8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

تشدّد مرتقب في نيويورك وفرصة لاستنفاد المساعي الديبلوماسية قبل حسم الخيارات

تجدّد الاغتيالات السياسية في لبنان، من خلال التفجير الإرهابي الذي أودى بحياة النائب انطوان غانم، وما يحمله من معاني ورسائل حول الانتخابات الرئاسية، سيلقي بثقله على أعمال القمم الدولية الجانبية الثنائية والثلاثية، واللقاءات الوزارية التي ستنعقد على هامش أعمال الدورة العادية الثانية والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة التي تبدأ الاثنين المقبل في نيويورك، وستكون الجهود لإيجاد رئيس جديد للجمهورية اللبنانية مطروحة بقوة في هذه الاجتماعات.
وأعرب أكثر من ديبلوماسي دولي رفيع المستوى عن التفضيل الذي يسود المشاورات الإعدادية لهذه الاجتماعات، لو ان الوضع التمثيلي للبنان يسمح له بالمشاركة الفاعلة في هذه اللقاءات، إذ إنه لن يعقد مع رئيس الجمهورية إميل لحود، أي لقاء تشاوري حول لبنان، الذي يمر بمرحلة دقيقة جداً وحساسة عشية انتخاب الرئيس العتيد، ولان مواقف الدول الفاعلة المتصلة بالتمسك بالقرار 1559 بما فيه بند ضرورة إجراء انتخابات رئاسية حرة ونزيهة، كانت لها تداعياتها على علاقات هذه الدول بالرئيس لحود الذي على الرغم من ذلك سيشارك في أعمال الجمعية العامة ويلقي كلمة في 28 أيلول الحالي.
الرسائل المتبادلة متشدّدة
وتبدو أهمية مناسبة انعقاد الجمعية العامة حتمية بالنسبة للبنان إذ سيستفاد من هذا المنبر لإطلاق المواقف الدولية التي تشدّد على إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها وإطارها الدستوريين ومن دون تدخلات خارجية وبالوفاق بين اللبنانيين.
وفي هذا السياق تتجه الأنظار إلى الكلمة التي سيلقيها الرئيس الأميركي جورج بوش في أول أيام الافتتاح الرسمي لأعمال الجمعية يوم الاثنين، حيث سيشدّد على موقف الولايات المتحدة الداعي إلى الزامية وجود رئيس جديد للبنان والابتعاد عن اللعب بورقة الاستقرار والأمن فيه، وتعطيل مؤسساته الدستورية من خلال العمليات الإرهابية والاغتيالات.
وعلى العناوين نفسها ستركز ايضاً كلمة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، فضلاً عن كلمات لرؤساء الدول الأوروبية وروسيا الاتحادية، والأمين العام للمنظمة الدولية بان كي مون.
هذا على المستوى الرسمي، وما ستحمله الخطابات من رسائل دولية ستكون ذات لهجة شديدة وواضحة حيال الاستحقاق الرئاسي والاستقرار اللبناني، وذلك في رد مباشر على ما حمله اغتيال النائب غانم من رسائل دموية لعرقلة حصول الاستحقاق، في إشارة تبدو بديلة للتعاون الإيجابي المطلوب تحقيقه، والذي كانت بعض الدول ذات المبادرات المطروحة تأمل إمكان التوصل إليه نتيجة المساعي الحميدة المبذولة.
