ثمة عوامل عديدة تشجع مصادر ديبلوماسية عربية رفيعة المستوى، على التفاؤل حول حصول تعاون إيراني مع الدول المهتمة بحصول انتخابات رئاسية في لبنان في موعدها وبحسب الدستور. أبرزها ان إيران تقف إلى جانب وجود رئيس جديد للبنان في الخريف المقبل، وينسجم موقفها في ذلك، مع موقف المجتمع الدولي الذي يتميز بإصراره لتحقيق هذا الهدف.
وتكمن هذه العوامل في ما يلي:
ـ استمرارية الحوار السعودي ـ الإيراني حول مسائل عديدة في المنطقة، ومن بينها الملف اللبناني، بحيث يتأكد ان ليس لإيران كما لكل دول العالم مصلحة في ان يخرج لبنان من مرحلة الاستحقاق الرئاسي من دون رئيس جديد.
ـ استمرارية الحوار الفرنسي ـ الإيراني خصوصاً حول التطوّرات اللبنانية، والجهد الذي يجب ان يستكمل من جانب طهران لبلوغ حد التفاهم اللبناني ـ اللبناني على الاستحقاق، بما في ذلك دستوريته، واسم المرشح، وبالتالي تعميق وتثبيت مرحلة التهدئة والحلول السياسية، وهي تتم على وقع التهدئة الدولية مع إيران، وتواصل العمل الدولي على الحل الديبلوماسي لملفها النووي كخيار لم يستنفد بعد.
ـ الحوار الأميركي مع إيران المحصور بالوضع العراقي. إلا ان استمراريته تضفي مناخاً إيجابياً على الرسائل السياسية التي ترسلها إيران للولايات المتحدة، ليس بالنسبة إلى العراق فحسب، بل أيضاً بالنسبة إلى الموضوع اللبناني، والوضع في أكثر من موقع إقليمي يهم واشنطن كفلسطين أيضاً. على الرغم من ان الإدارة الأميركية ليست في وارد المقايضة حول لبنان، لكن طهران سترسل رسائل حتمية انطلاقاً من الساحة اللبنانية، وخصوصاً في مجال مواقف من يمثلون نفوذها في لبنان حول الاستحقاق الرئاسي. ومن هذا المنطلق يجري التفسير الديبلوماسي، لإصرار رئيس مجلس النواب نبيه بري، على حصول الاستحقاق الرئاسي في موعده، وان انتخاب رئيس جديد للبلاد هو أمر واقعي وحتمي. وتضع هذه المصادر، المواقف التصعيدية للمعارضة في خانة اللعبة السياسية المطلوبة، والسيناريوهات التي يحتاج إليها الداخل السياسي في المعركة حول الاستحقاق الرئاسي. فبعد اشتراط وجود حكومة أكثر توسعاً قبل الانتخابات الرئاسية، يجري الحديث، عن تزامن الاثنين، مع العلم ان من يطالب بالحكومة الأكثر توسعاً، يدرك ضيق الهامش الزمني لتشكيلها، والهامش السياسي أيضاً. لكن رفع السقف في المواقف يهدف إلى محاولة تحسين الشروط والمكاسب في فترة الاخذ والرد حول الاستحقاق.
العقدة السورية في الرئاسة
وتؤكد المصادر، ان العقدة في الانتخابات الرئاسية ليست إيرانية، بل هي سورية، يجري حالياً تسليط الجهود توصلاً إلى حلّ ما لها. فقد استطاعت إيران تخفيف الضغوط الدولية عليها من خلال تعاونها في لبنان، وفي أكثر من موقع في المنطقة ولو كان ذلك في إطار حدود معينة، كان لها فيها مصلحة في تهدئة الأمور ان في لبنان، أو في غيره. الأمر الذي انعكس إيجاباً على المقاربة الدولية لملفها، بحيث أعطيت فرصة إضافية لها، للحل السلمي لملفها، وانخفض معدل الضغوط الدولية من مستوى الإعداد للحرب عليها وتجميع البوارج قرابة سواحلها، إلى مستوى الحديث عن عقوبات جوهرية في مجلس الأمن الدولي، إذا لم تمتثل للقرارات الدولية. ولمجرد حصول الحوار الأميركي ـ الإيراني حول العراق، واستمراريته، مع استمرارية الحوار بين الرياض وطهران، وفرنسا وطهران، وعودة الحوار الإيراني مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ومع الاتحاد الأوروبي، جرى الحصول على انفتاح إيراني على المجتمع الدولي، يبقى السؤال في مدى استكماله.
تطورات العلاقات الدولية مع إيران
وما لفت المصادر، الموقف الأخير للبطريرك الماروني مار نصرالله بطرس صفير من الرئيس الجديد، ثم اللاموقف من بعض القيادات اللبنانية الفاعلة، التي تنتظر التطوّرات. وتربط المصادر هذا المنحى، بمراقبة الأجواء الدولية حول إيران، حيث لا يزال الميل السائد للحل السياسي لملفها النووي. وهي، تقوم بتقديم التهدئة والإيجابيات في مواقف ومواقع متعددة، لا بد انها كانت وراء ضبط الفتنة الطائفية في لبنان، ومعارضتها للبؤر الأمنية في لبنان، وللتفجيرات المتنقلة بين المناطق وصولاً إلى معارضتها هزّ الاستقرار والأمن. فأبدت طهران تعاوناً دولياً، جرى تخفيف للضغوط الدولية عليها كنتيجة له، مع السعي لتعميق الحل الديبلوماسي معها.
وتكشف المصادر، ان العمل جارٍ حالياً على أكثر من مستوى غربي وعربي مع إيران لحل العقدة السورية في الانتخابات الرئاسية. كما ان موسكو تحديداً تقوم بدور كبير بعيداً عن الأضواء مع دمشق، حيث تبذل مساعيها الحميدة، لحصول انتخابات رئاسية لبنانية باتفاق جميع اللبنانيين وتفاهمهم. كما ان هناك اتصالات روسية ـ إيرانية، لتحقيق هذا الهدف.
وتنطلق هذه الاتصالات من ان موسكو تنظر إلى مصلحة لبنان من خلال لبنان، وليس من خلال أي مصلحة أخرى، وهي تقف ضد التدخلات الخارجية في لبنان من أي جهة أتت.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.