يُدرج موضوع إجراء الانتخابات الرئاسية في لبنان في صلب جدول أعمال القمة الأميركية ـ الفرنسية التي تعقد اليوم في واشنطن بين الرئيسين جورج بوش ونيكولا ساركوزي، وهي ستحسم الموقف الدولي من هذا الاستحقاق.
ومع ان جانباً مهماً من ظروف إنضاج الاستحقاق يتوقف على إمكانات التوافق واحتمالات التعديلات في المواقف، ومدى التعاون الإقليمي مع بدء العد العكسي لوصول رئيس جديد إلى قصر بعبدا في 24 تشرين الثاني الجاري، إلا أن القمة تشكل فرصة أمام الإدارتين الأميركية والفرنسية لجوجلة المواقف الداخلية والخارجية من الاستحقاق، وردود الفعل المتوقعة ونتائج التحركات الديبلوماسية المكثّفة التي قامت بها خلال الأيام الماضية، للتفاهم على الرئيس العتيد ومواصفاته.
وأفادت مصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع على التحضيرات للقمة، أن هذا الحدث سيجسد ترجمة حقيقية للتعاون الوثيق بين الطرفين حيال المسألة اللبنانية، ولا سيما أولوية إتمام الانتخابات الرئاسية، وستخرج القمة بالدعوة إلى التوافق على رئيس جديد وعلى مواصفاته المطلوبة، واستنفاد كل الوسائل لبلوغ هذا الهدف بالتوافق إلا انه إذا لم يحصل التوافق على اسم الرئيس الذي يجب ان يحافظ على سيادة لبنان ووحدته واستقلاله وإنجازات هذا الاستقلال والتزام تطبيق كل القرارات الدولية ذات الصلة بلبنان، فإنه لا بد من التشجيع على إنجاز الاستحقاق عبر الدور الانتخابي الذي تمتلكه الأكثرية النيابية وفقاً للدستور اللبناني. ولا بد أيضاً من مساعدة لبنان للسير في هذا الخِيار، والاعتراف الدولي الشامل بالرئيس المنتخب في هذا الإطار.
لا مصلحة لساركوزي بالاستقلالية عن موقف بوش
وليس لدى ساركوزي أي مصلحة في اتخاذ موقف مستقل عن موقف الرئيس الأميركي إزاء القضايا التي تبحثها القمة، ولا سيما تلك المتصلة بالاستحقاق اللبناني.
وقد نشطت الديبلوماسية الفرنسية عشية القمة في اتصالاتها السورية والإيرانية، ومع أركان المعارضة اللبنانية، في محاولة منها لدراسة الوضعية لديها، كما الاستعدادات حيال كل التطورات، نظراً لأهمية هذا الأمر في التقييم العام للحالة في لبنان في مرحلة الاستحقاق، تمهيداً لوضعها على طاولة القمة لكي تساعد في تحديد خياراتها.
وفي هذا السياق، كان الحرص الفرنسي على متابعة الموقف السوري مباشرة، حيث ساهم ذلك في ايجابيات أهمها كسر الجليد في العلاقات والتشاور الثنائي في الشكل، على الرغم من انه في الجوهر يبقى أمام سوريا الالتزام بالتعاون المطلق والتام. كذلك كان حرص الديبلوماسية الفرنسية في بيروت على مواصلة الحوار مع أركان المعارضة والأكثرية لمعرفة الاستعدادات ومواكبتها.
وعلى الرغم من عدم قدرة أي جهة دولية أو عربية على التبديد الكامل للقلق والحذر الذي يحوط العملية الانتخابية وسلامة لبنان واللبنانيين، إلا أن المساعي تكثّفت بهدف التحذير من هزّ الأمن والاستقرار. وقد أُبلغت الجهات اللبنانية كافة وتلك الإقليمية المؤثرة في الشأن اللبناني، رسائل دولية مباشرة وواضحة، مفادها ان أي خطأ في مسألة الاستقرار ممنوع، وان من يلجأ إلى مثل هذه الوسائل سيدفع ثمنها. كما أن هناك طلباً دولياً واضحا إلى الجيش اللبناني بان يقوم بدوره في منع هزّ الأمن والاستقرار اثناء الاستحقاق، وان يضع أي مخل بالأمن عند حده، وان يكون دوره بمثابة رسالة إلى الجميع لمنع أي عمل من أعمال الفتنة أياً يكن مستواه وأياً وكائناً من يكن وراءه، وبالتالي تضمن الموقف الدولي انه لا يمكن الجيش إلا القيام بواجباته حيال سلامة المواطنين والبلاد، وعدم القبول بان يتجرد من مسؤولياته حيالهما.
وفي ضوء ذلك ستتخذ وزارة الدفاع إجراءات لحماية أمن الانتخابات، وظروفها كاملة، وليس مسموحاً ان تكون الساحة اللبنانية مفتوحة أمام تنفيس الاحتقان عبر الشارع أو الاضطرابات.
تحذيرات لمن يخطئ حيال الأمن
لذلك، تؤكد المصادر، انه ليس بالضرورة ان يحصل فلتان أمني إذا ما لجأت الأكثرية إلى منع الفراغ في سدة الرئاسة الأولى، وان التقييمات لدى أكثر من مرجعية داخلية ودولية لا تشير إلي خوف حتمي من حصول رد فعل من هذا النوع، وسط التحذيرات الدولية إلى الداخل والخارج الإقليمي من مغبة القيام بخطأ في مجال الاستقرار اللبناني. فكل عمل إرهابي سيتهم به من يعرقل أو يهدد بالعرقلة وباللجوء إلى الشارع وتهديد الاستقرار، وسيتم الرد بشكل من الأشكال على أي عمل تفجيري في لبنان ليطال عمق أي دولة متهمة بأخرى مماثلة. كذلك، لا يزال مستبعداً ان يحوّل "حزب الله" نفسه إلى ميليشيا للمساهمة في حرب الشوارع والأزقة في المدن والبلدات اللبنانية.
وستستمر المساعي والجهود الدولية والعربية حول التوافق على الرئاسة، أكان مع سوريا أو مع المعارضة اللبنانية، خصوصاً ما دامت المهلة الزمنية للاستحقاق لم تطو دستورياً، إلا انه إذا ما حصل وجرت معاكسة الرغبة الدولية لذلك عبر وسائل عديدة، فإن انقضاء هذه المهلة من دون رئيس سيحتم على المجتمع الدولي والأمم المتحدة اتخاذ إجراءات سياسية واقتصادية صارمة، قد تصل إلى حد اعتبار البلد غير المتعاون منبوذاً دولياً بفعل العديد من الاتهامات التي يكون قد تورط بها مجتمعة. وسيتم الادعاء دولياً ضد حكومته بناء على اتهامها بعدم التعاون مع المجتمع الدولي، هذا فضلاً عن إمكان تعرضه لمخاطر داخلية.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.