تطرح تطورات التحقيق في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري والجرائم الإرهابية الأخرى ذات الصلة أكثر من علامة استفهام حول مصير لجنة التحقيق الدولية المستقلة في الجريمة والإطار الذي ستعمل من ضمنه في المرحلة المستقبلية القريبة في ضوء نتائج التقرير الأخير لرئيسها الحالي سيرج براميرتس ومناقشة مجلس الأمن له أول من أمس الأربعاء، وفي ضوء التقدم الجوهري في مسار إنشاء المحكمة حيث ستكون نهاية هذا الشهر مفصلية بالنسبة إلى تحديد انطلاقتها.
وتفيد أوساط ديبلوماسية قريبة من الأمم المتحدة ان الاستعدادات قائمة لحسم وتحديد طبيعة وإطار عمل اللجنة بداية السنة المقبلة بحيث تكون خطوات استكمال إنشاء المحكمة قد تبلورت على مختلف الصعد، ولعل هذه المسألة ستكون في صلب مهمات خلف براميرتس القاضي دانيال بيلمار الذي سيتسلم منصبه رئيساً للجنة أول سنة 2008 وسيتحول إلى المدعي العام في المحكمة فور جهوزيتها للانطلاق بعملها.
وبالتالي، فإن تحديد إطار عمل اللجنة مرتبط بإقامة المحكمة ومدى تسريع بدء المحاكمة ويبدو ان التوجه الأقرب إلى الواقع لدى الأمم المتحدة هو ان تستمر اللجنة في عملها لكن تحت مظلة المحكمة. ويشار إلى ان مهمة اللجنة تنتهي في الخامس عشر من حزيران المقبل، ويبقى لعملها نحو سبعة أشهر من الآن. وإن الأفكار حول تحديد الإطار الجديد لعملها تتناول ما يلي:
اللجنة تذوب في المحكمة
ـ تفاصيل التنسيق في ما بينها وبين المحكمة قبل انطلاقة الأخيرة وما بعد انطلاقتها وبدء عملها.
ـ طريقة نقل الملفات التي تمتلكها حول التحقيق إلى المحكمة مطلع السنة الجديدة، وسبل دراستها لإفادة المحكمة بها.
ـ سبل تعامل مجلس الأمن الدولي مع اللجنة في مرحلة ما بعد تشكيل المحكمة، ومع المعلومات التي تمتلكها.
ـ مصير الجهاز الضخم الذي تتألف منه اللجنة وإطار الاستفادة منه تحت مظلة المحكمة، والسبل الفضلى في ذلك.
ـ إمكانية وكيفية التنسيق بين الصفة المستقلة للجنة بحسب اسمها ومهمتها، واندماجها المحتمل مع مهمة المحكمة، ووفقاً لأيّ أسلوب وصيغة.
لذلك، فإن الخيار سيحسم بين ان تذوب اللجنة في إطار المحكمة أو تعمل في موازاتها. في حين ان اعلان بدء عمل المحكمة يحتاج إلى شروط نص عليها تقرير الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون حول مجريات تنفيذ القرار 1757. وفي مقدم هذه الشروط تمويل المحكمة وعلى الأقل توافر الاعتمادات اللازمة لعملها للسنة الأولى، وحصول التزامات جدية مالية للسنتين التاليتين. وحتى الآن لم تصل بعد الاعتمادات المتوافرة إلى 45 مليون دولار، وهي موازنة المحكمة للسنة الأولى. وتنتظر الأمانة العامة توافر المبلغ الكامل نهاية هذه السنة ثم هناك تعيين القضاة اللبنانيين والدوليين المتوقع نهاية هذا الشهر. وهناك اجتماعات مكثّفة تعقدها لجنة الاختيار برئاسة الوكيل القانوني للأمين العام نيكولاس ميشال، وعضوية القاضي المصري محمد أمين المهدي، والقاضي النروجي اريك موسيه لإنجاز هذا الاختيار الذي سيتم لأربعة قضاة لبنانيين، وسبعة قضاة أجانب.
ومن بين الشروط لإعلان انطلاقة المحكمة بعملها توقيع اتفاقية المقرّ بين الأمم المتحدة وهولندا، وهو أمر بات وشيكاً ينتظر إنجازه قبل نهاية هذا الشهر لدى الانتهاء من المشاورات بين الطرفين حول ذلك.
طلب الترشيح لمسجل المحكمة
كذلك يجري العمل لتعيين أو تشكيل وحدة أساسية تضم موظفي سجل المحكمة بعد اختيار مسجل المحكمة، والذي وجه كي مون رسائل إلى الدول الأعضاء في المنظمة لتقديم ترشيحاتها لهذا المنصب، وهو الذي يهيّئ المحكمة لأن تبدأ أعمالها وسيتولى التعاون مع رئيس لجنة التحقيق الدولية، اتخاذ التدابير الإدارية التي تكفل الانتقال المنسق من لجنة التحقيق إلى مكتب المدعي العام أثناء مرحلة الانطلاق بعمل المحكمة.
وفي ضوء ذلك، سيحدّد الأمين العام بدء عمل المحكمة بالتشاور مع الحكومة اللبنانية مع الأخذ بالاعتبار التقدم المحرز في عمل لجنة التحقيق.
لذلك، ان حسم مستقبل عمل اللجنة وإطارها مرتبط بهذه المرحلة، لكن توافر التحضيرات والجهوزية لذلك مطلوب منذ الآن لتسريع التعاون بين الاثنين وفقاً لآلية مرنة ومفيدة توصلاً إلى تحقيق العدالة.
وقد بدأ بيلمار يعد نفسه لتولي منصبه الجديد إن عبر اللقاءات التي يعقدها مع براميرتس للاطلاع على آخر مجريات التحقيق، أو من خلال اطلاعه على تعامل مجلس الأمن مع تقارير اللجنة.
وليس لدى بيلمار شروط بالنسبة إلى المهلة الزمنية لمنصبه في المحكمة ولديه كامل الاستعداد للبقاء في مهمته حتى انتهاء المحاكمة.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.