تتضافر الجهود الدولية من خلال وجود الموفدين الدوليين في بيروت حالياً، لتعميق القواسم المشتركة بين كافة القيادات اللبنانية لانتخاب رئيس الجمهورية العتيد الذي سيتسلم سدة الرئاسة على مدى السنوات الست المقبلة.
وتعتبر مصادر ديبلوماسية غربية بارزة، ان عودة وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير غداً الخميس إلى لبنان، لاستكمال مهمته في تحقيق المبادرة الفرنسية حول ملف الرئاسة، هي المؤشر الأقوى لحصول أمل كبير بالتوصل إلى تفاهم داخلي حول ذلك. ويغدو هذا المؤشر الأقوى، بين المساعي الأخرى الموازية، الروسية والاسبانية والسودانية، فضلاً عن تلك الأميركية.
إلا ان الأميركية، تنتظر ما ستؤول إليه المبادرة الفرنسية، لكي تقول الإدارة الأميركية في وقت لاحق، الكلمة الفصل في شأن الاستحقاق.
وإذا ما بقي مسار الاتصالات والمشاورات الدولية يحقق تقدماً نحو التوافق، تعكسه المواقف الداخلية لدى الفرقاء، فإن التوصل إلى إجراء الانتخابات الرئاسية بتفاهم على اسم الرئيس وعلى الإطار الدستوري للانتخاب يصبح أمراً حتمياً. مع العلم ان التسابق يبقى قائماً بين خلق المناخات الايجابية لحصول الاستحقاق، والقلق والتهديد الذي تمثله قابلية الوضع للاضطراب وجعله ينحو في اتجاه التصعيد والفوضى في اشكالها المختلفة، ولا يقتصر ذلك على لبنان فحسب، وإنما أيضاً ينطبق على الوضع في المنطقة المحيطة بلبنان، حيث لا ضمانات نهائية في هذا السياق.
وتكشف المصادر عن إحراز تقدم في المساعي الدولية التي تبذل مع دمشق ان بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، من أجل تسهيل وجود رئيس جديد للبنان. فبعد التقدم الذي حصل على مستوى التعاون الايراني، بدأت العواصم المهتمة تتلقى مؤشرات ايجابية من دمشق حول تعاونها في هذا الملف، على أساس ان يكون الرئيس من فريق الرابع عشر من آذار لكن غير معاد لسوريا، اذ ان دمشق تعرب امام اكثر من شخصية دولية عن اهتمامها الشديد لمسألة عدم عدائية أي رئيس مقبل لها. ما يلفت إلى انها ترسل إشارات بقبولها بحصول الانتخابات الرئاسية بعدما كانت تعارض شبه وحيدة المسار الدولي في سعيه الحثيث لاجراء هذه الانتخابات وفي موعدها الدستوري. الا انه ما من فريق لبناني يريد وجود رئيس معاد لها، لكن ذلك لا يعني انه يجب ان يكون خاضعاً لهيمنتها.
ايران تفرمل الاندفاع للخربطة
وتؤكد المصادر ان ايران ساهمت في "فرملة" الاندفاع السوري نحو وضع تعقيدات وعقبات امام حصول الانتخابات. وبالتالي فهي تراقب الأداء السوري دولياً في موضوع التعاون حيال الرئاسة في لبنان. ويبدو من خلال حصيلة الاتصالات، ان سوريا تحاول الحفاظ على ضغوطها وإنما من دون قطع الخيط الرفيع مع المساعي الدولية. وهي تدرك تماماً ان للضغوط حدوداً، أبرزها ما يتصل بالمطالب الدولية منها، وبالرسائل التي يحملها اليها اكثر من حدث أو موقف اقليمي ودولي.
وتعمل روسيا في اطار مساعيها الحميدة مع دمشق، على اساس انضمامها إلى المجتمع الدولي في تحركه لاختيار رئيس من الاستقلاليين يكون غير تصادمي مع سوريا. وأن يحقق السيادة والاستقرار للبنان وتكون لديه علاقات جيدة مع المحيط اللبناني. وتؤيد روسيا مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري، وتعتبر انه لولا وجود ضوء أخضر اقليمي ايراني ـ سوري لما كانت هذه المبادرة قد حصلت.
والرسائل الاقليمية والدولية التي لا يمكن لدمشق الا أن تأخذها بالاعتبار، في الحسابات حول تحديد تعاونها أو عدمه حيال ملف الرئاسة هي الآتية، مع العلم انها اخذتها بالاعتبار لابداء تعاون:
ـ انجاح القمة العربية العادية التي تستضيفها دمشق في اذار المقبل. وهي تدرك جيداً انه من دون المشاركة السعودية والمصرية الفاعلة لا يمكن للقمة العربية ان تنجح. لذا فإن الاستمرار في سياسة الرفض للمسار العربي يطرح اكثر من علامة استفهام حول مستقبل القمة.
ـ ان الخروق الاسرائيلية للمجال الجوي السوري، تشكل رسالة واضحة لدمشق بأنها غير بعيدة عن الاستهدافات الاسرائيلية المتعددة الهدف، لعل ابرزها، الحرية التي تتمتع بها اسرائيل في التعامل مع الأمور السيادية السورية كما اللبنانية. ويهم دمشق في هذا الإطار، ان تكون محصنة عربياً من خلال عدم الاستمرار في معارضة التوجه العربي والدولي معاً. لذلك فهي ترسل ردات فعل انطلاقاً من المطالب الدولية منها وهي ملف الرئاسة في لبنان.
ـ ان دمشق تدرك جيداً مدى وضوح الموقف الايراني حيال الانتخابات الرئاسية اللبنانية، فطهران تصر على انتخاب رئيس جديد، ومنع التصادم السني ـ الشيعي، لأنه ينعكس سلباً على ايران وأوضاعها، وهي التي يحيطها العالم السني من الاتجاهات كافة. ويهمها كذلك منع الفوضى والتفجيرات الأمنية في لبنان.
ـ ان دمشق تأخذ بالاعتبار في ضغوطها حيال الاستحقاق الرئاسي مسألة أمنها الذاتي أيضاً، فهي بدأت بتطبيق معادلة العلاقات غير العدائية والعنفية، مع العمل لابعاد أي ظروف من شأنها خلق قلق لديها حول الاستقرار فيها.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.