بالتزامن مع استمرار الجهد الفرنسي برئاسة وزير الخارجية برنار كوشنير، لتحقيق المبادرة الفرنسية حول الوصول الى انتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية، يجري في الكواليس السياسية البحث الجدي بالبدائل في حال لم يتم التمكن من تذليل العقبات والتعقيدات، التي تواجه هذه المبادرة والتي هدد كوشنير بكشف معرقليها امام المجتمع الدولي.
وهذه البدائل هي محور نقاش داخلي ولدى الادارة الأميركية، وهي التي أوقفت الاعلان عن المواقف خلال الأيام القليلة الماضية، لاتاحة المجال امام النجاح لمسعى كوشنير، وسيكون الموقف الأميركي بالطبع داعماً لأي قرار ستتخذه الاكثرية النيابية منعاً لحصول الفراغ في منصب الرئاسة الأولى. وتعتبر مصادر ديبلوماسية غربية بارزة، ان اليوم، سيشكل محطة مفصلية امام الديبلوماسية الاميركية في ان تعبر بوضوح بدءاً من الساعات المقبلة عن موقفها بلهجة حاسمة حيال الاستحقاق، بعد الانتظار والتريث لما ستحققه المبادرة الفرنسية.
واشنطن تغطي موقف الأكثرية
لذلك، فإن جهوزية واشنطن باتت حاضرة لتغطية اي موقف للأكثرية، اذا ما حصل انها تفاهمت على التوافق، او اذا ما حصل وقررت انها تخسر من جراء توافق غير متكافئ قد يهدد لاحقاً بتهميش الدور المسيحي والدور السيادي. وتبلغت اكثر من مرجعية لبنانية، استناداً الى المصادر ان واشنطن ومعها المجتمع الدولي سيعترفان بالرئيس الذي ستلجأ الأكثرية الى انتخابه، وقد يكون ذلك مطلع الأسبوع المقبل.
غير ان المصادر، تكشف ان فرنسا وعلى الرغم من المعوقات، مصرة على تكثيف الجهد ولا تزال تأمل في ان تفضي مبادرتها الى الحل المنشود، في حين انه تأكد ان الموفد الفرنسي السفير جان كلود كوسران لم يتوجه الى ايران خلال اليومين الماضيين كما اشيع، وقد حاولت فرنسا تقديم ضمانات لسوريا، بأنها قادرة على لعب دور وساطة بينها وبين الولايات المتحدة، وفي ان لبنان لن يكون في اي منصب من المناصب السياسية الرفيعة والأمنية عدائياً لسوريا، اذا ما ساهمت في تسهيل انتخاب الرئيس الجديد. وقد حملت الاشارات السورية اكثر من رسالة حول انها ستحاول التسهيل لكنها لن تضغط على حلفائها للسير بمرشح من الاستقلاليين او من هو قريب منهم ويصلح لأن يحمل مواصفات التوافق.
الشروط السورية الثلاثة
والمحاولة الفرنسية حول الضمانات جاءت بعد الطلب السوري ان تضمن فرنسا ثلاثة شروط هي: وضع موضوع الجولان المحتل على جدول اعمال المؤتمر الدولي للسلام في المنطقة الذي سينعقد في انابوليس في 26 تشرين الثاني الحالي. وعدم وصول المحاكمة في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري والجرائم الارهابية الأخرى الى نتائج تؤثر في النظام في سوريا، والحصول على ضمانات متصلة بابعاد أي شبح للحرب على سوريا وعلى ايران. وفي ذلك، لم تقدم فرنسا اي ضمانات عن الولايات المتحدة الاميركية التي لا تزال حتى الآن تحجم عن الحوار المباشر مع دمشق حول الملفات العالقة في المنطقة. فالفرنسي يؤدي دور المفاوض مع سوريا، لكن ليس دور تقديم الوعود عن واشنطن. وهو ما حاولت دمشق اللعب على هذه الورقة واستعمالها في السعي لخردقة المبادرة الفرنسية وانزلاقها بهدف ايصال رسائل بأن سوريا ترغب في مفاوضة واشنطن وليس باريس، لقدرة واشنطن على الالتزام في ما يهم دمشق من مواضيع، في حين ان واشنطن التي لم تتخذ قراراً بمفاوضة سوريا، ولا بمفاوضة إيران حول لبنان لا سيما في هذه المرحلة، أرسلت رسائل واضحة حيال الإستحقاق اللبناني خلال الأيام الماضية عبر الملك الأردني عبدالله الثاني الذي زار دمشق بناء على رغبة أميركية، في حين ان بقاء الرياض بعيدة جداً عن البحث مع دمشق، يشكل في حد ذاته احدى وسائل الضغط الدولي والعربي على دمشق. مع العلم ان دمشق يهمها التفاوض مع الرياض أو مع واشنطن حول الاثمان لتعاونها لا سيما في لبنان، لكن بين ما تستطيع فرنسا الالتزام به بالنسبة إلى مطالب سوريا، وما تريده سوريا التي لديها مطالب شاملة وموسعة ولا حدود لها، كانت التأثيرات والانعكاسات على المبادرة للانتخابات الرئاسية في لبنان.
الانتخابات مكسب استراتيجي
وتؤكد المصادر، ان حصول الانتخابات الرئاسية قبل مؤتمر أنابوليس يشكل مكسباً استراتيجياً مهماً في حد ذاته. ذلك ان أي رئيس دولة يجتمع بنظيره في العالم يتحدث عن أولوية الملف اللبناني والرئاسة، وأي رئيس جديد سيحظى بدعم دولي، ولن تبقى مضمونة أولوية الدعم للبنان في حال تعثره في تطبيق الدستور، أو إذا ما استجدت أحداث فرضت نفسها على الوضع الدولي أو الإقليمي. وبحسب المصادر، فان الإدارة الأميركية تعول جداً على موقف الأكثرية في الحفاظ على وحدة لبنان وعلى حصول الانتخابات وعدم تفويت هذه الفرصة، إذا استمرت المصاعب تواجه فرنسا في مبادرتها.
لذلك، ومع حساسية الوقت الداهم الذي يفصل عن 24 الجاري، هناك أفكار عدة يتم تداولها بديلاً للتوافق الذي لم يتحقق، وثمّة احتمالين، الأول: لدى تعثر حصول الانتخاب تتسلم الحكومة الحالية سلطة رئيس الجمهورية ويتم توسيعها وإدخال أقطاب اليها، تقوم بدورها بمحاولات وفاقية تحظى بغطاء دولي ـ عربي، شرط حصولها على تغطية بكركي. على ان تحدّد موعداً لانتخاب الرئيس الجديد قبل مؤتمر أنابوليس.
أو انه إذا ما تعثر الحل التوافقي يتم الانتخاب الذي يرفض رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع وصفه بأنه بالنصف زائد واحد. بل انه انتخاب بحسب الدستور.
وهناك حظوظ مرتفعة لاختيار النائب روبير غانم لمنصب الرئاسة. على ان يتم ذلك أيضاً خلال الأيام المقبلة وقبل مؤتمر أنابوليس.
وثمّة تخوف تبديه المصادر، من حصول فلتان أمني مبرمج يتم خلقه في مناطق عدة وفي وقت واحد، بالتزامن مع تسريع البديل للمبادرة الفرنسية، بهدف ان لا تكون القوى الأمنية جاهزة لصدها معاً وبغية إرباكها.
لكن السلطات الأمنية اتخذت كافة الاحتياطات لمنع المخاطر، ولاتخاذ الإجراءات اللازمة بمن يعبث بالأمن والاستقرار.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.