ينصب الجهد العربي والدولي حول لبنان في هذه المرحلة، على تهيئة المناخ الملائم لحصول الانتخابات الرئاسية في موعدها الدستوري، فهناك رهان جدي من هاتين الجهتين على إجرائها، كي لا تقع البلاد في حالة تأزم للوضع، تحذر من خطورته، كلاً من المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية، ومصر وروسيا الاتحادية والاتحاد الأوروبي بما فيه فرنسا خصوصاً.
وينطلق هذا الجهد من تحقيق عنصرين أساسيين، تؤكد مصادر ديبلوماسية بارزة وجودهما على الرغم من عدم إحراز المبادرتين العربية والفرنسية تقدماً جوهرياً وكاملاً. وهما:
أولا: التفاهم على تهدئة أمنية وإعلامية، انعكست ايجاباً في تبريد الأجواء التي كانت سائدة خلال الأشهر القليلة الماضية. وستكون التهدئة حافزاً لحشد المساعي تحضيراً للأجواء المفيدة لحصول الانتخابات الرئاسية.
دور بري المفصلي
ثانياً: الدور المفصلي الذي سيؤديه رئيس مجلس النواب نبيه بري في حصول هذا الاستحقاق، والرهان الدولي على دوره، في ما تحمله المشاورات والاتصالات الديبلوماسية القائمة معه على أكثر من مستوى.
مراحل المساعي اثنتان
وتفيد المصادر، أن واشنطن ومعها المجتمع الدولي، يصران على إجراء الانتخابات ووجود رئيس جديد للبنان في الخريف المقبل. وهما لن يألوا جهداً في محاولة اقناع أركان المجلس النيابي بدءاً برؤساء الكتل النيابية، لا سيما الأساسية منها، لتأمين النصاب القانوني لانتخاب الرئيس في جلسة تخصص لذلك. هذا في مرحلة أولى من المساعي، بحيث إذا لم يتأمن هذا الهدف، فالتوجه الأكيد، هو حصول انتخابات تقوم بها الأكثرية النيابية في لبنان وليس في الخارج، في مرحلة ثانية. إلا ان العمل لتحقيق الانتخابات بالأكثرية هو الخيار الحتمي، لكن توقيت حصوله لن يكون في أيلول المقبل، بل في الأيام العشرة الأخيرة من ولاية الرئيس الحالي اميل لحود.
ويتركز جانب كبير من الاهتمام الدولي بالاستحقاق الرئاسي على جس النبض لدى كافة الفرقاء السياسيين في لبنان، حول الاحتمال الوارد لدى لحود بتشكيل حكومة أخرى قبل نهاية ولايته، مع أن يتزامن هذا التحرك بإبلاغ الجميع، أن أي حكومة ثانية ستقاطعها مختلف الحكومات في العالم، ولن تحظى باعتراف عربي ودولي، ولن تتمكن المعارضة من الاستفادة السياسية من اللجوء الى خطوات معرقلة للحل مثل تشكيل حكومة موازية، بحسب ما تصر عليه دمشق لدى حلفائها، مع العلم، أن بري ورئيس كتلة التغيير والاصلاح النائب ميشال عون، أعلنا عدم مشاركتهما في حكومة من هذا النوع.
إيران تريد رئيساً غير معادٍ لسلاح الحزب في حين، أن إيران، أبلغت، أكثر من طرف عربي عبر القنوات الديبلوماسية، أن ليس لديها مشكلة في التفاهم الداخلي على اسم الرئيس الجديد للجمهورية، لكن ما يهمها هو ألا يكون معادياً لسلاح "حزب الله".
لكن دمشق، تفضل، استناداً الى المصادر، عدم انتخاب رئيس جديد، إذ ينحصر اهتمامها في هذه المرحلة بتذليل الإحراج أمام مسألتين، الأولى: نتائج عمل المحكمة ذات الطابع الدولي في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، والثانية: تحقيق الاعتراف الدولي بأنها مفتاح الحل في لبنان. إلا ان أياً من واشنطن والرياض وباريس لا تريد التراجع عن المحكمة، كما أن أياً منها لا تريد إعطاء سوريا رصيداً سياسياً في لبنان والاعتراف لها بدور فيه. إنما ما تريده هو أن تنفذ القرارات الدولية حول لبنان.
إصرار على تسريع بدء المحاكمة
وبالتالي، تتكثف الجهود الدولية لتأمين تفاهم لبناني على رئيس للجمهورية من فريق 14 آذار، وإبلاغ الأطراف الاقليميين رسالة مفادها لا تفاوض حول استقلال لبنان وسيادته، وأن لا تراجع عن موضوع المحكمة، لا بل إن هناك إصراراً دولياً وتشديداً أميركياً على تسريع انطلاقة المحكمة وبدء المحاكمة.
والموقف الدولي أبلغ الى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، الذي يعد لتشكيل المحكمة. والسبب يعود الى الاستعجال في ضرورة كشف الحقيقة عن المجرمين ومقاضاتهم. ولفتت المصادر، الى أن اطلاق عمل المحكمة قد يتم قبل التوقيت الذي وضع مبدئياً حسب التقديرات لاكتمال تحضيرات إنشائها.
وإن التجاوب من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة مع رسائل كي مون حول المساهمة في القضاة وفي التمويل حقق تقدماً ملموساً.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.