8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

الإدارة الأميركية ستسعى لحسمه في ضوء النتائج التمهيدية لاستحقاقها وللملف النووي الستاتيكو اللبناني من دون رئيس حتى نيسان أو إلى ما بعد الانتخابات النيابية

لماذا وصفت المرحلة الراهنة في لبنان بالوقت الضائع؟ وما هي العوامل التي قد تجعل منها "ستاتيكو" يمتد إلى نيسان المقبل، أو إلى ما بعد الانتخابات النيابية في سنة 2009، أي البقاء من دون رئيس جديد للجمهورية مع استمرار لأدوار عربية وأوروبية من شأنها السعي الى لجم أي انزلاقات سياسية أو أمنية تحملها هذه المرحلة من دون أن يكون هناك حلول نهائية لأي موضوع مطروح؟.
فعلى الرغم من المبادرة العربية المتجددة، من خلال الاجتماع الاستثنائي لمجلس جامعة الدول العربية الذي ينعقد اليوم، وما سينتج عنه من آفاق للتهدئة وتخفيف التشنج في لبنان، فإن مصادر ديبلوماسية غربية بارزة، تؤكد أن أزمة الرئاسة باتت أكثر من أي وقت مضى مربوطة بتطورات الوضع الدولي ـ الاقليمي، وبموقف الإدارة الأميركية من تداعيات هذا الوضع، مع دخول واشنطن بقوة، السنة الانتخابية الرئاسية لاختيار رئيس جديد في تشرين الثاني المقبل، خلفاً للرئيس جورج بوش.
لا تنازلات
ومن هذا المنطلق، أوعزت واشنطن إلى الفرنسيين بوقف المسعى الذي قامت به باريس مع دمشق حول لبنان، بعدما ثبت للمجتمع الدولي الجهة المعرقلة لحصول الانتخابات الرئاسية في لبنان، وحافظت أيضاً الإدارة الأميركية مع أصدقائها الاستقلاليين اللبنانيين على التفاهم لعدم تقديم مزيد من التنازلات، على الرغم من الباب المفتوح أميركياً على مصراعيه، أمام الأكثرية لوضع خطة تحرك تراها ملائمة، لكي تحظى بدعم كامل من واشنطن لتنفيذها. وكل ذلك مع الأخذ في الاعتبار عدم خسارة أي نقاط، لأن أي انتصار للمعارضة التي تتحرك لأخذ المزيد في مرحلة عملت على تقييمها بأنها مشوّشة لبنانياً، ومتوترة خارجياً، ستفسره سوريا وإيران بأنه تقدم في الخطوات على حساب المشروع الأميركي في لبنان وفي المنطقة، مع الإشارة إلى أن المصادر تضع في حسابها أن التهديدات التي تطلقها المعارضة بتحركات شعبية أو غير ذلك، تستهدف من جملة ما تستهدفه، إرسال رسائل إلى بوش خلال وجوده في الشرق الأوسط الأسبوع المنتظر، مفادها أن الحل هو في يد الحلف السوري ـ الإيراني، وأن المشروع الأميركي في المنطقة ولبنان وصل إلى نتائج لم تكن في حساب الإدارة، ما يفسر ما يطلقه أكثر من مسؤول في المعارضة أو قريب منها حول ضرورة أن تأخذ الحلول في الاعتبار الواقع على الأرض وليس الدعم المعنوي من الخارج.
جولة بوش واستثماراتها
لذلك، تصف المصادر، جولة بوش في المنطقة بأنها "مفصلية وأساسية"، بالنسبة الى الرابط بين ما حققته رؤية الإدارة على الأرض في المنطقة، وانعكاسات الأمر على مستقبل الحزب الجمهوري في سياق الانتخابات الرئاسية الأميركية. وبالتالي، تهدف الجولة الى رفع معنويات حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، وأصدقائها، بغية استثمار ذلك في الانتخابات التي بدأت في مرحلتها الأولى للخلايا الحزبية، وستتواصل في مرحلتها الثانية في شهري آذار ونيسان لتكون تمهيدية، الى أن تستكمل في مرحلتها الثالثة في تشرين الثاني المقبل فتكون نهائية ينتج عنها رئيس جديد.
وتفيد المصادر، أن المرحلة الثانية من الانتخابات ستقدم انطباعاً أولياً حول توجهات الرأي العام الأميركي، وحول ما قد تحرزه المرحلة الأخيرة من نجاح لأحد الحزبين الجمهوري أو الديموقراطي. ومن الآن وحتى نيسان أي بعد نحو ثلاثة أشهر لن يشهد الوضع اللبناني أي تطور في اتجاه انتخاب رئيس جديد، بسبب الرغبة لدى الإدارة في الحفاظ على عدم التنازل في الثوابت حيال الملف اللبناني، إن لم يكن هناك مجالات لتحقيق تقدم. وهذا الواقع سيحكم الوضع اللبناني الذي سيؤدي به الى تسجيل "ستاتيكو"، حتى نيسان مبدئياً، نظراً الى عوامل عدة.
لكن إذا لم تكن هذه العوامل مساعدة لجعل الإدارة تحسم الموقف في لبنان، فإن "الستاتيكو" الحالي مرشح للتمديد الى ما بعد الانتخابات النيابية في العام 2009 شرط حصول الحكومة الحالية على دعم عربي ودولي شامل لدرء المخاطر أمام محاولات إضعاف دورها من جانب المعارضة. وكذلك، شرط توافر حد كبير من التشاور السياسي العربي الدولي لإبقاء حد معين من التواصل الداخلي المعقول، قد تفسره مراجع سياسية، بأنه آلية ما، لإدارة وضبط، نتائج الفشل في التفاهم اللبناني والاقليمي والدولي على رئيس جديد.
أما بالنسبة الى العوامل المساعدة لاتخاذ الإدارة الأميركية موقفاً ما حول التعامل مع أزمة الرئاسة، فهو انتظار الإدارة حتى نيسان لإجراء تقييم في ضوء نتائج المرحلة الثانية من الانتخاب الممهد للانتخاب النهائي للرئيس، ثم انتظار الاستحقاق الإيراني، الذي يؤشر الى أن نيسان مرحلة فاصلة في اكتمال توافر الطرد النووي حيث تنجز طهران 3600 طرد تضاف الى 3000 لديها تشكل القاعدة الأساسية لاقتراب انتاج اليورانيوم وتخصيبه، في إطار البرنامج النووي قيد الإنشاء. وفي ضوء هذين التطورين ونتائجهما، سيكون للإدارة توجه جديد حيال الملف اللبناني وملف الرئاسة تحديداً، لكن في الوقت الفاصل عن هذه المرحلة، تسعى الإدارة الى تمرير الأمور لبنانياً واقليمياً، بأقل ضرر ممكن على تطورات الوضع الداخلي في لبنان، وعلى تطورات المنطقة، تمهيداً لبلورة الأمور. ففي نيسان تبدأ معالم التغييرات في المنطقة بالظهور، وتبعاً لذلك ستجري الإدارة الأميركية مراجعتها، حول الموضوع الإيراني وما يتصل به في المنطقة، فإذا كان ثمة مجال للتفاهم الدولي ـ الاقليمي في ضوء ذلك على رئيس جديد، فإن ذلك سيتم بسهولة، وإن لم تسمح التطورات بتمرير الاستحقاق فإن مصيره الحتمي هو مزيد من الانتظار.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00