8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

قلق خارجي من خروج قرار الأفرقاء عن حساباتهم ليتحول لبنان ساحة صراع

تعزو مصادر ديبلوماسية عربية معتمدة لدى عاصمة كبرى، أسباب عدم تحقيق المبادرة العربية تقدماً ملموساً الى عاملين اثنين، الأول: ان الجهد القائم في اطارها يدور في الفراغ السياسي واضاعة الوقت للحفاظ على الستاتيكو الذي تولّد منذ عدم القدرة على انتخاب الرئيس في مرحلة ما قبل انتهاء ولاية رئيس الجمهورية السابق اميل لحود. والثاني، ان الوضع الذي يحكم العلاقات الاقليمية ـ الدولية، والعلاقات العربية مع سوريا لا يزال يراوح مكانه، ولم يطرأ عليه اي تعديلات أو حلحلة في مكان ما.
لكن على الرغم من هذا الواقع، تستبعد المصادر ان يحمل التقرير الذي سيحيله الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، الأحد المقبل الى الاجتماع الاستثنائي للجامعة حول لبنان، موقفاً تصعيدياً ضد معرقلي المبادرة التي سعى لتنفيذها في زيارتيه للبنان، وزيارة له الى دمشق، مع مشاورات واتصالات عربية وغير عربية أجراها لهذا الغاية.
فرصة أخرى للمبادرة
ذلك، ان حصيلة المشاورات العربية ـ الدولية التي اعقبت تحرك موسى في العاصمتين اللبنانية والسورية، أفضت الى ان المجتمع الدولي يتجه الى ضرورة اعطاء المبادرة العربية فرصة اخرى، لحل الأزمة في لبنان. ولا تريد الدول الغربية ان تعطي انطباعاً بفشل الحل العربي الآن، طالما ان العرب لم يقولوا بعد كلمتهم النهائية في مجال فشل مبادرتهم أو نجاحها. اذ انه من المفيد، الاستمرار في اعطائهم الوقت الكافي لانجاح المبادرة، وعدم اللجوء في هذه المرحلة الى محاولة دولية مختلفة أو الى وضع النقاط على الحروف، حيال النتائج الأولية لمسعاهم. لذلك، يقضي التوجه المشترك العربي ـ الدولي، بأن فترة الانتظار ستمتد الى ان يدلي العرب مجتمعين بما حققوه، خصوصا على صعيد احتمال فشل مبادرتهم بالاعلان عن ذلك بوضوح. علماً ان التفاؤل ليس سمة المرحلة كما انه ليس سمة الاتصالات والمشاورات العربية ـ الدولية على أعلى مستوى حول الحل في لبنان.
وبالتالي، ان الاخراج المناسب لاعادة تفعيل العمل بالمبادرة العربية، هو احتمال ان يلجأ اجتماع الجامعة الأحد، الى تكليف احدى الدول الخليجية القريبة من دمشق، أي قطر، ببذل جهود اضافية لتنفيذ المبادرة في محاولة جديدة، قبل اتخاذ اي موقف، بتوجيه الاتهام العربي الرسمي الى سوريا بالعرقلة.
وفي هذا الوقت، تفيد المصادر، ان هناك قلقا عربيا ـ ودوليا من تطور الموقف على الأرض سلباً في لبنان، بعد ما تعتبره من "طلائع الخربطة" من جراء التظاهرات مساء الإثنين في بيروت، وفي مناطق معروفة بأنها "سنية" ولديها "وجود شيعي". وعلى الرغم من تماسك الجيش اللبناني وامساكه التام بالوضع الأمني، فإن تساؤلات بدأت تطرح عبر القنوات الديبلوماسية، ويتلقاها مسؤولون لبنانيون، حول، ما اذا كان هناك تخوف من ان يؤدي الشحن النفسي لدى المعارضة، من انتقال الوضع الى السعي لاعادة التموضع السياسي وعلى الأرض، للامساك بزمام الأمور في الشارع، ودون ان يؤدي ذلك الى التوصل الى فتنة طائفية أو حرب اهلية، هي ليست لمصلحة المعارضة.
