8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

الكلمة النهائية لواشنطن رهن بما ستنجزه فرنسا وموفد بابوي قريباً

التفاؤل الحذر، الذي اتسمت به نتائج زيارة وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير للبنان. تعزو أوساط ديبلوماسية بارزة أسبابه إلى عوامل عدة، تستدعي استكمال الجهود الدولية والعربية لتسهيل حصول انتخاب رئيس جديد للبنان في المهل الدستورية، وبالتوافق بين الفرقاء كافة.
وتكمن هذه العوامل في ما يلي:
ـ الحاجة إلى معرفة حقيقة النوايا السورية حيال موضوع الرئاسة في لبنان، على الرغم من الرسائل التي تحمل إشارات إيجابية، يبقى الأساس في ادراك مضمونها، وما إذا كانت دمشق ستلتزم فعلاً بعدم التدخل في الاستحقاق وعدم عرقلة حصول الانتخابات، وذلك على امكان تجاوزها خلفية موجودة دائماً لديها في التعامل مع الشأن اللبناني، وهي بدء العد العكسي لاطلاق المحاكمة في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، والجرائم الأخرى. فعلى قاعدة السعي لانقاذ النظام، وتلافي أن تعرض لأي تصعيد عسكري إسرائيلي ضدها، من الممكن ان تثبت دمشق ما تبلغه إلى المراجع الدولية والأوروبية تحدياً، بأن ادائها حيال ملف الرئاسة في لبنان سيكون واضحاً ومطابقاً لمواقفها، كما انه في الوقت نفسه يمكنها وعلى خلفية اقتراب بدء عمل المحكمة وعدم تجاوزها لذلك إرسال اشارات بالتعاون على سبيل المناورة بحيث يكون إظهار الليونة في اطار خطة، قد يتم اللجوء في نهايتها إلى احداث مفاجآت امنية، إذا بقيت الدول الفاعلة لاسيما الولايات المتحدة غير مكترثة حيال مطلبها الحوار معها حول إيجاد حل لنتائج المحاكمة.
لذلك تتقاطع التقويمات لدى عدد من التقارير الديبلوماسية البالغة الأهمية، حول ضرورات بذل المساعي للتأكد من النوايا لدى دمشق، وما إذا كانت الليونة الظاهرة، هي حقيقة ستؤول إلى تعاون جدّي، ام انها إشارات إلى امكان التعاون، وليست وعوداً بالتعاون لا عودة فيها إلى الوراء، وما يتطلب استدراك ذلك، من خلال "القطبة المخفية" في مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه برّي، التي هي موضع ترحيب داخلي واسع وكذلك دولي، لكن مع أهمية توضيحها وإيجاد صمام الأمان لانعكاساتها. وتسأل الأوساط هل ان التخلي المشروط عن الحكومة الموسعة قبل الانتخابات، هو إشارة سورية موجهة إلى المملكة العربية السعودية، أم إلى فرنسا أو إلى الادارة الأميركية، بالامكانات الموجودة للتعاون لكن بشروط؟ الأمر الذي يجعل التفاؤل الفرنسي حذراً، خصوصاً وانه للمرة الأولى يتحدث وزير خارجية في العالم، بلغة ديبلوماسية لكن فيها اتهام مبطن، حول مسألة الاغتيالات والانفجارات في لبنان وضرورة عدم اعتمادها، وان الدول لا تريد ان يتم اللجوء إليها.
الموقف الأميركي النهائي لم يتحدد
ـ أما العامل الآخر، فهو في عدم تبلور الموقف الأميركي النهائي حتى الآن من صورة ما ستحمله نتائج هذه الانتخابات، على الرغم من المطالبة الحثيثة بضرورة اجرائها في اطار الوفاق اللبناني وخلال المهل الدستورية المرعية. ومن المبكر بعد، بالنسبة إلى الأوساط، ان تحدد الادارة الأميركية كلمتها الأخيرة في الملف الرئاسي، تاركة المجال للديبلوماسية الفرنسية لكي تتحرك في أقصى حدودها، وبع ذلك تجري الادارة تقويماً لحصيلة ما توصل إليه التحرك الفرنسي، مع كل الدول المحورية في المنطقة، والنظر في ما إذا كانت الحصيلة تحظى بموافقتها أم لا. فإذا حظيت بقبولها تتواصل المساعي لبلورة النتائج على الأرض، اما إن وجدت الادارة انه لا بد من تعديل ما في المسار، فإنها لن توفر جهداً لتحقيق ذلك.
وفي هذا الوقت تركز الادارة على جملة مسائل هي:
ـ الملفان العراقي والايراني، مع عدم الاكتراث لتلقي اشارات من دمشق، لاعتقادها ان الأخيرة توجه إشاراتها إلى فرنسا لتنقلها إلى واشنطن للتفاهم على ثمن لتقديماتها في مجال الرئيس اللبناني الجديد. والادارة لا تزال ترفض أي حوار مع دمشق لاسيما عبر الطرق المباشرة. وهي تستمر في عدم تجاوبها حول ذلك خصوصاً وأنها تعتبر ان دمشق تريد ثمناً، وان الحدّ الأقصى هو القبول بنقل مواقف غير مباشرة لكن بالشروط المعروفة.
ـ ان هناك افكاراً مطروحة في البيت الأبيض، تفيد بضرورة التشجيع على رفع سقف التفاوض بين الفرقاء في لبنان، قبل اعطاء الموقف النهائي من أجل العودة إلى بذل الجهد لارساء التوجه ذي البُعد الاستقلالي والسيادي الحقيقي في لبنان، بحيث يستفاد من هذه المرحلة لجعل المعارضة تكشف اوراقها، ويتم استخراج امكانات التسوية لديها، قبل تقديم الموقف النهائي، على أن يتم العمل لتحقيقه على الأرض بالتعاون مع الدول الحليفة والصديقة، مع دراسة الاحتمالات وردود الفعل. ويبدو ان المرحلة الفاصلة عن الانتخاب تتميز بتكبير الأهداف ورفع السقف سعياً إلى مكاسب في اطار التفاهم على مواصفات الرئيس، وتجميع الاوراق.
ـ تنتظر الادارة بلورة المضمون الفعلي لمبادرة الرئيس برّي، في ضوء ردّ فريق الأكثرية عليها، وثمة اتجاه لدعم قرار هذا الفريق مهما يكن انطلاقاً من ان لا اعتراض على تسوية تجمع اللبنانيين، في اطار المقتضيات الاستقلالية والسيادية والدستورية الواجبة. وتتمسك الأكثرية بورقة الـ51 صوتاً، مع الانفتاح على أكثرية الثلثين، في الجلسة الأولى للانتخاب، ولا يمكنها التخلي عن هذه الورقة مقابل التهديد بالفوضى وتخريب البلاد.
وتلفت الأوساط إلى ان لبنان والمنطقة يترقبان وصول موفد من الكرسي الرسولي في الفاتيكان في وقت لاحق، لبحث ملف الرئاسة في لبنان، والاستقرار في المنطقة ومستقبل المسيحيين في الشرق الأوسط.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00