لاحظت مصادر ديبلوماسية عربية بارزة ان المبادرة التي أطلقها الرئيس الأميركي جورج بوش بالدعوة الى مؤتمر دولي حول السلام في الشرق الأوسط في الخريف المقبل، لم تتناول الا الموضوع الفلسطيني ـ الاسرائيلي ولم تأت على ذكر ما هو متصل بتفعيل المسارين اللبناني والسوري مع اسرائيل اللذان توقفت المفاوضات في اطارهما منذ 11 عاماً أي في 1996.
وعلى الرغم من ان هذا التوجه ليس جديداً لدى الادارة الأميركية خلال المرحلة الحالية، الا ان المصادر تعوزه الى وجود موقف اميركي من سوريا، يتعلق بمستقبل السلام معها، ويرتبط ايضاً بالمطالب الدولية منها في لبنان والمنطقة.
ويتجلى هذا الموقف في ان الادارة الأميركية، التي وضعت الملف اللبناني في صلب عنايتها الخاصة وعناية مجلس الأمن الدولي، لاحقاق العدالة والاستقلال والسيادة على كامل الأراضي في لبنان، تلتزم التوجه الذي حددته لنفسها ويقضي بعدم الحديث في موضوع بأنها لن تتحدث المسار السوري مع اسرائيل، ولن تقوم بجهود لتفعيله على غرار جهودها على المسار الفلسطيني ـ الاسرائيلي، وبالتالي تترك المسار السوري للعناية الاسرائيلية فقط. الأمر الذي يفسّر توجه القيادة السورية المباشر نحو اسرائيل لدعوتها الى السلام وفقاً للقواعد والأسس المقبولة عربياً، وليس الى الولايات المتحدة، بعد استشراف دمشق لوجود مثل هذا التوجه.
الا ان الموقف الأميركي ينطوي على اهداف عديدة، من ابرزها مواجهة سوريا بمزيد من الاحراج. واذا كانت الادارة، بحسب المصادر، لم يعد لديها "فيتو" على تحريك المسار السوري ـ الاسرائيلي، من خلال جملة عوامل فهمتها أكثر من عاصمة عربية محورية، الا انها، اي الادارة لن تقوم هي بتحريك هذا المسار، ولن تسعى الى ذلك الآن، في هذا التوقيت الاقليمي والدولي، وأيضاً اللبناني. لكنها ارسلت اشارات الى دمشق، تفيد بأنها اذا ما ارادت تحريك مسارها مع اسرائيل، فما عليها الا ان تتحدث مع تل ابيب مباشرة او بطريقة غير مباشرة ايضاً اذا ما رغبت بذلك، وان تحريك هذا المسار وخلق دينامية خاصة به منوط باسرائيل.
واستناداً الى المصادر، فإن الاشارات الأميركية تهدف الى تحقيق ما يلي:
ـ دفع دمشق الى قبول الحديث في الملفات التي تعنيها او التي تهمها في المنطقة بشكل منفصل وعدم ربط جميع هذه الملفات ببعضها، في حين ترى دمشق انه من الضروري لدى اي مناسبة للحديث عن السلام معها، تجميع كافة الملفات التي تهمها في رزمة واحدة وطرحها على اساس المقايضة والأخذ والعطاء ما بين هذه الملفات، بما فيها الملف اللبناني كما تحاول باستمرار. وهذا ما لا تقبل به واشنطن وتشدد علي فصل المسارات وفصل الملفات.
ـ ابلاغ دمشق بصورة غير مباشرة، ومباشرة أحياناً، ان الموقف الأميركي من مسارها مع اسرائيل، مرتبط بأن عليها واجباً تقوم به في الموضوع العراقي، وفي الموضوع الفلسطيني لتنزع عنها صفة حماية الارهاب وتهريب السلاح والمسلحين الى دول الجوار. ثم في الموضوع اللبناني من حيث الالتزام بتطبيق القرارات الدولية كافة لا سميا 1559 و1701.
ـ ابلاغ دمشق رسالة غير مباشرة مفادها ان الجولان السوري المحتل، وهو الحق السوري الوحيد لها في المنطقة، يجب عليها ان تعالجه بالجلوس مع اسرائيل والتفاوض معها مباشرة في شأن هذا الملف.
وبالتالي ترغب واشنطن في معالجة كل ملف في المنطقة بمعزل عن الملف الآخر، لا سيما موضوع الجولان السوري المحتل والسلام السوري مع اسرائيل.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.