8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

ربط التعقيدات في مبادرته بتنقية الأجواء العربية والرهان السوري على انتهاء ولاية بوش

يمهد الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى للجولة الثانية من مسعاه مع الفرقاء اللبنانيين لتطبيق المبادرة العربية لحل مأزق الانتخابات الرئاسية، منتصف الأسبوع المقبل، بتحركين بعيدين عن الأضواء وهما:
ـ اجراء اتصالات عربية، خصوصاً مع وزيري الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل، والمصري أحمد أبو الغيط، وعدد آخر من المسؤولين العرب الذين أدوا دوراً كبيراً في التوصل الى المبادرة العربية حول الموضوع اللبناني. بحيث سيطلعهم مباشرة على تطور الموقف في لبنان في ضوء زيارته اليه ولقاءاته مع القادة فيه وشرحه لهم المبادرة بكل ابعادها، والتفويض العربي الذي يحمله للتحدث باسم العرب لتكريس هذه المبادرة بحرفيتها على الأرض، ومحاولته بلورة بنودها في اطار تفاصيل ما يتصل بإرساء موعد لاجراء الانتخابات الرئاسية لانتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان ومن ثم تشكيل حكومة متوازنة ووفاقية، تمهيداً، لاقرار قانون جديد للانتخابات النيابية.
التشاور حول التشاطر
ـ التشاور مع هذه الدول في ما يمكن أن تقوم به في ضوء حصيلة زيارته للبنان، لاعادة تعبيد الطريق مجدداً أمامه عبر اتصالات ومساعي حميدة أو متابعة لضغوط معينة، حيال تشاطر اطراف داخلية أو اقليمية وتزاكيها في مسألة تقديم ايجابيات وتسهيلات لتطبيق المبادرة. اذ ان هناك رغبة لدى موسى، استناداً الى مصادر ديبلوماسية عربية بارزة، في استكمال محاولته، والاستمرار في خلق الظروف الايجابية التي تحولها مرجعية واقعية، على الرغم من ان الأمين العام لم يسجل افراطاً في التفاؤل أو في التشاؤم، لدى وضعه الانطباع في تقريره حول نتائج الزيارة الأولى. لكن زيارته المرتقبة تبدو أكثر حسماً كونها تقترب من موعد السابع والعشرين من كانون الثاني، حيث ستنعقد الجامعة لتقويم تحرك موسى، وتنفيذ ا لمبادرة، واتخاذ الموقف المناسب من التقرير الذي سيقدمه خلال الاجتماع.
وأفادت المصادر، ان عدم احراز موسى تقدم جدي لدى البحث في سبل تطبيق المبادرة مع الفرقاء في لبنان، يعود الى عوامل عدة ابرزها:
ـ ان حيثيات الموقف السوري من الطرح العربي لدى تكوين عناصر المبادرة في القاهرة انعكس بشكل واضح على مواقف اركان المعارضة في لبنان لدى استقبالهم لموسى واستماعهم اليه.
والذي كان بمثابة توزيع الأدوار في ما بين اركانها، للإيحاء أولاً بأن موقفها غامض وغير مفهوم. ومن ثم عمل "حزب الله" في الوقت نفسه عبر وضع رئيس كتلة التغيير والاصلاح النيابية النائب ميشال عون كمرجع للنقاش لإبعاد نفسه عن ما يثير الفتنة الطائفية لدى البقاء في واجهة الموقف باستمرار، أخذاً في اطار البحث في المسألة الرئاسية. ذلك، انه بحسب المصادر، تمكنت الديبلوماسية السورية التي لديها في الواقع رهانات تفوق نجاح القمة العربية اهمية، في تمرير عاصفة الضغوط العربية الكثيفة التي واجهتها خلال انعقاد الاجتماع الاستثنائي للجامعة الأحد الماضي، بتليين الموقف مع العرب ورمي نتائج المبادرة على اللبنانيين أنفسهم في الوقت نفسه.
