8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

بوش يرغب في إنهاء ولايته بانتصار والدول العربية بإقفال ملف التطرّف وتوظيفاته

مع إرساء التفاهم الداخلي حول انتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية بمظلة دولية ـ إقليمية خلال الأيام المقبلة، يطوي لبنان صفحة ويبدأ صفحة جديدة في مواجهته للاستحقاقات الداخلية والخارجية. ومن بينها انطلاقة عمل المحكمة الدولية في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري والجرائم الإرهابية الاخرى ذات الصلة، والاعداد لمشاركة لبنان في المؤتمر الدولي للسلام في الشرق الأوسط الذي ينعقد في موسكو في النصف الثاني من آذار المقبل لإطلاق التفاوض على المسارين اللبناني والسوري مع إسرائيل.
وينتظر ان يجسّد الحكم الجديد في لبنان المناخ العام المطلوب من الاستقرار في هذا البلد في ظل التفاهمات الدولية ـ الإقليمية التي ساهم انعقاد مؤتمر أنابوليس في 26 تشرين الماضي في تكوينها وبلورتها. وسيسير الوضع اللبناني في جانب كبير منه على وقع مستقبل هذه التفاهمات، التي لن تكون محصورة بالاستحقاق الرئاسي اللبناني وتسهيله، بل ستتوسع أيضاً إلى مسائل السلام في المنطقة، وإقامة حوار دولي ـ سوري حول المطالب الدولية من دمشق، مروراً بفك عزلتها وإعادة تطبيع العلاقات الدولية بها، وقد سجلت مصادر ديبلوماسية غربية وجود استعدادات سورية في اتجاه الأخذ والرد بعد حسم الموقف بالنسبة إلى تسهيل الرئاسة في لبنان، وتبقى بعض التعقيدات الداخلية التي يجري السعي لاستكمال توفير الحل لها.
موسكو بدأت الإعداد لإنجاحه
وتكشف مصادر ديبلوماسية بارزة في موسكو، ان الديبلوماسية الروسية بدأت تنشط لإنجاز المؤتمر وإنجاحه، وهي لم تضع أسسه وركائزه بعد.
وبغية الإعداد الجيد للمؤتمر، ستوفد موسكو إلى دول المنطقة، ومن بينها لبنان المعني بأهداف المؤتمر، مبعوثين يعملون على استكشاف وجهات النظر لدى قادة المنطقة في المواضيع التي يمكن إدراجها على جدول الأعمال، وذلك في وقت قريب يرجح مطلع السنة ويتزامن مع حركة موفدين دوليين للغاية نفسها، وبالتالي ستعد روسيا للمؤتمر بمشاركة الفرقاء المعنيين، وقد تنبثق عنه مؤتمرات اخرى أكثر تخصصاً وتحديداً. كذلك ترغب روسيا في استطلاع استمرارية الجدية الإسرائيلية حيال السلام، في ضوء المواقف التي أعلنها مسؤولون اسرائيليون بعد أنابوليس حول عدم اعتقادهم بأن الجدول الزمني سيتحقق مع الفلسطينيين، وعدم سماحهم للإدارة الأميركية بمتابعة عرض مشروع القرار الذي طرحته على مجلس الأمن لإقراره والذي تضمن نتائج أنابوليس، وجرت ضغوط إسرائيلية على موقف واشنطن أدت إلى سحب المشروع من التداول، لانها تفضل ابتعاد مجلس الأمن عن الإلتزامات التي ستعقدها أو تعد بإجرائها مع دول المنطقة.
وتقول المصادر، ان هدف مؤتمر موسكو الدولي حول المسارين اللبناني والسوري للسلام مع إسرائيل، هو ان ينتهي إلى اتفاق سلام بين كل من لبنان وسوريا مع إسرائيل لدى انسحابها من الأراضي التي تحتلها في البلدين. وتتوقع، ان يرتكز لبنان في طروحاته في المؤتمر على جملة ثوابت هي:
ـ تحقيق السلام على أساس قرارات الشرعية الدولية والمبادرة العربية للسلام التي أقرتها قمة بيروت، والتي أعادت قمة الرياض في آذار الماضي إقرار تفعيلها كمرجعية عربية لحل النزاع مع إسرائيل.
