8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

دعوة لبنان إليه مرتبطة بعدم إحراجه والتوجّه السعودي مفصلي في الإعداد لإنجاحه المجتمع الدولي يختبر التعاون السوري من باب المؤتمر الدولي للسلام

شكّل الإعلان عن دعوة دمشق الى المشاركة في المؤتمر الدولي للسلام، الذي تعد الإدارة الأميركية لعقده في واشنطن في منتصف تشرين الثاني المقبل، تطوراً مهماً، لا بد أنه جاء بعد دراسة معمّقة وتقويم لتطورات الأوضاع في المنطقة، ولما يمكن أن تقدمه دمشق نتيجة لإمكان تحويل هذا الإعلان عن الدعوة، لاحقاً الى دعوة حقيقية للمشاركة، وتقديم ثوابتها في الإطار العربي في مسألة حل النزاع مع إسرائيل.
وتنشط أكثر من عاصمة عربية وغربية لاستكشاف أسباب الإعلان عن هذه الدعوة في هذا التوقيت بالذات، وآفاقه، ومدى ارتباط الأمر بتفاصيل متصلة بالمطالب الدولية من دمشق، إن كان ذلك على مستوى الملف اللبناني، وخصوصاً أولوية الإصرار الدولي على انتخاب رئيس جديد ضمن الأطر والمهل الدستورية، في المرحلة الحالية، أو على مستوى الملف العراقي، أو الملف الفلسطيني. وكل ذلك يصب في طلب التعاون الايجابي منها لكي تكون جزءاً من الحل وليس من المشكلة.
وتميز مصادر ديبلوماسية أوروبية بارزة، بين الإعلان عن الرغبة في دعوة دمشق الى المؤتمر الدولي، وبين توجيه الدعوة فعلياً لها. على أن الإعلان يكتسب أهمية لافتة، إذ أنه يحمل في طياته وجود نية دولية بعدم استثناء أي طرف معني بموضوع السلام في المنطقة، وسوريا تحديداً، من المشاركة فيه، مع ضرورة أن تُقابل النية الدولية الواضحة، بنية سورية مماثلة، تعبر على الأرض، بأن هذه الدولة لن تستمر في لعب دور المعرقل للحلول ولتطبيق القرارات الدولية، وأنها قابلة، لأن تعمل على سلوكها، لتغييره من أجل أن تندمج مجدداً في المجتمع الدولي، مع ما ينعكس الأمر، ايجابيات لتحقيق المطالب الدولية منها، لاسيما في لبنان والعراق وفلسطين، وليس على حسابهم.
دمشق أمام اختبار واقعي
ويحمل الإعلان في طياته أيضاً اشارات دولية واضحة، الى أن مسألة المشاركة السورية الفعلية في المؤتمر وما قد ينبثق عنه لاحقاً، ستكون بمثابة "جائزة ترضية" لها، بعد وضعها أمام الاختبار الدولي، والسعي الى مقاربة موضوع تعاونها في الملفات كافة، انطلاقاً من باب العملية السلمية في الشرق الأوسط، بحيث يكون ذلك فرصة جديدة لها، لاثبات رغبتها في التعاون الجوهري على المستوى الدولي، ومساعدة نفسها بإعادة الاندماج في الخارطة السياسية الدولية، عبر تطبيق المقتضيات التي يطلبها منها المجتمع الدولي، حيث لا مساومة عليها ولا تراجع عنها.
وتشير المصادر الى أن الجهد الأميركي أثبت تلازمه مع ذلك الفرنسي حول الإشارات المتعلقة بأبعاد دعوة دمشق الى المؤتمر، حيث تعمل الديبلوماسيتان بشكل وثيق ومتكامل لبلورة الطروحات. ومن بين الأفكار الفرنسية التي عُرضت على دمشق أخيراً في إطار المبادرة الفرنسية حول لبنان، المساعدة في دعوتها للسلام، إذا ما أثبتت تعاونها في عدم عرقلة الاستحقاق الرئاسي، لما لفرنسا من موقع لدى الإدارة الأميركية التي تنظم المؤتمر وتعد لعقده.
السعودية مع دعوتها رغم العلاقات
وتعتبر المصادر أن عدم تحديد التفاصيل حول الإعلان عن الدعوة يصب في إطار علاقتها بتحقيق المطالب الدولية من دمشق. وثمة انتظار دولي، من أجل تحديد الموعد النهائي للمؤتمر، وجدول أعماله لعوامل عدة، من بينها اتجاه المشاورات غير المعلنة أوروبياً وعربياً في هذا الصدد، لا سيما التوجه السعودي الذي يشكل نقطة ارتكاز في مسألة دعوة دمشق للمشاركة، وقضية مفصلية في الإعداد لإنجاحه.
وقد اتضح هذا التوجه الذي يصر على مشاركة دمشق وعلى ثوابت المبادرة العربية للسلام التي أعادت قمة الرياض العربية التأكيد على تفعيلها، وهي مبادرة شاملة لكل أطراف النزاع من دون استثناء. ومن الواضح، أن الموقف السعودي الملتزم بالسلام الشامل، جاء مجدداً، على الرغم من التباعد في العلاقات الثنائية السعودية ـ السورية، نتيجة ما شهدته الساحة اللبنانية من تطورات صعبة وتعقيدات وأعمال عنف وقتل وإرهاب.
ورد الفعل السعودي الذي استغرق وقتاً وأحداثاً ليتصاعد حيال سوريا، لا بد أنه سيأخذ الوقت نفسه تقريباً، ليبدأ بالحلحلة، إذا ما تأكد للرياض التعاون الجدي والايجابي من جانب دمشق، تمهيداً لتحسن العلاقات.
وتترقب المصادر أن يكون لبنان مؤيداً لدعوة دمشق الى المؤتمر وعدم استثناء أي طرف معني، فضلاً عن أن لبنان لا يذهب في اتجاه السلام أو مؤتمره بمعزل عن مشاركة سوريا وهذا موقف واضح ويؤكده باستمرار.
لذا، فإن دعوة لبنان الى المؤتمر، ستتم بعد التشاور مع حكومته لمنع إحراجه أو تعريضه لتعقيدات، فيما يهدف المؤتمر الى إزالة التعقيدات لا سيما في خلفية دعوة دمشق إليه، وخصوصاً بالنسبة الى ملفه تحديداً.
وتكشف المصادر أن الإعلان عن دعوة دمشق الى المؤتمر، تزامنت مع تبادل كل من إسرائيل وسوريا، رسائل أمنية تنطوي على معاني سياسية. فاثر الضربة الإسرائيلية التي استهدفت موقعاً في سوريا، تم الإعلان عن تبريرات للضربة والعودة الى تبادل اللغة غير التصعيدية في المواقف، وقد تزامن ذلك، مع تلقي بيروت وعدد من العواصم العربية، معلومات أوروبية يلزم التدقيق بها، حول حصول اجتماعات أمنية سورية ـ إسرائيلية في رومانيا أخيراً، وأن رومانيا تلعب دوراً تنسيقياً بين الطرفين، نظراً الى علاقاتها الديبلوماسية الجيدة مع كل من دمشق وتل أبيب في آن معاً.
وتلفت المصادر الى أن هذه الاجتماعات قد تستمر، وتضاف الى سلسلة لقاءات سرية سابقة في قبرص وسويسرا. وإن تمت التأكيدات حول ذلك، فإن الأمر يعني أن محاولات إسرائيل مستقلة عن إعلان دعوة المجتمع الدولي سوريا الى المؤتمر، لكنها قد تتكامل في مرحلة ما.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00