ثمة تطورات مفصلية تتحقق داخل الأمانة العامة للأمم المتحدة في مسألة إنشاء المحكمة ذات الطابع الدولي في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، والجرائم الإرهابية الأخرى. إذ أن مرحلة ما قبل صدور تقرير الأمين العام بان كي مون الأول حول مجريات تنفيذ القرار 1757، لا تقل أهمية عن مرحلة ما بعد صدوره، وما سيستتبع ذلك من خطوات متسارعة لإطلاق عمل المحكمة.
وتسير عملية إرساء مكونات المحكمة كافة بالتوازي. وتفيد مصادر ديبلوماسية بارزة في الأمم المتحدة، أن المنظمة الدولية تنتهي اليوم من وضع المشروع النهائي لموازنة المحكمة. ولدى إنجاز هذه الخطوة ستتضح قيمة مساهمة الحكومة اللبنانية فيها بالأرقام علماً أنها محددة بنسبة 49 في المئة.
كما ستُظهر هذه الخطوة مساهمة الدول، وهي ستكون على سبيل التبرع، وقد سجلت الأمم المتحدة تعاوناً دولياً جدياً لتمويل المحكمة من خلال الردود التي تسلمها الأمين العام من الدول التي كان قد راسلها قبل نحو ثلاثة أسابيع، لهذه الغاية.
وعلى الرغم من أن مهلة ترشيح الدول لقضاة دوليين في المحكمة، تنتهي في 24 آب الحالي، أي بعد سبعة أيام، فإن الترشيحات بدأت ترد بكثافة الى مديرية الشؤون القانونية في المنظمة الدولية، وكذلك الترشيحات الدولية لخلافة رئيس لجنة التحقيق الدولية المستقلة في الجريمة القاضي سيرج براميرتس. وتكشف المصادر، أن الأمين العام باشر قبل أيام عدة إجراء مقابلات مع القضاة المرشحين لخلافة براميرتس، لاختيار قاضٍ من بينهم لهذا المنصب، والذي سيتحول الى المدعي العام في المحكمة عند تشكيلها. وتتكتم الأمانة العامة حول أسماء القضاة المرشحين لهذا المنصب تلافياً لتعرضهم لأعمال استفزازية، فتجري المقابلات لاختيار أحدهم بسرية تامة.
كذلك يجري كي مون مقابلات مع المرشحين لمناصب القضاة الدوليين في المحكمة، وستتم هذه المقابلات مع جميع الذين سجلت ترشيحاتهم حتى تاريخ 24 آب.
وفي نهاية شهر آب الحالي ستتبلغ الأمانة العامة من هولندا موقفها النهائي والرسمي حول استضافتها مقر المحكمة، وكل المؤشرات تدل على موافقة نهائية لاستضافتها، ذلك أن الترتيبات بدأت للتوقيع بين الطرفين على اتفاقية المقر، وللتفاهم على إجراءات لحماية أمن المحكمة والمحاكمة على المستويات كافة.
وسيعكس مضمون تقرير كي مون الأول حول القرار 1757، هذا التقدم الذي سيوضع موضع التنفيذ بصورة تلقائية، من دون الرجوع إلى مجلس الأمن، إذ أن النظام الأساسي للمحكمة يسمح بالتنفيذ الاوتوماتيكي لإجراءات إنشائها من جانب الأمين العام.
ولا تتوقع المصادر، بالتالي أن يصدر مجلس الأمن قراراً جديداً نتيجة النظر في تقرير كي مون حول الـ1757 بعد 90 يوماً على إقراره، بل إنه سيأخذ علماً بكافة الخطوات التي أنجزت في متطلبات تنفيذ القرار المذكور، ويطلب إلى كي مون استكمالها لتأخذ مجراها التطبيقي والواقعي.
وتبلغت الحكومة اللبنانية، أن تقرير كي مون سيصدر في الخامس من أيلول المقبل ويُحال في اليوم نفسه إلى مجلس الأمن ليتم توزيعه على الدول الـ15 الأعضاء، لكي تدرسه حكوماتها وتضع ملاحظاتها عليه، قبل أن يلتئم المجلس رسمياً في التاسع عشر من أيلول لمناقشته واتخاذ الموقف المناسب منه. يُذكر أن ترجمة القرار ستتم في 12 أيلول إلى كل اللغات المعتمدة لدى الأمم المتحدة.
وإذا ما تضمن التقرير مقرّ المحكمة، وموازنتها، والقضاة الدوليين، واختيار القضاة اللبنانيين بناء على ترشيحات الحكومة والتي أرسلتها قبل نحو شهرين إلى الأمانة العامة، واختيار المدعي العام عملياً، فإن المحكمة ستوضع موضع التنفيذ في مرحلة قريبة لتبدأ عملها قبل نهاية السنة الحالية، ويكون الأمين العام أيضاً قد حقق نقلة نوعية في إنشائها، وتحويلها من الورق إلى الواقع.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.