يناقش الاجتماع الاستثنائي لجامعة الدول العربية الذي ينعقد اليوم على مستوى وزراء الخارجية في مقر الجامعة في القاهرة، تقرير الأمين العام عمرو موسى حول نتائج مساعيه في كل من لبنان وسوريا لتنفيذ المبادرة العربية لحل الأزمة في لبنان.
وأفادت مصادر ديبلوماسية عربية بارزة، ان تقرير موسى الذي تسلمه وزراء الخارجية العرب مساء الخميس الماضي لدراسته ووضع الأفكار حول ما توصل إليه قبل اجتماع اليوم، لا يحمّل مسؤولية عدم إحراز المبادرة تقدماً لأي جهة بطريقة مباشرة، إنما سجل بالكامل ما دار في لقاءاته اللبنانية والسورية.
لذلك، فان عدم تحميل المسؤولية، يشكل في حدّ ذاته مجالاً جديداً وفرصة جديدة، أمام العمل الديبلوماسي لإيجاد السبيل الذي يكفل تطبيق المبادرة. إذ ان تلافي الخوض في تحميل المسؤولية بوضوح، يسهل على موسى وأكثر من وسيط عربي وغير عربي، التدخل مرة اخرى مع دمشق سعياً لتنفيذ المبادرة، بحيث ان الاتهام العلني والمباشر قد يؤدي إلى تعقيدات اضافية تنعكس سلباً على الحوار العربي ـ السوري القائم لتطبيقها. كما انه في القواعد الديبلوماسية التي يتبعها موسى، فان المرونة لا يستبعد ان تعطي نتائجها، خلافاً لرفع السقف في توصيف ما يحصل الذي قد لا يكون ناجعاً دائماً.
تجنب الاتهام يخفف التعقيدات
كذلك، ان تجنب دخول التقرير في الاتهام المباشر للعرقلة وتحميل مسؤوليتها لدولة أو جهة، يساعد، استناداً إلى المصادر، في تقدم الاتصالات العربية ـ العربية حول موضوع تنقية الأجواء بين الدول العربية وكسر الجليد في ما بينها، بهدف إنجاح المبادرة العربية حول لبنان والذي يعتبر إنجاحها الشرط الأساسي لإنجاح القمة العربية في دمشق نهاية آذار المقبل.
وكشفت المصادر، ان موسى سيعرض اليوم أمام الجامعة تصوره الخاص لما آلت إليه مساعيه في ضوء تقريره، ولمستقبل المبادرة العربية، ولتطوّر الموقف في لبنان.
كما انه سيعرض خطته للمرحلة الثانية من التحرّك العربي لتنفيذ المبادرة، وستتم مناقشتها مع الوزراء العرب، على ان ينتج عن مناقشتها مقررات من شأنها التأكيد على تفعيل المبادرة واللجوء إلى العديد من المواقف التفصيلية التي تدفع العمل العربي المشترك إلى الأمام لتطبيقها.
وكشفت أيضاً، انه من أجل استصدار مقررات يتولى مجدداً موسى التحرك لتفعيل المبادرة، جرت مشاورات سعودية ـ مصرية مكثّفة حول مسوّدة المقررات واتجاهاتها، وكان رئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة على علم بها من خلال زيارته إلى كل من مصر والمملكة. وقام موسى بمناقشة التوجه السعودي ـ المصري حول التحرّك المقبل في لقاءاته الجانبية التمهيدية لاجتماع اليوم، والتي عقدها مع العديد من الوزراء العرب على شكل لقاءات رباعية وخماسية مساء أمس شارك فيها وزير الخارجية السوري وليد المعلّم، بحيث يأتي الموقف السوري الإيجابي الفعلي منها، مكرّساً لاستصدارها اليوم في إطار مقررات الاجتماع، الذي سيصرّ على عدم رغبة العرب بترك الموقف قائماً في لبنان تحت الخطر السياسي والأمني، وانه لا بدّ من الاستمرار في المحاولة توصلاً إلى تفاهم اللبنانيين على تنفيذ المبادرة. ومن بين الافكار المطروحة، تعزيز تحرك موسى بوفد وزاري عربي مصغر يساهم معه في إعادة شرح المبادرة وتسهيل التفاهم حيالها.
المبادرة هي الحل الموجود
ولفتت المصادر، إلى ان الطابع الذي اتسم به تقرير موسى، كان محور اتصالات عربية ـ دولية، بحيث انه كان مطلوباً ان يأتي على هذا النحو، لان المجتمع الدولي يؤيد المبادرة العربية بالكامل ويعتبر انها الحل الموجود، الآن وهو حل جيد. وان على مرجعيات المبادرة، العمل بكل جهد على إنجاحها وإعطاء ذلك الوقت اللازم لاستنفاد الوسائل كاملة لا سيما منها الديبلوماسية. وثمّة توجه دولي بأن لا يتم طرح أي أفكار أميركية أو أوروبية في إطار مسعى جديد طالما ان الزخم الدولي ـ العربي معطى حالياً لأولوية المبادرة العربية للحل. وفي هذا الوقت، فان الدول الفاعلة والمهتمة بالشأن اللبناني تأخذ وقتها لدراسة الخيارات البديلة للمبادرة، إذا لم تحقق نجاحاً بعد كل الوقت الكافي الذي سيعطى لهذه الغاية. وهناك نقاش دولي بعيد عن الأضواء، يتناول ضرورة ان يتم تبني حل للبنان، قابل للتنفيذ. ذلك ان أي حل غير قابل للتنفيذ، يضع البلاد أمام مخاطر عديدة، تحمل معها ردّات فعل أمنية وسياسية سيئة، في مقدمها رفع السقف من جانب المعارضة ومن ورائها، لتقوية مواقفها ومطالبها.
لكن المصادر، لا تخفي تخوفها وقلقها من سلبيات محتملة على لبنان في الوقت الفاصل عن نجاح المبادرة العربية أو الخروج الدولي بمبادرة اخرى إذا لم تنجح هذه. وبالتالي، ان ما يحصل من تطوّرات أمنية على الأرض، يثبت هذا التخوف. وفي ذلك، تؤيد المصادر، فكرة ان تواكب إعادة تفعيل المبادرة تفاهمات عربية ـ سورية حول التهدئة والاستقرار في لبنان، تكون مشابهة للتفاهمات العربية ـ الإيرانية، حول منع الفتنة الطائفية وعدم جرّ البلاد إلى حرب أهلية. وتتساوى أهمية التفاهم العربي ـ السوري حول الاستقرار مع أهمية التفاهم السعودي ـ الإيراني القائم بالنسبة إلى ردع الفتنة، مهما كانت التحديات داهمة إقليمياً، لا سيما بالنسبة إلى دمشق وموضوع المحكمة، والذي يشكل إحدى خلفيات الموقف السوري من المبادرة العربية وتسهيل تنفيذها.
وتطرح المصادر، أكثر من علامة استفهام حول ما إذا كانت ستواجه مقررات الجامعة اليوم، التعثّر نفسه الذي واجهته المبادرة العربية بعد إطلاقها، فالأمر مرهون بمدى التطابق بين رد الفعل في الموقف السياسي السوري، ورد الفعل لدى المعارضة في اللقاءات التي سيجريها موسى معها أثناء عودته المرتقبة إلى بيروت هذا الأسبوع ورد الفعل على الأرض من خلال وقف الرسائل الأمنية.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.