليجعل الدول المعرقلة تغير سلوكها، فإن زيارته في هذه الحالة، قد تكون عرضة لمزيد من التأجيل، ريثما تستكمل الاتصالات اللازمة، التي تتيح عودته.
ـ إن الأمين العام يدرك، أن مهمته صعبة للغاية. وتكمن صعوبتها عندما لم تتبنّ الجامعة الأحد، تفسيره، كما لم يصدر عنها أي تفسير للمبادرة خصوصاً حول تشكيلة الحكومة، لذلك إن التوافق الذي سيجريه مع الفرقاء، بحسب تكليف الجامعة له، سيعرض المبادرة للخطر ويزيد من الصعوبات التي تعترض إنجاز الاستحقاق الرئاسي، لأن الاجتماع لم يسهل على موسى التحرك المرتقب، ولم يوفر له مقومات ومكونات النجاح، وسط انسداد الأفق الاقليمي ـ الدولي، ومحاولات المعارضة القول إن الجامعة صوّبت تفسير موسى، وهو غير صحيح. إنما الأصح هو أن الجامعة انقسمت حول التفسير الموحد، وأن دمشق تمكنت من إقامة "لوبينغ" عربي داعم لنظرتها للمبادرة وتفسيرها لها تجسد في تكتل مواقف كل من قطر وسلطنة عمان، والجزائر، والسودان، وليبيا حول الموقف السوري.
تقدمه مرتبط بشطارته
ـ إن تقدم موسى في تحقيق اختراق ايجابي لتنفيذ المبادرة لدى عودته الى بيروت، يبدو مرتبطاً بشكل أساسي بحنكته الديبلوماسية وشطارته في المساعي التوفيقية بين الأكثرية والمعارضة، ومستوى الضمانات والتنازلات التي يمكن أن يحصل عليها، ومدى الالتزام بها. سيما وأنه بدأت تتضح لأكثر من مرجع سياسي وديبلوماسي أجوبة حول ما إذا وجدت المبادرة في الأساس لملء الفراغ والوقت الضائعين على مستوى الحسم الدولي ـ الاقليمي.
وتكشف الأوساط، أن ما نتج من مقررات في الجامعة حول المبادرة والأجواء التي عقّدت أولاً، وصول المسعى السعودي ـ المصري الى التطبيق، وثانياً وصول خطة موسى للحل الى التبني من الاجتماع، كانت محور تقييم غربي شامل، فضلاً عن تقييم الأوضاع اللبنانية على الأرض. وقد عاد ليبرز الى واجهة البحث عبر القنوات الديبلوماسية التوجه باللجوء الى مجلس الأمن الدولي، بعد مرحلة اللجوء الى انتظار المؤشرات لنتائج المبادرة العربية، والتوجه المتجدد يبدأ حالياً على المستوى الأوروبي، نظراً الى أن الدول الأوروبية وجدت ما يلي:
الوضع حمّل مخاطر كما لو تم التدويل
ـ إن الوضع اللبناني على الأرض حمّل خلال المرحلة القريبة الماضية مخاطر عديدة، كان هناك اتجاه دولي لتدارك حصولها، والحؤول دون انعكاسات سلبية على الأمن والاستقرار، من خلال استنفاد كل المساعي الأوروبية والعربية. لكن، جاءت النتائج، أن المبادرات تزامنت مع تعريض لبنان لأوضاع خطرة كما لو أن حصولها كان يمكن توقعه بعد اللجوء الى مجلس الأمن الدولي. وبالتالي، التوجه يقضي بعدم ترك الأمور الى ما لا نهاية في لبنان ومن دون رئيس للجمهورية، وثمة ضرورة ماسة لفرض أمر واقع لكي لا يتم تخريب الوضع أكثر.
ـ إن نتيجة الحل العربي المطروح، باتت واضحة أمام المجتمع الدولي، ولم يتمكن العرب من التأثير في الموقف السوري على الإطلاق. وعلى العكس من ذلك، فإن ما يحصل على الأرض، يؤكد للدول، بحسب الأوساط أن هناك هجمة سورية تحاول إعادة النفوذ الى لبنان، وإذا لم تستطع تحقيق ذلك بالكامل ستعتمد "كسب الوقت" لخلق تطورات أو مستجدات تعرقل الانتخاب وعودة النشاط الى المؤسسات الدستورية في الدولة، وبالتلهي بأمور متنوعة وضاغطة تزيد من الفرقة والخلافات. ما يؤثر في عرقلة تسليم السلطة الى الأكثرية وفقاً للنصوص الدستورية، إذا لم تتمكن من التسليم لبنانياً لها بالنفوذ والسلطة، حتى لو حصلت مؤثرات قاتلة، وتخريبية للبلد ولصيغته وكيانه.
ـ إن المبادرة العربية طرحت في الأساس ـ كما ترى الدول الأوروبية ـ آخذة في الاعتبار، الموقف السوري من الحل في لبنان.
وهذا يتجلى في العديد من العناصر التي نصّت عليها، وعلى الرغم من ذلك، لم ينجح الحل العربي، وعلى الدول تحمّل مسؤولياتها حيال منع لبنان من أن يتعرض الى مزيد من الخراب والفوضى، وذلك عبر الانتخابات الرئاسية الحتمية.
وتطرح الأوساط أكثر من علامة استفهام، حول الموقف الإيراني من تطور الوضع اللبناني والمخاطر المحتملة. فهل لدى إيران مصلحة في لبنان بلا رئيس مع احتمالات اندلاع الحوادث والفتن والفوضى؟ وهل إيران راضية عن حليفتها سوريا في ادائها بالنسبة الى الوضع اللبناني؟ وهل تركت إيران لسوريا كلياً التحكم بالموقف في لبنان، أم لا تزال لديها مصالح تريد الحفاظ عليها؟.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00