التسريع يسرّع منع الاغتيالات
أما على المستوى غير الرسمي، فإن اللقاءات على هامش أعمال الجمعية العامة، لا سيما بين الجانبين الأميركي والفرنسي، وبينهما وبين روسيا الاتحادية والدول الأوروبية والعربية، ستتناول ملف الرئاسة في لبنان انطلاقاً من المعطيات التالية، استناداً إلى مصادر ديبلوماسية بارزة، وهي:
ـ ضرورة تعجيل الخطوات التشاورية المطلوبة داخلياً لتحقيق التفاهم على اسم الرئيس في أسرع وقت ممكن. على اعتبار ان تسريع حصول الانتخابات، وان كان من الصعوبة اتمامها في 25 أيلول، من شأنه تسريع منع الاغتيالات السياسية وقطع الطريق على اعتماد استنزاف القدرات العددية للأكثرية النيابية. وبالتالي ثمة توجه دولي، يفيد بأنه مثلما تم تسريع إقرار المحكمة ذات الطابع الدولي في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري عبر صدور القرار 1757، لتفويت الفرص أمام مزيد من التحديات الداخلية والاغتيالات، فان الضرورات لاستقرار لبنان وأمن مسؤوليه ومواطنيه تقتضي استعادة العمل بهذا التوجه.
ـ ان المداولات الدولية المرتقبة حول الاستحقاق الرئاسي اللبناني، ستتضمن وضع أفكار أكثر تشدّداً لإنجاز الاستحقاق في أطره الزمنية والدستورية، إذ ان هناك إجماعاً دولياً ضاغطاً على وجوب إجراء هذه الانتخابات وعدم عرقلتها، وان أي رسالة شديدة تصب في إطار العرقلة ستواجهها رسائل متنوعة من الدول بالإصرار على وجود رئيس جديد للبنان في الخريف المقبل.
ـ ان الاجتماعات واللقاءات الدولية على هامش أعمال الأمم المتحدة، ستعمل على تقييم المبادرات التي جرى السعي لتحقيقها في لبنان، وخصوصاً منها الفرنسية والعربية، فضلاً عن الجهود لا سيما الجهد السعودي والمصري، والاسباني، والايطالي والفاتيكاني. وسيتم التفاهم على إعطاء فرصة محدودة لاستكمال المشاورات لن تتعدى الأسابيع الثلاثة، وخلالها ستسجل كافة ردود الفعل الداخلية والإقليمية، والمدى الذي ستبلغه المبادرات مضافة إلى مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي سيعيد تحريك لقاءاته المنتظرة الأسبوع المقبل.
وعلى الرغم من دقة الوضع اللبناني، في ضوء اغتيال النائب غانم، فان المشاورات الدولية لا تزال تستبعد خيارات عدة مطروحة، لكن اللجوء اليها لن يحصل إلا بعد استنفاد كل الوساطات، وحدوث أمر يلفت انتباه مجلس الأمن الدولي ودوره. والمرحلة الآن، تركز على مراقبة التطورات الداخلية في ضوء هذه الوساطات وما ستؤدي إليه، بالتزامن مع ازدياد معدل الضغوط السياسية لتحقيق هذه الانتخابات.
ـ ان التقرير النصف السنوي الذي سيقدمه الأمين العام للأمم المتحدة إلى مجلس الأمن، حول تطبيق القرار 1559، يرتدي طابعاً بالغ الأهمية. وموعد تقديمه هو منتصف شهر تشرين الأول المقبل. وهو يأتي بعد ثلاث سنوات بالتحديد على صدور القرار المذكور، وهو جاء في احدى خلفياته الواضحة في نصه، بضرورة إجراء انتخابات رئاسية حرة ونزيهة، لم تتحقق منذ ذلك التاريخ، وبسبب تريث الدول في تحقيق ذلك انتظاراً لانتهاء مدة التمديد للحود، تلافياً لاضطرابات داخلية، سيصر مجلس الأمن في ردة فعله على التقرير، الذي لن تكون أجواؤه بعيدة عن التوجه الدولي حيال الانتخابات، على وجوب إجرائها في موعدها الدستوري.
كما انه على الرغم من إعلان كي مون ان تصريح موفده الخاص لتنفيذ القرار 1559 تيري رود لارسن الذي يعد له التقارير حول ذلك، لا تعبر عن موقف المنظمة، إلا انها جاءت استباقية للتقرير، كما جاءت اثر لقاء الأخير مع البطريرك الماروني نصرالله بطرس صفير في الفاتيكان.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00