8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

تعتبر أن الفراغ والتهديد بمخاطر الحماية منه مدعاة خوف وقلق

تجري القيادات اللبنانية عملية تقييم للاحتمالات في شأن الاسماء التي يتم تداولها لرئاسة الجمهورية في المساعي الداخلية الجارية على أكثر من صعيد بحيث ان أي طرح لا بد ان يسلك طريق القاعدة لدى كل فريق لتأمين القبول به أو عدمه في موازاة عملية مطابقة الاسماء مع المواصفات المطلوبة والجارية في الاتصالات الداخلية والإقليمية والدولية.
وتواكب الديبلوماسية الفرنسية هذه العملية بدقة تامة، وهي لا تريد ان تترك الموقف في لبنان عرضة للتهديدات التي يمكن ان يحملها أي فراغ دستوري، أو عرضة لأي ردة فعل إقليمية من جراء لجوء الأكثرية النيابية إلى الانتخاب بالنصف زائداً واحداً لمنع حصول الفراغ في حال فشلت المساعي التوافقية.
ولدرء أي مخاطر ناجمة عن الحالتين اللتين هما مدعاة قلق وخوف، كانت الجولة التي قام بها الموفد الفرنسي السفير جان كلود كوسران في المنطقة والتي كانت محطتاها البارزتان في دمشق، ثم في طهران، والتي تبعها تحرك إيراني على الخط السعودي ـ السوري حيث التباعد بينهما على أشده.
لذلك أدرك الفرنسيون استمرار التعقيدات العميقة، خصوصاً ان النوايا السورية في حقيقتها لم تكن واضحة رغم ما تعلنه دمشق من تأييد لانتخابات رئاسية بالتوافق، وان إيران لم تسجل تقدماً جوهرياً في مساعيها السابقة معها حول تمرير الاستحقاق الرئاسي.
وتفيد مصادر ديبلوماسية رفيعة المستوى في باريس، ان الإطار الذي تحرك كوسران من خلاله لدى دمشق، هو نفسه الذي سبق للديبلوماسية الفرنسية ان اعتمدته في حوارها السابق مع دمشق، وهو ضرورة تعاونها إيجاباً في موضوع الاستحقاق، ما يفتح أمامها في وقت لاحق ولدى التثبت من التعاون الأبواب الأوروبية عبر البوابة الفرنسية، فتتم إزالة الحظر عليها، ما قد يمهد الطريق لحصول خطوات اخرى أكثر إيجابية على صعيد التعامل الدولي مع دمشق.
أسلوب الإقناع حيال دمشق
وتبعاً لذلك، طرأ تعديل طفيف على المنهجية التي اعتمدتها فرنسا في تحركها حيال دمشق. بحيث تم السعي لإقناع دمشق، بأن الفراغ الدستوري في منصب الرئاسة في لبنان لا يناسب سوريا، وان انزلاق الوضع اللبناني نتيجة لعدم التعاون الإقليمي تجاه المخاطر المحدقة به، ليس من مصلحة سوريا، وان التهديدات التي تطال الاستقرار اللبناني في حال تحرك الأفرقاء الداخليين في اتجاه التوافق على رئيس لن تخدم سوريا.
لا بل ان أي فراغ، سيعرّض سوريا إلى مزيد من الضغوط الدولية، والتي لن يستثنى منها إجراءات قد يتخذها مجلس الأمن الدولي.
محاولة أولى في سلسلة استحقاقات
وترى المصادر، انه بالقدر الذي توصف به المحاولة الفرنسية الدولية الخلفية، مع سوريا، بأنها الأخيرة، حول الاستحقاق الرئاسي، بالقدر ذاته الذي يمكن ان تكون فيه هذه المحاولة هي الأولى، إذا ما أثبتت دمشق حسن النيّة، ولبت الطلب حيال الرئاسة اللبنانية سلفاً قبل الدخول معها في أي تفاصيل اخرى. إذ انه أمام دمشق مجموعة استحقاقات دولية، داهمة تبدأ بالرئاسة اللبنانية، مروراً بالمحكمة الدولية التي وُضع تشكيلها على نار حامية، وصولاً إلى القرارات الدولية كافة المتصلة بلبنان، وموضوع الاستقرار في كل من العراق وفلسطين.
المحكمة أولوية وليس التطبيع
إذاً التعاون السوري المسبق هو المطلوب لإثبات النوايا بالتصريحات، قبل أي موقف دولي ايجابي.
لكن المصادر تؤكد ان البحث الفرنسي ـ السوري سيستكمل من خلال الاجتماع الذي سيعقده وزير الخارجية في البلدين برنارد كوشنير، ووليد المعلم في اسطنبول على هامش أعمال مؤتمر الجوار للعراق، وسيتبين من خلاله، ما إذا كان سيؤدي إلى لقاء بين المعلم ووزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس على هامش هذا المؤتمر أيضاً. بحيث ان هناك مساعي تعمل على هذا الخط لإتمام عقده، خصوصاً وانه مرتبط بمدى تطابق الأولويات السورية والأولويات الفرنسية ـ الأميركية في ما هو مطولب من دمشق تنفيذه.
فدمشق تريد حواراً مباشراً مع واشنطن ليس في شأن تمرير الاستحقاق وهو الأولوية الدولية، انما في شأن مصير المحكمة في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري. كما ان التطبيع في العلاقة السورية الأوروبية الذي قد يمهّد له عبر التعاون حيال الاستحقاق، لا يشكل أولوية سورية على أهميته بالنسبة إلى دمشق لمعاودة مسار الانفتاح على العالم، بقدر ما تشكله المحكمة من قضية دقيقة وحساسة تلقي بظلالها على مستقبل النظام، نظراً إلى ما يمكن ان يبلغه مستوى الاتهام السياسي الذي سيؤدي إليه انتهاء التحقيق في الجريمة والجرائم الاخرى ذات الصلة، نهاية هذه السنة. وهذه الأولوية ترغب دمشق في بحثها مع الإدارة الأميركية بصورة مباشرة.
أمل دولي بإيجابية سورية
وعلى الرغم من عمق التعقيدات المحيطة بالمساعي حول الرئاسة، تلفت أوساط غربية واسعة الاطلاع، إلى ان حظوظ حصول الانتخاب بالتوافق ارتفعت لتبلغ نحو 70 في المئة. وان هناك رهاناً دولياً على تفاهم اللبنانيين، الذين عليهم عدم "خربطة" التقدّم الذي يتحقق في اتجاه التوافق. وثمّة أمل دولي، في ان تتجاوب دمشق مع مطلب تمرير الاستحقاق، وشرطها الا يكون الرئيس معادياً، وان يكون الحل الذي سيطبّق بعيداً عن ما يمكن تسميته "كسر العصا".

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00