يحتّم إرجاء انعقاد الجلسة الأولى لانتخاب رئيس جديد للجمهورية إلى 23 تشرين الأول المقبل تكثيف الاتصالات الداخلية وتلك الدولية ـ العربية، حول العناصر التي يمكن ان تشكل نقاطاً للتفاهم على الرئيس. وتنصب الجهود لتحديد التعاطي الخارجي الدولي مع هذه المسألة من خلال ما سيصدر عن اللقاءات والقمم التي ستعقد على هامش أعمال الدورة الثانية والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة التي افتتحت رسمياً أمس، وتجمع قادة العالم.
وسترسم هذه اللقاءات مجدداً السقف المطلوب حيال اتجاهات الإستحقاق، في رغبة بعدم المساومة في إطار المظلة الدولية والعربية التي يحظى بها. وستحمل نهاية الأسبوع الحالي في طيّاتها ما يبلور هذا الموقف، وفق مصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع على المشاورات الجارية في نيويورك، في ضوء التقييم الدولي للتحركات والمبادرات حول الإستحقاق اللبناني، ومقررات "الرباعية الدولية" للشرق الأوسط والسياسة الأميركية في العراق، فضلاً عما يتصل بالاستعدادات القائمة لانعقاد المؤتمر الدولي للسلام في المنطقة في منتصف تشرين الثاني المقبل، بناء على طرح الولايات المتحدة، والتي ستتم دعوة سوريا إليه، في خطوة لافتة.
لبنان ليس موضع مساومة
وعلى الرغم من التقييم الدولي الشامل، لتطورات الوضع اللبناني والإقليمي، تؤكد المصادر ان الموقف الدولي المرتقب خلال الساعات المقبلة حول لبنان، لن يكون موضع مساومة، لا بل سيكون أكثر تشدّداً وأعلى لهجة في تركيزه على الثوابت حيال الإستحقاق. إذ انه سيصدر على شكل إعلانات دولية متعدّدة وعلى أعلى مستوى، ويطالب بإجراء انتخابات رئاسية حرة ونزيهة في إطار الدستور والمهل الزمنية المنصوص عليها، مع تفضيل الإسراع في المشاورات التي من شأنها تقريب وجهات النظر حيال اسم الرئيس.
كما ستتناول الإعلانات التأكيد على أولوية الاستقرار والأمن في لبنان، وضرورة احترام استقلاله وسيادته وسلطته على أراضيه كافة، وستنبثق الإعلانات المنتظرة من مضامين القرارات الدولية ذات الصلة بلبنان، وأبرزها القرارات 1559 و1701 و1680 ثم القرار 1757 لناحية العدالة الدولية وما توفرها من وقف للاغتيالات السياسية.
وستجسّد هذه الإعلانات استكمالاً لردة الفعل الدولية الشديدة على اغتيال النائب الشهيد انطوان غانم وآخرين، وعدم الرضا الدولي عن محاولات زعزعة الأمن وافشال حصول الانتخابات. وكانت الولايات المتحدة أبلغت المسؤولين في لبنان قبل أسبوع من جريمة الاغتيال، تحذيرات من مسائل أمنية وضرورة التنبّه من النوايا لاحداث مثل هذه الأعمال الإرهابية.
وتتواصل في نيويورك المشاورات الأميركية ـ الفرنسية خصوصاً، حيث التنسيق يجري بشكل وثيق حول الإستحقاق الرئاسي، مع العلم ان هناك تفاوتاً في الاخراج بين الطرفين إذ ان فرنسا ترغب في إظهار الطابع الفرنسي الخاص والمستقل لمبادرتها، كونها عميقة الاطلاع على التفاصيل اللبنانية منذ حقبة الانتداب الفرنسي على لبنان، وترغب في ان تبدي انفتاحاً لأقصى حد على كافة الأطراف المعنية بالإستحقاق والتعامل بإيجابية لا سيما في ما يتصل بمواصفات الرئيس التوافقي أو الوفاقي، لكن في النهاية تريد فرنسا ان يجري الإستحقاق في موعده، تماماً كالولايات المتحدة، ومن دون تدخل خارجي.
وتشير المصادر، إلى ان الديبلوماسية الفرنسية اقتربت من نظيرتها الأميركية بعد حادثة الاغتيال، فقد ألغي اللقاء بين وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير ووزير الخارجية السوري وليد المعلّم، في نيويورك، مع انتظار باريس إشارات إيرانية أكثر إيجابية من أجل إتمام زيارة كوشنير إلى طهران، أو عقد لقاءات فاعلة مع الوفد الإيراني إلى نيويورك.
وتركزت المشاورات الأميركية ـ الفرنسية حول ضرورة وجود معنى واحد للرئيس الوفاقي.
وثمة انفتاح فرنسي على التقارب مع المفهوم الأميركي في هذا الشأن، بعدما أدركت فرنسا أن مبادرتها قد "تطير" بالرسالة التي حملتها جريمة اغتيال غانم. فقبل هذه الجريمة سعت فرنسا لدى واشنطن لتسويق فكرة التفاهم على شخصية تقف عند حدود الوسط بين 14 و8 آذار أو من خارجهما، على اعتبار انه بهذا يكمن مفهومها للتوافق. في حين ان لدى واشنطن مفهوماً آخر للرئيس الوفاقي أو التوافقي أبلغته إلى باريس وطالبت بتفضيله. ومفهوم واشنطن، الذي ستعكسه الإعلانات الدولية المنتظرة، هو ان معنى الوفاق يكمن في ما يتم الاتفاق على المبادئ التي يؤمن بها الرئيس الجديد، وهي الاستقلال والسيادة وسلطة الدولة على أراضيها كافة، والعدالة لوقف الجرائم السياسية، والديموقراطية وحقوق الانسان.
دعوة سوريا الى المؤتمر غير متصلة بلبنان
إلا ان الموقف الاميركي مال الى التوجه الفرنسي في مسألة أخرى، وهي دعوة سوريا الى المؤتمر الدولي للسلام في الخريف، بعدما كانت واشنطن ترفض ذلك بشدة.
وتشير المصادر، الى ان لا علاقة لهذه الدعوة بالموضوع اللبناني، على الرغم من ان الخلفية الفرنسية تقضي بتشجيع دمشق على إعادة الاندماج دولياً وأوروبيا مقابل التعاون في تسهيل حصول الاستحقاق ومنع عرقلته، أو على سبيل التمهيد للاعلان عن تفاهم ضمني حول ذلك.
وتفيد المعطيات أن القبول الاميركي بوجهة النظر الفرنسية، تطلّب دراسة معمقة اجرتها الادارة ووافقت بعد ذلك شرط أن تتم من دون تأثيرات سلبية على الموضوع اللبناني. فان كانت تنعكس عليه إيجاباً في موضوع الاستحقاق فهذا مطلوب، إلا انها بالطبع لن تكون باباً للمساومة، لذلك، ثمة انتظار دولي وداخلي لخلفيات الدعوة، التي تقول المعطيات انها مرتبطة بشمولية المؤتمر والعمل لإنجاحه، كون دمشق من المعنيين مباشرة بالنزاع العربي ـ الاسرائيلي.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.