8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

مراجعتان أميركية وفرنسية حول لبنان تطلقان التحرك بعد العطلة الدولية

تتجه الأنظار الداخلية والخارجية إلى الأشكال الأخرى التي سيتخذها تطوّر الضغط الدولي لاجراء الانتخابات الرئاسية في لبنان، بعد العطلة الدولية التي تسود حيث دوائر القرار في اجازة تنتهي منتصف الأسبوع الحالي.
ويتوازى القلق على مصير الوضع اللبناني إذا ما تعذّر حصول الانتخابات في وقت قريب، مع استمرار المحاولات الدولية والعربية لتسهيل تفاهم اللبنانيين حيالها. ففي اعتقاد أوساط ديبلوماسية غربية واسعة الاطلاع، انه إذا لم يحدث تطور كبير في المنطقة يحسم الموقف، وينعكس بالتالي على ما آلت إليه الأوضاع في لبنان، فإن هناك تخوفاً من إطالة أمد عدم التفاهم على رئيس للجمهورية وطريقة الانتخاب، مع ما قد يحمل ذلك من تعقيدات إضافية، قد يجري ربطها بتطورات داخلية أو دولية، تزيد الأمور سلباً.
وفي اطار الاحتمالات التي قد تطرح في مرحلة لاحقة، لاسيما في ضوء النقاط التي وضعها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي على الحروف في ما خص الدور الفرنسي مع دمشق وانتهائه بالنسبة إلى المساعي لتسهيلها التوافق على الرئيس الجديد، فقد جرى نقاش دولي معمّق خلال الأسبوع الفائت حول الدور الذي يمكن لمجلس الأمن الدولي أن يؤديه في مجال الانتخابات الرئاسية في لبنان ومنع أي مخاطر إذا ما جرى الانتخاب بالأكثرية المطلقة، وسبل تثبيت أي رئيس جديد ينتخب، واعتبار الانتخاب جزءاً لا يتجزأ من الشرعية الدولية.
وقد جرى هذا النقاش انطلاقاً من التوجه الدولي بعدم التهاون مع العراقيل التي تواجه إنجاز الانتخاب، ومع المعرقلين له والذين تمت تسميتهم من جانب الولايات المتحدة وفرنسا، بعدما كانت الأولوية دائماً لإعطاء الوقت الكافي للتوافق الداخلي. وانتقل الطرفان الأميركي والفرنسي عبر مراحل عديدة من التشاؤم الشديد، إلى تحميل بعض الأطراف الداخليين المسؤولية، ثم توصلهما معاً إلى قناعة مشتركة بضرورة فعل شيء ما حيال لبنان وعدم ترك الوضع يسلك طريقاً غير محسوب النتائج، وعدم القبول باستمراره على ما هو عليه.
دراسة جدوى قرار تثبيت الرئيس
وعلى خط مواز، تندرج دراسة الجدوى من استصدار قرار دولي يثبت الانتخاب كدلالة على ان الاهتمام الدولي بلبنان لا يزال موجوداً، على الرغم من ان عناصر جديدة إقليمية ودولية تؤثر على مستوى هذا الاهتمام. وستجرى مراجعتان جديدتان أميركية وفرنسية للوضع اللبناني، مطلع السنة يتم في ضوئهما تحديد حوافز التحرك الدولي والمدى الذي سيبلغه، والعوامل التي يجب أخذها بالاعتبار على الأرض في مسألة نفوذ القوى.
وفي النقاش أعيد إلى الأذهان، ما حصل حيال الانتخابات الرئاسية في "الكوت ديوار"، حيث جرت سابقة في تعامل مجلس الأمن مع نتائجها، حين استصدر قراراً ثبّت خلاله الرئيس الجديد المنتخب. وبالتالي فان جدوى صدور قرار مشابه حول لبنان، يأخذ بالاعتبار إنعكاسات مثل هذه السابقة على أوضاعه الداخلية، وسبل ترجمة ذلك في الشارع.
وفي انتظار اتضاح صورة الموقف الدولي خلال الأيام المقبلة، تلفت الأوساط إلى العناصر المستجدة التي لا بدّ من أخذها بالاعتبار لدى التفكير باللجوء إلى مجلس الأمن للعب دور في مجال تثبيت الرئيس الجديد أو فرض الزامية الانتخاب، وهي:
ضمان عمل المؤسسات الدستورية
ـ الوضع الداخلي اللبناني، حيث من الضروري الحفاظ على ضمان عمل المؤسسات في لبنان بشكل طبيعي، ومن ثم توفير انتخاب الرئيس الجديد عبر المجلس النيابي ووفقاً لمقتضيات الدستور. ويشكل التعاطي مع الدستور داخل لبنان محور اهتمام دولي لان الأولوية هي لكي يؤمن اللبنانيون انتخاب رئيسهم أو التوافق عليه، وهي في الأساس مهمة داخلية قبل ان تكون خارجية لا سيما من جانب الأمم المتحدة. وما يثير القلق الدولي هو دعوة المجلس النيابي إلى جلسات انتخابية يتم إلغاؤها لدى اقتراب انعقادها.
ـ من المفيد ان يلحظ لبنان التركيبة الجديدة لعضوية مجلس الأمن الدولي، حيث تبدأ اعتباراً من بداية السنة الجديدة 5 دول مهمتها فيه كأعضاء غير دائمين ولمدة سنتين. وهذه الدول هي: كوستاريكا، بوركينا فاسو، يتنام، ليبيا وكرواتيا. وقد حلت ليبيا محل قطر كممثلة للمجموعة العربية داخل مجلس الأمن، ما يتطلب جهوزية لبنانية لمواكبة هذا التطور في التركيبة، وتجديد المشاورات والاتصالات الديبلوماسية معها لتأمين مواقف داعمة من جانب هذه الدول لقضايا لبنان المحقة التي يمكن طرحها ان بقرارات أو ببيانات رئاسية على مجلس الأمن الدولي.
ـ ان الاهتمام الدولي بلبنان والذي يحافظ على درجة عالية جداً من التحرك المتواصل لإيجاد حل لمعضلة عرقلة انتخاب الرئيس، يأتي في ظروف دولية لافتة أبرزها في: ما يمكن ان يستتبع مؤتمر أنابوليس من مؤتمرات دولية أخرى منبثقة منه حول السلام الشامل في المنطقة، وتفاعل إسرائيل مع مؤتمر موسكو في نهاية آذار المقبل وآفاق ذلك، ثم الوضع العراقي في ضوء قرار بريطانيا تحديد مهلة زمنية لسحب قواتها من العراق، فضلاً عن الإنعكاسات التي قد تحملها سنة 2008 وهي سنة الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الأميركية. لكن كل هذه المعطيات لا تعني ان المجتمع الدولي لن يتمكن من تأدية دور فاعل حيال لبنان، وهو قادر ان لم يتخذ قراراً عبر مجلس الأمن، على التأثير في اللاعبين الدوليين والإقليميين لمنع المخاطر عن لبنان، وضبط الوضع فيه وتعزيز مرجعية الحكومة في حال اخفقت المساعي حول انتخاب الرئيس.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00