كما تتناول التساؤلات أيضاً، اذا ما كان هناك قلق من ان تؤدي عملية السعي لاعادة التموضع هذا، الى خروج قرار الأفرقاء اللبنانيين عن حساباتهم السياسية، بحيث يتحول لبنان في هذه الحالة، الى ساحة حقيقية لصراعات الآخرين على أرضه، تعيد الى الأذهان مرحلة عامي 1983 و1984 خلال الأحداث اللبنانية. وكذلك تناولت الاستفسارات نظرة لبنان الى تدويل أزمته، وسبل حصول التدويل وفقاً لتطلعات اللبنانيين.
وتشير المصادر، الى ان مرد هذه الاستفسارات عائد الى فكرة دولية، مفادها، ان لبنان واللبنانيين لا يديرون وضعهم، وان سلوك اللبنانيين وتفاعلهم مع المبادرات والمساعي المطروحة بدأت تثبت هذه الفكرة، التي لدى بعض الدول والجهات مصلحة في ان يفقد لبنان صدقيته الدولية والعربية وتعمل للوصول الى هذه الغاية مع أفرقاء معروفين على الساحة، يلعبون لمصلحة هذه الفكرة. وما يلفت الانتباه لذلك، جملة معطيات، في مقدمها: وجود رئيس متوافق عليه يتعذر انتخابه، وتفاوت كبير في المواقف الداخلية من المبادرات والمساعي المطروحة، ثم كون لبنان بلدا من دون رئيس ومن دون مجلس نيابي أبوابه مفتوحة، وان كل العالم يتحرك في اتجاهه للمساعدة وتسهيل التفاهم، وتبوء مساعيه بالفشل.
الايجابيات موجودة
وبغض النظر عن القلق والتشاؤم اللذين يلفان الوضع اللبناني، فإن المصادر، تتحدث عن ايجابيات لعل أبرزها في: استمرار التفاهات حول ان لا فتنة داخلية، ولا انفجار كبيرا للوضع، مع عدم استبعاد التفجيرات الارهابية المتنقلة، والأحداث والتظاهرات محدودة المفاعيل. عدم انجرار "حزب الله" الى استعمال سلاحه في الداخل، وتماسك الجيش ووحدته في الدفاع عن الأمن والاستقرار في البلاد. ثم استمرار عمل الحكومة وهي تقوم بدورها المناط بها في الدستور، وما تتضمنه الجريدة الرسمية من مقررات أبلغ دليل على قيامها بدورها الوطني والمطلوب لدى كل الأفرقاء.
سلطانوف يدعم المبادرة
وفي اطار عدم وجود توجه دولي لاعطاء انطباع بفشل المبادرة العربية، يجري الموفد الروسي ألكسندر سلطانوف مباحثات رسمية غداً مع المسؤولين اللبنانيين دعماً للمبادرة العربية، وانطلاقاً من الموقف الروسي الذي يعتبر انها لم تفشل وانه في كل مرة تتطور المباحثات ليتم التوصل الى أفكار جديدة ومفيدة لاستنباط الحلول. وسيبلغ سلطانوف، بحسب المصادر، موقف بلاده الداعي الى عدم التدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية من أي جهة، وضرورة اجراء الانتخابات الرئاسية بسرعة وتوصل الأفرقاء الى وفاق في شأنها، وأن يتم ذلك وفقاً للأصول الدستورية.
كما سينقل سلطانوف الى المسؤولين الانطباع الذي تكون لديه بعد زيارته دمشق حول الموقف من لبنان والتباحث معهم أيضاً في الاستعدادات اللبنانية للمشاركة في مؤتمر موسكو الدولي للسلام على المسارين اللبناني والسوري مع اسرائيل. ولم يحدد بعد الموعد النهائي للمؤتمر ولا جدول اعماله، واللذين سيتحددان في ضوء نتائج جولة سلطانوف في المنطقة.
وتطور الوضع الميداني بين الفلسطينيين واسرائيل، والاتجاهات التي ستحكم قرار الحكومة الاسرائيلية في موضوع السلام في مرحلة ما بعد مؤتمر أنابوليس.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00