ـ استكمال تنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة بقضايا النزاع بين لبنان واسرائيل ومن أبرزها القرار 1701، وهو الذي يشمل استعادة مزارع شبعا والنقاط الحدودية الثلاث ومنطقة كفرشوبا وتبادل الأسرى بين البلدين، وشكّل امتداداً لأهداف القرارين 425 و426 بسبب حرب تموز الاسرائيلية على لبنان وما خلّفته، وما نتج عن ذلك من نزاعات عمل مضمون القرار 1701 على وضع الحل الفوري لها.
ـ يتمسك لبنان بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين الى ديارهم وتطبيق القرار 194 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة والذي لحظته المبادرة العربية للسلام. كذلك نصّ الدستور اللبناني على رفض التوطين الفلسطيني. وبحث هذا الموضوع، في اعتقاد موسكو، يتطلب أيضاً جهداً روسيّاً في اطار استئناف المسار الفلسطيني ـ الاسرائيلي ومن ضمن جهد المجموعة الدولية وخصوصاً الرباعية الدولية، لبلورة تنفيذ حق العودة للاجئين، في اطار "خارطة للطريق" المطروحة كحلّ بين الفلسطينيين واسرائيل. وهنا يكمن ارتباط عناصر في الحل بين المسار الفلسطيني وكل من المسارين اللبناني والسوري.
موسكو تواصل دعم التهدئة والاستقرار
وتبعاً لهذه المعطيات، وللتمسك الروسي بدور فاعل لموسكو في التوصل الى السلام الشامل والدائم والعادل في المنطقة، ستستمر في دعم الاستقرار اللبناني، ودعم جاهزيته للحل على مستوى المنطقة لكي يكون له دور محوري ومفصلي في اطار الثوابت اللبنانية والعربية للسلام.
والأجواء التفاؤلية حيال مستقبل حل قريب وفي المدى المنظور للنزاع في المنطقة تسبق تلك التشاؤمية أو التي تخفف من وطأة انجازات مؤتمر انابوليس. وتشير المصادر الغربية، الى ان اللقاء بين الفرقاء في انابوليس وبرعاية دولية شاملة يعتبر انجازاً في حد ذاته. وان هناك روزنامة سيتقيد بها الجميع، وستنفذ تحت رعاية منسق الرباعية الدولية للشرق الأوسط توني بلير ومراقبته. وأسباب تقدم الأجواء التفاؤلية على ما عداها في الأساس تبقى في موقع الادارة الأميركية والسعي لأن يحقق الرئيس جورج بوش انتصاراً ينهي به ولايته، كما ان للدول العربية مصلحة في التمسك بالحل عبر المبادرة العربية وتسريع انهاء النزاع واقامة السلام. والسبب الأساسي يكمن في تخفيف الضغوط التي يقوم بها التطرف في المنطقة، بحيث لدى هذه الدول رغبة باقفال ملف النزاع مع اسرائيل بالتوصل الى الحل المنشود، ووضع حدّ لأي توظيفات للتطرف في المنطقة العربية وفرض النفوذ عبره، ان من جانب ايران او غيرها.
واذا ما تم التوصل الى السلام، فإن هذه العملية ستمر حتماً بالتفاهم على مستقبل الجناح العسكري في "حماس" وفي "حزب الله" في لبنان ما يساهم في ضبط الوضع الأمني في لبنان على أساس السلطة الواحدة وسلاح الشرعية.
وينعكس السلام في تحقيق هذا العنصر على الاستقرار والأمن في المنطقة. كما يجسد بدوره، التكامل بين عملية السلام في الشرق الأوسط والقرارات الدولية التي صدرت حديثاً وفي اطار التحول السياسي في لبنان.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00