فنجح العرب في اصدار المبادرة، ولم تظهر دمشق خلال وضع عناصرها انها معرقلة لها، وجلس وزير خارجيتها وليد المعلم مع الفيصل في اللقاء الذي انعقد مع موسى في منزله، من دون ان يحصل تقديم تنازلات لكسر الجليد بين البلدين، مع حيازة دمشق من جراء مرونتها على الدعم في مسألة انجاح القمة لكن لدى التنفيذ، لا سيما في مسألة الحكومة "المتوازنة" و"الوفاقية" حيث تدرك دمشق وعبر المامها الواسع بالملف اللبناني الداخلي، ان هذه المسألة ستكون في حد ذاتها عقدة العقد امام مسعى موسى، لتطبيق المبادرة، وكان هناك ايعاز ايراني ـ سوري لأركان المعارضة بعدم التنازل عن أي مطلب سابق، متذرعين بمسألة انه من يضمن استكمال تنفيذ المبادرة بالكامل بعد انتخاب سليمان رئيساً، على الرغم من كل الدعم الذي لقيته المبادرة من الأكثرية النيابية.
كسر الجليد ليس سهلاً، حصلت محاولات جدية من جانب المعارضة اللبنانية لربط المبادرة العربية وتسهيل تطبيقها، بتنقية الجامعة للأجواء العربية لا سيما الأجواء السعودية ـ السورية، وتذليل التعقيدات من الأجواء المصرية ـ السورية، على أساس ان هذا المطلب يصب في مصلحة لبنان وفي الدعم الصافي العربي لهذه المصلحة، من اجل أن يتم الدعم الكامل للمبادرة ونتائجها. كما جرت محاولات للربط بين تنفيذ المبادرة، وتنقية الأجواء العربية والاقليمية، أي العربية ـ الايرانية تحديداً، ومن ثم العمل لتنقية الأجواء العربية ـ الاقليمية الدولية وخصوصاً الأميركية، وذلك على اعتبار ان كل اتفاق عربي ـ عربي، وعربي ـ اقليمي، وعربي ـ اقليمي ـ دولي ينعكس على لبنان بصورة ايجابية، ولا أحد يمكنه اغفال أهمية هذا الاتفاق وايجابياته على الوضع الداخلي، لكن ترى المصادر، ان هذا الربط المباشر يؤدي الى انحراف المبادرة عن مسارها لا سيما الموضوعي. في حين ان كسر الجليد العربي السعودي تحديداً مع سوريا ليس أمراً سهلاً ويحتاج الى مقومات عديدة.
وكسر الجليد هي مرحلة مبتدئة لتنقية العلاقات، والتي تتطلب بدورها مقومات اضافية. وهذا المنحى ينطبق ايضاً على العلاقات السورية ـ الدولية وخصوصاً الأميركية، هذا بمعزل عن الملف الايراني ـ الدولي والعربي والذي يتطلب وحده، مقومات أخرى وكبيرة.
ـ هناك شعور عربي بأن دمشق تحاول مجدداً كسب الوقت دولياً، على أساس ليس لديها ما تخسره الآن. فوافقت على المبادرة العربية وتركت نتائجها بيد العرب لكي لا تفشل قمتها العربية، ولو في الشكل ومستوى الحضور، لكن الرهانات السورية لا تقف عند حدود القمة، بل ان كسب الوقت الذي تمارسه، سيستمر حتى انتهاء عهد الرئيس الأميركي جورج بوش الذي بدأ العد العكسي له، حيث سيتم انتخاب خلَف له في تشرين الثاني المقبل اي بعد اقل من سنة. والرهان السوري، بحسب الشعور العربي، هو على رئيس جديد لديه توجه بالحوار المباشر مع سوريا حيال مسائل المنطقة ومن بينها لبنان.
وهذا الحوار قد يوفر لدمشق ضمانات حول مستوى الجرم سياسياً، والذي سينتج عن المحاكمة في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وحول عدم تهديد وجود النظام، وحول تفعيل عملية الانسحاب الاسرائيلي من الجولان، بعدما اعتبرت دمشق ان مؤتمر انابوليس لم يقدم اليها نتائج كافية.
ـ تراهن دمشق خلال هذا الوقت على استكمال بناء ايران للتكنولوجيا النووية غير العسكرية في الربيع المقبل. وكانت لزيارة لاريجاني الى دمشق في التوقيت نفسه لاجتماع الجامعة مدلولات كبيرة على مستوى التنسيق الثنائي. كما كان سابقاً لتعيين نائب رئيس الجمهورية الايراني سفيرا لايران لدى سوريا رداً على المبادرة الفرنسية، نظراً للمنصب الأساسي لهذا السفير.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00