بدأ أمس وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير مباحثاته الرسمية في بيروت، بهدف تطوير مبادرته لحلّ الأزمة اللبنانية، ووضع آلية لتحقيقها على الأرض لإرساء التهدئة بين الأفرقاء توصلاً إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية في موعده الدستوري.
وأفادت مصادر ديبلوماسية بارزة في العاصمة الفرنسية ان التقرير الذي تلقاه الوزير كوشنير من موفده السفير جان كلود كوسران، الذي أمضى في بيروت أياماً وأجرى مباحثات مكثفة، كان مشجعا، الأمر الذي حدا بكوشنير إلى التركيز في مباحثاته في بيروت على مسائل ابرزها:
ـ الاستحقاق الرئاسي اللبناني، وانتخاب رئيس جديد للبلاد، والتفاهم على ملامح الرئيس العتيد ومواصفاته. وقد بدا واضحاً ان هذا الاستحقاق يحظى بالأولوية في المبادرة الفرنسية، ولكن مع ما يمكن إنجازه أو التفاهم عليه، مع المعارضة اللبنانية بالنسبة إلى توسيع الحكومة الحالية. ويستلزم هذا الموضوع مزيداً من المشاورات التي تقوم بها فرنسا لمتابعة تطوراته، ان على المستوى الداخلي أو على مستوى جامعة الدول العربية.
ـ يقوم الوزير كوشنير بمحاولة جدّية لجمع القيادات اللبنانية من الصف الأول، من أجل استئناف الحوار الوطني الذي خطا خطوة مهمة وإيجابية من خلال المشاركة الشاملة في لقاء سان كلو، وترى المصادر ضرورة استكمال هذا التحرك عبر البحث مع هذه القيادات مباشرة، الصيغة الملائمة لمعاودة الحوار، وتوقيت بدئه، واطاره، ومكانه.
ـ يسعى الوزير كوشنير إلى حلحلة العقد القائمة، وتوفير التفاهم حول نقاط مشتركة، توصل قريباً إلى اتفاق على الحل، وزيارته لبيروت هي الدليل الحيوي على أنه يرغب وبكل حماسة تحقيق تقدم جوهري، وهو يدرك تماماً انه لا يمكن ان يفرض شيئاً، لكنه متفائل بأن يقابل دوره بإيجابية من كل الأفرقاء.
وأوضحت المصادر ان كوشنير سيستكمل في القاهرة التي يزورها بعد بيروت، مباحثاته حول لبنان، مع الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى، إذ ان المبادرة العربية تواكب المبادرة الفرنسية وتتوازى معها، ولا تعارضها أو تسابقها. وسيجري تقويم مشترك لتطورات المساعي القائمة واحتمالات قيام موسى بتحرك في اتجاه لبنان، وتحرك فرنسي متجدد في شهر آب المقبل.
كما يلتقي كوشنير للغاية نفسها في القاهرة وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل، وسيتابع معه الجهود السعودية المستمرة مع ايران بشأن الحلّ في لبنان، لأن المبادرة الفرنسية تحتاج إلى عمل مكثف ومتابعة لتطويرها، رغم انها، بالاضافة إلى الاتصالات العربية المحورية، حققت تهدئة سياسية واعلامية إلى حد بعيد، وأزالت نسبة كبيرة من التشنج الذي ساد الأجواء خلال الأشهر الماضية.
كذلك يلتقي كوشنير في القاهرة وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط، وقد يلتقي أيضاً وزير الخارجية الاردني، ووجود الوزراء العرب في القاهرة هو لمشاركتهم في الاجتماع الاستثنائي للجامعة العربية الاثنين المقبل لبحث السلام في الشرق الأوسط وما آل إليه شرح المبادرة العربية لهذه الغاية على المستوى الدولي.
ولا تزال الإدارة الفرنسية تعوّل كثيراً على التقدم في المواقف الايجابية الايرانية حول الحل وفقاً للمبادرة الفرنسية. وتشير المصادر إلى انه لو لم تسهّل طهران في خطوة أولى انعقاد مؤتمر سان كلو، لما شاركت المعارضة فيه، بدليل انها وافقت على ان يحضره "حزب الله" ويبدي مواقف مرنة، حيث أمكن، والاحتفاظ بالمواقف كما هي حيث ترى ان ذلك ضرورة.
ولا تزال الديبلوماسية الفرنسية تأمل حصول مزيد من الإيجابية الايرانية، التي بدأت مع تمكن المملكة العربية السعودية من انتزاع موقف ايراني بعدم حصول فتنة سنّية ـ شيعية في لبنان. وجرى تقدم دولي حالياً من خلال التفاهم على تهدئة الأجواء الداخلية وتبريدها.
لكن يبقى السؤال، هل يتطور الموقف الايراني ويخرق المعادلة التي يلتزم بها، وهي اتباع أسلوب عدم الحل حيث يجب، واللجوء إلى التهدئة في مواقع معينة في المعالجة اللبنانية، أم يراوح مكانه؟
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.