8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

المحكمة جزء من المطالب الدولية لتغيير سياستها وأداء دور إيجابي في لبنان والمنطقة

يشكل المطلب الدولي من دمشق التعاون في تذليل العقبات أمام انتخاب رئيس جديد للبنان، الاختبار الأول لها، الذي يسبق إطلاق عمل المحكمة ذات الطابع الدولي في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، والجرائم الإرهابية الأخرى نهاية هذه السنة. وبالتالي يرتب عليها هذا الأمر البدء بإبراز التزامات جدية وفي الجوهر، ذلك ان الاختبار الأول لها قد يكون مؤشراً لمستوى التعاون في المطالب الدولية الأخرى منها.
ولا تزال مصادر ديبلوماسية غربية واسعة الاطلاع، تطرح أكثر من علامة استفهام حول إمكان إحراز إيجابيات من جراء المساعي المتعدّدة الطرف مع سوريا، المباشرة منها وغير المباشرة، ذلك ان ردة الفعل السورية على خطابي الرئيس الأميركي جورج بوش، والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي حول العلاقة السورية بالملف اللبناني والرئاسي تحديداً، بقيت تراوح مكانها، بدليل ان وزير الخارجية وليد المعلم أعاد بعد لقائه بنظيره الإيراني منوشهر متكي تكرار موقف بلاده من ان الانتخابات الرئاسية تتم وفقاً للتوافق اللبناني. والجميع يدرك جيداً من يستفيد من نفوذه لدى الأطراف في المعارضة لمنع التوافق إلا بشروط تصب في مصلحته. لذلك لم يسجل أي استعداد سوري للتعاون حتى الآن.
حتى ان الفاتيكان الذي دخل بقوة على خط تسهيل حصول الاستحقاق في موعده ووفقاً للدستور، أبلغ دمشق انه يأمل أن يحضر حلفاء سوريا اللبنانيين جلسة مجلس النواب لانتخاب رئيس جديد، وأن تساهم دمشق في تضافر الجهود الدولية قبل الانتخاب لإيجاد تفاهم واضح بين اللبنانيين على اسم الرئيس العتيد.
وتؤكد المصادر ان المجتمع الدولي ينتظر من دمشق ان تحدّد خيارها بالنسبة إلى تنفيذ المطالب والالتزامات المطلوبة منها، وتحديدها لذلك سينعكس حتماً على طبيعة الدور الذي ستؤديه حيال الموضوع اللبناني، إذ ان عليها ان تكون جزءاً من الحل وليس جزءاً من المشكلة أو الأزمة.
وهذا التوجه الدولي أكده مجدداً الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا الذي شدّد على ان ابتعاد سوريا عن التدخل في الشأن اللبناني هو الذي يخدم الوضع اللبناني والتوافق الداخلي.
وبالنسبة إلى المجتمع الدولي، فإن المحكمة، أي نتائج المحاكمة في ضوء ما توصل إليه التحقيق، ستكون جزءاً من المطالب الدولية من سوريا لتلبيتها بتسليم المسؤولين أو المتورطين في الجريمة.
وهذه المطالب أطلقت منذ إعلان وزير الخارجية الأميركي السابق كولن باول المطالب الدولية منها، واستتبعت بالمطالب المستجدة والتي تجسدها القرارات الدولية 1559 و1701 و1680 و1595 ومتفرعاته حتى الـ1757، ثم المطالب المتصلة بالاستقرار في العراق وفلسطين، ومنع تدفق السلاح والمسلحين إلى الدول المجاورة ولا سيما إلى لبنان وفلسطين والعراق ثم وقف تحالفها مع إيران.
لذلك، تتجه الأنظار الدولية إلى ما يمكن ان تقدمه سوريا وأن تلتزم به، وماذا ستقدم، وبمَ ستلتزم، ومع أي جهة دولية أيضاً.
لا يمكن إلغاء المحكمة
واستناداً إلى المصادر، فإن الرسائل الدولية التي تنقل عبر القنوات الديبلوماسية تبدو واضحة لجهة أن لا مساومة على نتيجة المحاكمة، وأن المحكمة انطلقت عملياً وليس في مقدور أحد إلغاؤها، وهي تجسد التوجه الدولي الصريح لإحقاق الحق وتأكيد العدالة، وأن الأسرة الدولية التي جهدت لإنشائها لن تقوم بالتراجع عن ذلك.
وعلى الرغم من ان الوضع اللبناني سيشهد تحديات متزايدة نتيجة للقلق السوري من مرحلة المحاكمة ومرحلة الحكم، إلا ان الجهد الدولي لن يتساهل في مسألة ان تؤدي سوريا دوراً إيجابياً في لبنان والمنطقة بتغيير سلوكها.
تعويل فرنسي على التفاهم مع إيران
وتنتظر باريس ردود الفعل السورية حيال مطلب ساركوزي من دمشق وتربط إرسال موفدها لتنفيذ مبادرتها حول لبنان السفير جان كلود كوسران إليها بطبيعة هذه الردود. لكن زيارة كوسران إلى إيران حتمية في إطار جولة له في المنطقة.
وفي اعتقاد فرنسا، انه بالإمكان التفاهم مع إيران ليس فقط في الملف الرئاسي اللبناني فحسب، بل أيضاً في كافة الملفات المطروحة من النووي الإيراني إلى العراق وفلسطين وغيرها.
وكوسران يهتم بكافة هذه الملفات، وهو يعول على التعاون الإيراني، إذ ان هناك حداً معقولاً من التفاهم مع طهران خلافاً لما هو الوضع مع دمشق وينصبّ الجهد الفرنسي ـ الإيراني والسعودي ـ الإيراني حالياً على ان تقوم طهران بدور فاعل في التأثير في الموقف السوري بهدف تفاهم اللبنانيين على رئيسهم الجديد.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00