8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

التعبئة العربية والدولية للانتخاب تتوقف على ردّ المعارضة على إصرار الأكثرية على الرئاسة

لا يخفي مسؤولون فرنسيون كبار، وجود أمل لديهم بحصول اختراق داخلي لبناني من شأنه ان يمهد الطريق لتفاهم حول رئاسة الجمهورية، لا سيما من خلال مبادرة بكركي، مع تقديرهم لصعوبة الوضع ودقة الظرف.
كما لا يخفي هؤلاء وعشية الزيارة المتوقعة يوم الجمعة المقبل لوزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير، ونظيريه الاسباني ميغيل انخيل موراتينوس، والايطالي ماسيمو داليما إلى بيروت، عدم تشاؤمهم لناحية وجود إمكانات ما، لإقناع دمشق بتسهيل تمرير الإستحقاق الرئاسي عبر وفاق اللبنانيين.
وذلك على الرغم من الكلام الذي أدلى به الرئيس السوري بشار الأسد أخيراً وتحدث فيه عن "صعوبة حصول استقرار في لبنان في المدى القريب". مع العلم ان هذا التصريح، سيحتل حيزاً بارزاً في تقريري الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون حول مجريات تنفيذ القرار 1559 في 19 تشرين الأول الحالي والـ1701 في 29 منه، وستكون له أصداء دولية من خلال بحث التقريرين في مجلس الأمن الدولي وهي بالطبع مضافة إلى الأصداء التي سجلت اثر صدور هذا الكلام، في هذا التوقيت بالذات من حماوة المعركة الرئاسية. كما ان هذا الكلام شبيه بكلامه إلى كي مون لدى مناقشة الأخير معه موضوع تسهيل إقرار المحكمة في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري لبنانياً، قبيل صدور القرار 1757 عن مجلس الأمن الذي الزم إنشاءها تحت الفصل السابع.
وحينها أبلغ الأسد إلى كي مون ان إقرارها لبنانياً سيؤدي إلى حرب أهلية، وكلام الأسد في كلا المرحلتين يعبر عن مضمون رسالة واضحة تتناول الاستقرار.
وفي الوقت الذي يتابع المجتمع الدولي بدقة، وعن كثب، تطوّرات التحركات الداخلية في شأن انتخاب الرئيس، تؤكد مصادر وزارية، إصرار الأكثرية على وجود رئيس جديد قبل منتصف ليل 23 ـ 24 تشرين الثاني المقبل. وإذ رأت انه ليس بالضرورة ان تكون البدائل التي يجري تسويقها، لعدم التفاهم على اسم الرئيس والأساسيات في جوهر هذا الموضوع غير عنفية في آليتها، خصوصاً في ما يتم تناوله من توسيع للحكومة الحالية، فإن تعذّر التوافق، الذي تعطي الأكثرية الجهد الكامل والوافي للتفاهم، لن يحول دون تمسكها برفض الفراغ وعدم القبول به، كما انها لن تقبل إطلاقاً بإسقاط استحقاق الرئاسة تحت حجة دفعه إلى مرحلة اخرى، وتفويت هذه الفرصة من تمكين لبنان استعادة السيادة الكاملة على قراره الوطني، ووضعها أمام المجهول، لان ذلك يخدم أعداء لبنان. وهي ستبقى على تصميمها في مسألة الرئاسة.
بلورة السيناريو الشهر المقبل
وحول ترجمة الدعم الدولي اللامحدود لانتخاب الرئيس وللاستقرار، أوضحت المصادر، انه في حال عدم التوافق في الشهر المقبل، حيث سيتبلور السيناريو، فإن هناك تقويماً دولياً لردة فعل المعارضة ومَنْ وراءها، ذلك ان تحديد أوجه التعبئة لعمل ما من جانب المجتمع العربي والدولي الذي يصرّ على انتخاب الرئيس في موعده وإطاره الدستوريين، يتوقف على مستوى تعامل المعارضة مع الموقف الانتخابي الذي ستصرّ عليه الأكثرية. وهناك دراسة معمقة للاحتمالات وردود الفعل، متروك أمر التعاطي معها للوقت المناسب، مع الأمل ان لا يصل الوضع إلى مثل هذه المرحلة، لان في الوفاق فرصة أمام الجميع للمشاركة في صياغة لبنان الجديد.
