8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

واشنطن توسّع باب السعي للتوافق وباريس تُبلغ أن المشاكل والفوضى ممنوعتان

ثمّة عنصر مشترك تدور حوله كافة المساعي العربية والدولية، لتسهيل إجراء الانتخابات الرئاسية في لبنان، الا وهو التوافق حول الرئيس العتيد ومواصفاته، بالتلازم مع تبديد القلق والتخوف من مرحلة الاستحقاق وما قد يليها، لكي تمثل هذه المحطة مفصلاً يجسد الاستقرار بدلاً من ان تكون ردة الفعل عليها معاكسة للأهداف الوطنية التي يفترض ان تحملها وللآمال الدولية المعلقة على مستقبل البلاد.
وفي خضم تحرك ديبلوماسي عربي ودولي ناشط في اتجاه بيروت، والذي ينتظر ان يتكثف مع تقدم الوقت الداهم، على أبواب جلسة الثاني عشر من تشرين الثاني النيابية التي حددت لانتخاب الرئيس، تؤكد مصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع على تفاصيل المساعي حول الرئاسة، أن اللقاءات سواء اللبنانية أو مع الموفدين العرب والدوليين، تركز على تطابق الأسماء المطروحة مع المواصفات الواجب توافرها في الرئيس العتيد، بعد جوجلة مواقف الأكثرية والمعارضة حيال المواصفات، والتي لم تكن بعيدة عن مؤثرات خارجية، انما يبقى الأساس لتطوّر الأمور على المستوى الداخلي، لتحديد سبل القيام بالمزيد من التحركات لتذليل العقبات، وتطوير النقاط المشتركة بهدف التوصل إلى تفاهم نهائي.
واشنطن تدرس القدرات
وأفادت المصادر، ان واشنطن لا تزال في هذه المرحلة تترك الباب واسعاً ومفتوحاً أمام المبادرات والمساعي غير الأميركية، لكنها تشترط ألا تكون المواصفات مشابهة لتلك التي تتجسد في رئيس الجمهورية الحالي إميل لحود. وتجري الإدارة دراسة دقيقة ومعمّقة للوضع اللبناني الداخلي، وللقدرات المتاحة داخلياً لدرء أي مخاطر قد تنجم عن السير باتجاه التصويت بالنصف زائداً واحداً، في حال فشل الحوار ولم تتوصل كل المساعي إلى نتيجة إيجابية.
كما تدرس مدى اشتداد الضغوط الإقليمية في هذه الحالة ومؤثراتها على مرحلة ما بعد الانتخاب، في موازاة قدرات الأكثرية على الأرض. ولا يزال لديها متسع من الوقت لتحديد طريقة التحرك البديلة لإعطاء الفرص التوافقية، خصوصاً ان الإدارة ستدعم موقف الأكثرية، إذا ما رأت انها ستوافق على أي اسم ضمن شروط التفاهم، لكن شرطها في ذلك، الا يجسد في مواصفاته الرئيس الحالي.
وينسحب على ذلك، الموقف من اللجوء إلى الانتخاب بالنصف زائداً واحداً.
وفي الاتجاه نفسه، أبلغ الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أكثر من مسؤول لبناني وعربي وإقليمي، مباشرة وبطريقة غير مباشرة، جملة مسلّمات لا رجوع عنها، وتمثل رسالة فرنسية واضحة، وهي إجراء الانتخابات في موعدها وبالتوافق، وان المشاكل والفوضى ممنوعة، وان الحكومة الجديدة تتشكل برئاسة رئيس من فريق الرابع عشر من آذار الأكثري، وتأخذ المعارضة فيها الثلث، مقابل التوافق على الرئيس. وفي هذه الحالة، يمثل رئيس الجمهورية دور الحكم في البلاد والضامن للأداء الدستوري ولجمع الشمل الوطني، ولتحقيق الثوابت التي تجسد المواصفات التي يتميز بها، وعلى أساسها يتم انتخابه بالتوافق، ثم البيان الوزاري للحكومة، على أساس "الطائف" والشرعية الدولية ووحدة البلاد.
ذلك ان الاستقرار اللبناني والدور الذي تؤديه الرئاسة في هذا المجال، مسألة مترابطة مع الأمن الوطني الفرنسي، ولها أبعادها في الاستراتيجية الفرنسية الجديدة مع دول المتوسط والشرق الأوسط. وبالتالي لا بد، في هذا الإطار الا تنفلت الأمور في لبنان الذي تربطه بفرنسا قاعدة تاريخية وثقافية وسياسية متمايزة.
الدور المصري يدخل
من حسن النية
وفي سياق المساعي وحسن النية من التحركات الخارجية تدخل مصر من جديد على خط الرئاسة، بعد اتصالات إقليمية قامت بها. وأعدت أفكاراً طرحها وزير خارجيتها أحمد أبو الغيط أمس مع المسؤولين والقيادات اللبنانية، من أجل تعزيز فرص الحوار في ما بينهم، والابلاغ بأن الجهوزية المصرية حاضرة دائماً وخصوصاً في هذا الظرف لتأدية دور داعم للتوافق والتفاهم على الرئيس ومواصفاته من دون الدخول في لعبة الأسماء. على ان الديبلوماسية المصرية، تعتبر ان هناك العديد من الأسماء تجسد التوافق ويتوافر فيها هذا المنحى.
وأوضحت المصادر، انه في ضوء التحركات الدولية من أوروبية وغير أوروبية، رأت مصر ضرورة تأدية دور يواكب الاعداد للعملية الانتخابية وما بعدها، ويدعم وجود رئيس جديد للبنان.
ويمكن في هذا الإطار تثمير موقفها عبر قدرتها على إعطاء ضمانات معينة، أو تقديم حلول في مجال تذليل عقبات أو تعقيدات ما. والدور المصري مساعد وتسهيلي من غير ان يكون له طابع الوساطة أو المبادرة. لكن ثقة المصريين بقدرتهم على التأثير في مواقف أطراف معينة من الممكن الاستفادة منها في ضوء استطلاع أبو الغيط لتطورات الاتصالات الداخلية ونتائجها.
وتتفق القيادة المصرية مع الأوروبيين على ضرورة بذل أقصى جهد ممكن للتوصل إلى التوافق قبل اللجوء إلى مواقف وان كانت دستورية، لكن نتائجها الموضوعية قد تثير القلق على المصير، والتوافق يعطي كافة الضمانات والتطمينات للجميع.
وفي ضوء نتائج التحرك المصري تراقب جامعة الدول العربية وأمينها العام عمرو موسى مجريات الوضع اللبناني ليحدد مضمون وموعد تحركه في اتجاه بيروت. فإما أن يحضر شخصياً وإما ان يكلف مستشار الرئيس السوداني مصطفى عثمان اسماعيل بالتحرك مع وفد عربي رفيع المستوى. وحسم شكل التحرك وهدفه، لا يزال محور متابعة ودراسة.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00