يحيل اليوم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، تقريره الأول حول مجريات تنفيذ القرار 1757، الخاص بإنشاء المحكمة ذات الطابع الدولي في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري والجرائم الإرهابية الاخرى، على مجلس الأمن الدولي، لمناقشته في التاسع عشر من أيلول الجاري واتخاذ الموقف اللازم.
ويجسد مضمون التقرير والتقدّم الحاصل في إرساء المحكمة، النية الدولية بتسريع اطلاق عملها لإحقاق العدالة ومقاضاة المجرمين وعدم التهاون في ذلك، وإلا لما تضافرت الجهود الدولية لإقرار المحكمة ومن ثم لتشكيلها من دون تلكؤ أو تراجع.
وبالتالي، تؤكد مصادر ديبلوماسية بارزة في الأمم المتحدة ان التقدم الجوهري الذي يطال مراحل تأسيس المحكمة، وفقاً للتقرير والنظر فيه في مجلس الأمن عبر جلسة مناقشته، يعكس إلتزام المجلس حيال المضي قدماً في اطلاق عمل المحكمة، كما يعكس ان ما يتبقى من خطوات لا يلزمه مزيد من الوقت لاستكماله، بل ان المحكمة ستنطلق في مهمتها قبل نهاية السنة الحالية، ما يعني ان المحاكمة ايضاً ستبدأ خلال الفترة عينها.
مرحلي وتقني
وكانت الحكومة اللبنانية تسلمت نص التقرير خلال الساعات القليلة الماضية، ووصفت المصادر التقرير بأنه مرحلي وتقني. أرادت الأمم المتحدة من خلال طابعه هذا التأكيد مجدداً على نزاهة دورها وحياديته، وان عملها في ذلك ليس مسيّساً، وانها تبتعد في مضمون التقرير، عن ان يكون خلافياً.
انما في الوقت عينه سيعبر التقرير عن القرار الواضح والصريح بالإلتزام بتنفيذ الأمين العام للقرار 1757، وعن ان هذا المنحى يؤكد مرة اخرى ان التوجه الدولي ثابت في إحقاق العدالة، ولن يتمكن أي فريق أو جهة من السعي لتهميش هذا التوجه أو إلغائه.
ويشرح كي مون في التقرير دوره في الوفاء للمهمة التي أوكلها إليه مجلس الأمن الدولي بتشكيل المحكمة. كما يتناول الخطوات المتوقع ان يقوم بها وينفذها، في ضوء ما حققته جهوده في سبيل إنشائها خلال مرور 90 يوماً على صدور القرار 1757، والتي سيحددها، وهي تشمل مسائل المقر، والموازنة والقضاة الدوليين واللبنانيين، والمدّعي العام، وتمويل المحكمة وردود الفعل الدولية حول ذلك.
مراحل التقدم
وتفيد المصادر ان التقرير سيتضمن في مسألة المقر، الجواب الرسمي الهولندي على استضافة هولندا للمحكمة، والترتيبات التي يجري التفاوض حولها بين الطرفين للتوقيع على اتفاقية المقر، مع ما يشمله ذلك من مصاريف المحكمة والمحاكمة وأمن المحاكمة وحماية الشهود والمتهمين فضلاً عن حماية موظفي المحكمة بدءًا من المدعي العام ونائبه والقضاة. كما سيتناول المقر والاختيار بين لاهاي العاصمة، أو مدينة كونتزاي القريبة منها، أو مدينة اخرى مطروحة أيضاً. وسيبلغ كي مون في تقريره حول نتائج مهمة وكيله القانوني نيكولاس ميشال في هولندا التي أمضى فيها قرابة الأسبوع موفداً منه للتفاهم مع الحكومة الهولندية، على المقر وتفاصيله، والتي عاد منها أمس إلى نيويورك.
اما في مسألة الموازنة المطلوبة، لعمل المحكمة، فقد جرى تحديد مبلغ يتراوح ما بين 20 و35 مليون دولار أميركي للسنة الأولى من نشاطها، واستندت الأمم المتحدة في تحديد هذا المعدل على كلفة محكمة سيراليون بصورة تقريبية ومبدئية. لكن ذلك يبقى قابلاً للتأكد من خلال تحويل مشروع الموازنة إلى موازنة نهائية، وعليه بدأت ردود الفعل تتوالى إلى الأمم المتحدة حول مساهمات الدول واستعداداتها، وهي ايجابية. كما ان للتفاهم النهائي حول تفاصيل المقر وأكلافه أثره على تحديد الرقم النهائي للموازنة.
وفي مسألة المدعي العام، ونائبه، الذي يجب ان يكون قاضياً لبنانياً، فان خطوات متقدمة حصلت في البدء بإجراء المقابلات مع من سيتولى هذا المنصب، والذي سيكون في البدء خلفاً لرئيس لجنة التحقيق الدولية المستقلة في الجريمة القاضي سيرج براميرتس، وستجري هذه العملية بشكل منفصل على اختيار القضاة الدوليين لهذا المنصب، والتي بدأت المقابلات تجري مع من ترشح، ويستمر تقديم الترشيحات حتى 24 أيلول الحالي وستختار لجنة الاختيار لاحقاً ثمانية قضاة دوليين و4 قضاة لبنانيين بعد 24 أيلول، وسيتم ذلك في الوقت نفسه وبالتزامن، ولم يحدّد موعد ذلك حتى الآن، مع العلم ان اختيار نائب المدعي العام سيبت اختيار المدعي العام.
ولن يُصدر المجلس قراراً نتيجة نظره في تقرير كي مون حول إنشاء المحكمة، انما قد يصدر بياناً رئاسياً أو بياناً صحافياً، والأمر مرتبط بمضمون التقرير ومواقف الدول الـ15 الأعضاء في المجلس.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.