وضع مجلس الأمن الدولي حداً لتوسُّع النقاش، حول تقرير الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في شأن مجريات تنفيذ القرار 1701، وتقرير اللجنة الدولية المستقلة للحدود اللبنانية ـ السورية، باستصداره الجمعة الماضي بياناً رئاسياً إزاء التقريرين، وذلك من أجل التفرغ هذا الأسبوع لاستحقاق التجديد للقوة الدولية العاملة في الجنوب "اليونيفيل"، وفقاً للقرار المذكور، لسنة جديدة، تبدأ في الأول من أيلول المقبل.
وتتابع الحكومة اللبنانية مرحلة المشاورات التمهيدية غير الرسمية بين الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن حول هذا الاستحقاق، والتي ستُباشر اليوم الاثنين، وذلك على أساس التقرير التقني للأمين العام للمنظمة، والذي كان أحاله الخميس الماضي إلى مجلس الأمن لدرسه والموافقة عليه.
ويطلب التقرير التمديد سنة لـ"اليونيفيل" التي تنتهي ولايتها في 31 آب الجاري وفقاً للمهمة التي أناطها بها القرار 1701 من دون تعديل أو تغيير مهمتها تخضع لبيئة جديدة تحتم إجراءات.
كما يطلب التقرير الذي جاء على شكل رسالة من ثلاث صفحات إلى المجلس، التجاوب مع طلب الحكومة اللبنانية الخاص بهذا التمديد، والذي كان تسلمه في حزيران الماضي. ويتناول التقرير ظروف عمل "اليونيفيل" التي تمتاز مهمتها بوضع "استراتيجي جديد"، وانه على اثر الهجمات التي تعرضت اليها، فإنه بات لعملها "بيئة جديدة" تحتم اتخاذها إجراءات إضافية بهدف الدفاع عن نفسها. ويشير التقرير إلى انه يوصي بالتمديد لـ"اليونيفيل" في ضوء طلب الحكومة حول ذلك.
وتدرس حكومات الدول الـ15 الأعضاء في مجلس الأمن، رسالة الأمين العام لوضع ملاحظاتها قبل الجلسة التي يعقدها المجلس للتجديد للقوة الدولية في السادس عشر من شهر آب الجاري، في حضور ممثلين عن الدول المشاركة في "اليونيفيل".
وفي هذا الوقت الفاصل عن الجلسة، تكثف فرنسا مشاوراتها الديبلوماسية مع كل من الولايات المتحدة وبريطانيا، حول أفكار أولية وضعتها تشكل نواة لمشروع قرار فرنسي للتجديد لـ"اليونيفيل". وقد يخضع المشروع بعد هذه المشاورات لتعديلات بأفكار أميركية وبريطانية، قبل ان تتوسع المشاورات لتشمل روسيا الاتحادية والصين، على ان يتم طرحه ليشمل كل الدول غير الدائمة في المرحلة التالية.
واستناداً إلى مصادر ديبلوماسية قريبة من الأمم المتحدة، فإنه على الرغم من التقرير ذي الطابع التقني للأمين العام، إلا ان مشروع القرار سيستند ليس إلى مضمون التقرير فحسب، بل أيضاً إلى التقرير الأخير للأمين العام، حول تنفيذ القرار 1701، والذي قال فيه انه سيقدم رسالة إلى المجلس يوصي بها بالتمديد سنة كاملة لـ"اليونيفيل"، الأمر الذي يؤشر إلى ان مشروع القرار لن يكون تقنياً بحتاً بل انه سيحمل موقفاً سياسياً للأمم المتحدة ومجلس الأمن داعماً للحكومة اللبنانية، ولاستكمال الدور المنوط بالقوة الدولية بالكامل، كجزء أساسي ولا عودة فيه إلى الوراء، في مسيرة تنفيذ القرار 1701، إلا ان القرار الجديد لن يحمل أي موقف بالنسبة إلى ضبط الحدود اللبنانية ـ السورية، إذ انه بعد صدور البيان الرئاسي الأخير الذي تناول هذه المسألة، ستعطى الفرصة الدولية للاجراءات التي سيتخذها البلدان لضبط حدودهما ومنع تهريب السلاح والمسلحين، مع العلم ان مسألة التهريب سيتناولها القرار في اطار كل المسائل التي تعوق تنفيذ ال1701، وحيث ستكون مطالبة بالالتزام بمضمون القرار بلهجة شديدة تقصد الداخل اللبناني والدول الاقليمية ذات الصلة.
الضمانة للأمن والسلم الدوليين
وأبلغ أكثر من طرف دولي فاعل في مجلس الأمن الحكومة اللبنانية ان التجديد سيتم بصورة عادية، ولن يواجه عراقيل. ويعود ذلك استناداً إلى المصادر إلى جملة اعتبارات هي:
ـ الدعم السياسي الدولي الذي يحظى به القرار 1701، والدعم للقوة التي تنفذه وهي "اليونيفيل"، ولتعزيز امكانات دفاعها عن نفسها لقيامها بمهماتها، بحيث سيكون هناك إصرار دولي على مهمتها وعلى الحفاظ على عديدها الذي بلغ حتى الآن 13 ألف جندي، 11 ألفاً في البر، و2000 في البحر. والحفاظ على توقيت ولايتها لسنة اضافية كاملة، إذ لا تغيير أو تعديل لا في المهمة ولا في المدة ولا في العديد.
ـ ان عدم تغيير مهمتها في مشروع القرار الفرنسي، والذي هو موضع ترحيب دولي، يشكل أحد أبرز العناصر التي ستوفر الاجماع الدولي من جديد حول مهمتها في لبنان، إذ ان اي مهمة لـ"اليونيفيل" "أكثر تشدداً"، ستحتم نقاشاً دولياً جديداً حول دورها، قد لا يساعد في عملية التمديد لها، والحفاظ على مهمتها الحالية يشجع التجديد لها، حتى من جانب روسيا والصين اللتين تدعمان دورها وتدعمان تنفيذ الـ1701 بالكامل كونه بات جزءاً لا يتجزأ من الشرعية الدولية.
ـ ان العامل الأكثر إلحاحاً لدى المجتمع الدولي كنتيجة لوجود "اليونيفيل" في الجنوب، هو انها تمثل ضمانة متعددة الجوانب الدولية والاقليمية مرحباً بها لدى كل الأطراف اللبنانيين وهم ملتزمون بها.
وهذه الضمانة هي المعادلة التي تنعكس إيجاباً على وضع الأمن والاستقرار اللبناني، وعلى الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، حيث التخوّف العربي والدولي والقلق الدائم على تطورات الوضع اللبناني، وفي المنطقة، وليس هناك من طرف دولي في المجلس يريد تغيير هذه المعادلة لتحقيق الأمن والسلم الدوليين، والتجديد لها من شأنه التجديد للضمانات والتفاهمات حول مهمتها ودورها.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.