لا تزال زيارة كل من وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير والأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى لبيروت، مستبعدة خلال المرحلة الحالية. فالوزير كوشنير يمضي إجازة خاصة، اما موسى فلا تختلف الظروف السياسية التي تجعله يتحرك في اتجاه لبنان عن تلك التي تتحكم بتفعيل المبادرة الفرنسية لحل الأزمة اللبنانية ودفعها إلى الأمام.
غير ان أوساط ديبلوماسية رفيعة المستوى في العاصمة الفرنسية، تؤكد ان عدم وجود برنامج واضح لإمكان حصول زيارة لكوشنير إلى لبنان، أو للسفير الفرنسي المكلف تنفيذ المبادرة التي تطرحها باريس جان كلود كوسران، لا يعني ان جموداً يلف التحرك الفرنسي وانما هناك اتصالات فرنسية ومشاورات على أكثر من صعيد أميركي وعربي وأوروبي حول سبل الخروج من الأزمة في لبنان.
وتشير الأوساط إلى ان هذه المشاورات تتركز تحديداً على موضوع رئاسة الجمهورية، إذ ان البحث انتقل إلى شخص الرئيس العتيد وملامحه والأسماء المطروحة لتولي هذا المنصب البالغ الأهمية، والذي سيحدّد صورة لبنان على المستويين الداخلي والخارجي على مدى السنوات الست المقبلة.
وانتقال البحث إلى الرئاسة، يحتم على الدول المهتمة بتذليل العقبات أمام هذا الإستحقاق، متابعة التطورات اللبنانية، واستناداً إلى الأوساط نفسها، فإن متابعة التطورات تعني انتظار ما ستخرجه النجاحات الجزئية التي حققتها المبادرتان العربية والفرنسية، لا سيما على صعيد مفاعيل جمع القيادات اللبنانية، والتهدئة الإعلامية وتلك الأمنية المعمول بها، لكن، مع العديد من الخروق الإعلامية والسياسية التي سجلت، وآخرها المواقف من الدور السعودي الداعم لوحدة اللبنانيين ولاستقرار لبنان وسيادته واستقلاله وأمنه. كما ان هناك اهتماماً دقيقاً ومراقبة حثيثة للعلاقة التي تسود بين الأفرقاء اللبنانيين، فضلاً عن الاهتمام الفرنسي بتطورات المواقف التي يعبّر عنها رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي يؤدي دوراً محورياً، خصوصاً في مسألة الإعداد للانتخابات الرئاسية.
البحث بالأسماء في بداياته الخجولة
وتصف الأوساط بداية البحث في الأسماء للإستحقاق الرئاسي، بأنه يتناول العديد من الأسماء المطروحة والمعروفة في التداول، لكن البحث في هذا الموضوع يسير حتى الآن في إطار خجول. ذلك ان شهري أيلول وتشرين الأول المقبلين، لن يحملا في رأيها، أي مستجدات تبلور الملف الرئاسي.
وان الخطوة الأساسية في هذا الإستحقاق ستتم في تشرين الثاني المقبل وليس قبل ذلك. وبالتالي، فآن الفترة من أيلول حتى منتصف تشرين الأول ستكون مرحلة مراوحة في بداياتها. على ان تتكثف في نهاياتها الحركة الخارجية المهتمة بهذا الملف.
من هنا، لن يُنتج شهر أيلول أي تطور جوهري، وأقصى ما تم التفاهم حوله مع أكثر من طرف معني، هو إبقاء الوضع اللبناني قيد المراوحة حتى تشرين الثاني المقبل موعد الإستحقاق الكبير.
جهد فرنسي ـ اسباني مشترك
ومن الآن وحتى نفاذ مرحلة الانتظار تبذل فرنسا جهداً مشتركاً مع اسبانيا، لكي يتوصل الأفرقاء اللبنانيين إلى تفاهم حول شخص الرئيس الجديد. وفي اعتقاد أكثر من مسؤول فرنسي بارز، ان المبادرة الفرنسية ـ الاسبانية تقوم أساساً على إتاحة الفرصة أمام اللبنانيين أنفسهم للاتفاق على رئيس يحكم بلادهم. وان ليس لفرنسا، أو لاسبانيا المزايدة على أحد في الداخل، في شأن الحرص على هذا الإستحقاق وتمريره كما يجب تلافياً لوقوع لبنان في تأزم لوضعه.
وتجزم هذه الأوساط، بأن فرنسا لا تبحث في مسألة توسيع الحكومة الحالية، وليست هذه المسألة في في إطار دورها، وقد تكون التطورات وبدء العد العكسي للإستحقاق أديا إلى تخطي البحث في هذه المسألة، مع وجود تشاور فرنسي ـ عربي وتعاون حول أهداف المبادرتين وغايتهما في الأساس.
وعلى الرغم من مرحلة الانتظار والمراوحة الحالية، فان أي تصعيد أو خرق للتهدئة بين الأفرقاء اللبنانيين، سيحتم على فرنسا كما على الجامعة العربية، ان يستأنفا تحركهما في اتجاه لبنان، وان يُعيدا وضع ثقلهما للتوصل إلى تجديد التهدئة بين الجميع، والاتفاق على الإستحقاق يجري العمل عليه، لكنه لا يزال سابقاً لأوانه.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.