وتكشف المصادر ان لقاءات بكركي أظهرت مدى عمق الخلاف، ليس فقط على الأسماء بل أيضاً على الأساسيات والخيارات، مع انه سُجلت محاولات للفصل بين الاثنين، لكنها فشلت، لان الأسماء تجسد الأساسيات. لكن الأكثرية ستعطي أوسع مجال أمام المساعي والاتصالات، خصوصاً التي لن تعلن على أمل التوصل إلى نتيجة جدية.
ويتقاطع الموقف الفرنسي الذي لم يفقد الأمل بحصول توافق لبناني لتمرير الاستحقاق، مع نظرية متفائلة للعديد من الديبلوماسيين العرب البارزين. إذ يعتبر هؤلاء ان خطورة النتائج من جراء احتمال عدم التفاهم الداخلي، وفداحة خسائرها على الجميع، قد تدفع في اتجاه التوصل إلى التوافق. وعليه بدأ التداول في صورة غير معلنة بالمخارج الممكنة للانتخاب في تشرين الثاني المقبل، وللرئيس التوافقي، وإطار الجلستين الأولى والثانية.
لكن حسم هذه الأفكار يبقى رهن تطورات المبادرات نجاحاً أو فشلاً، خصوصاً وانه في حال فقدان الأمل نهائياً فإن السيناريوات تأخذ في الاعتبار ان أي جلسة ستحضرها الموالاة منفردة أو المعارضة منفردة لن تتمكن فيها من تأمين ثلثي أعضاء المجلس النيابي.
أسبابهم قائمة
وفي اعتقاد مصادر ديبلوماسية عربية، ان الأسباب التي أدّت إلى القيام بأعمال اغتيالات سياسية في لبنان، بالنسبة إلى من هم ورائها، لا تزال قائمة، وهذا يعتبر مصدر قلق عربي ودولي حيال الوضع اللبناني.
وترى المصادر، ان مثل هذه الأعمال قد تستمر وتبقى قائمة إذا لم يتم وضع رادع جدي في وجهها. بحيث انها مرشحة للاستمرار ليس فقط لاستهداف الاستحقاق الرئاسي وأساسياته السيادية والاستقلالية، إنما قد تمتد في استهدافاتها لتطال الحكومة الجديدة، التي ستكون اليد الطولى فيها للاستقلاليين، بناء على منحى الانتخابات الرئاسية المرتقبة. وثمّة تخوف بالتالي، من ان ينسحب خطر هذا الاستهداف ليطال في توظيفاته الانتخابات النيابية التي ستجر في سنة 2009، لذلك ان خطر استمرار مخططات إبقاء لبنان في إطار الورقة الإقليمية لن ينتهي بانتهاء مرحلة الاستحقاق الرئاسي، ولو تم انتخاب الرئيس الجديد، مع الإشارة إلى ان الصلاحيات الدستورية الأساسية باتت في يد الحكومة مجتمعة وليست في يد الرئيس، ولا تشكل الرئاسة لناحية المنصب إلا خطراً محدوداً في موضوع الصلاحيات.
وإزاء ذلك، تؤكد المصادر الوزارية، ان أهمية الإصرار على الرئيس السيادي الاستقلالي منذ الآن، تعني تعزيز القدرات من أجل الصمود حتى انتخابات 2009 النيابية وما بعد ذلك مروراً بالحكومة الجديدة، وأي تراجع في هذه المرحلة، سيضع البلاد أمام استحقاقات من نوع آخر.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00