بدأ لبنان استعداداته للمشاركة في الاجتماع الاستثنائي لجامعة الدول العربية الذي ينعقد الاثنين المقبل على مستوى وزراء الخارجية في مقر الجامعة في القاهرة.
ولن يكون الوضع اللبناني مطروحاً على جدول الأعمال بسبب عدم استكمال الأمين العام للجامعة عمرو موسى تحركه في إطار المبادرة العربية التي تم تكليفه في حزيران الماضي على رأس وفد عربي بتنفيذ عناصرها من أجل استعادة لبنان أمنه واستقراره وضبط حدوده مع سوريا والعمل لاستئناف الحوار الوطني الداخلي. وسيقوم موسى بمساعٍ جديدة لاستكمال تحركه ورفع تقرير شامل إلى الجامعة التي تجتمع اثر استكمال هذا التحرك لتحديد موقفها من التطوّرات اللبنانية.
لكن الموضوع اللبناني سيكون محور بحث في اللقاءات التي سيعقدها موسى مع العديد من وزراء الخارجية على هامش أعمال الاجتماع لاستطلاع مدى وجود أي استعدادات مستجدة تساهم في تفعيل مبادرته. وسيتزامن الاجتماع تقريباً مع زيارة لوزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير لمصر بعد زيارته بيروت التي تبدأ السبت المقبل، وسيبحث مع المسؤولين المصريين في الوضع اللبناني وقد يلتقي وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس التي تكون قد وصلت إلى القاهرة.
وأفادت مصادر ديبلوماسية عربية رفيعة ان اجتماع الاثنين سيكون اجتماعاً لبحث السلام في الشرق الأوسط بامتياز، إذ على جدول أعماله بندان أساسيان، الأول نتائج التحرك الذي قامت به اللجنة الخاصة بمبادرة السلام العربية، والثاني درس وتقويم المبادرة التي أطلقها الرئيس الأميركي جورج بوش بالنسبة إلى الدعوة لعقد مؤتمر دولي للسلام في المنطقة في الخريف المقبل.
ففي الموضوع الأول سيدرس الاجتماع تقريراً تقدمه اللجنة الخاصة بالمبادرة حول ما آل إليه تحركها الدولي لشرح المبادرة العربية للسلام التي أعادت قمة الرياض الأخيرة التأكيد على تفعيلها انطلاقاً من انها الحل العربي المتكامل للنزاع العربي ـ الإسرائيلي. وقد عقدت اللجنة اجتماعها الأول بعد القمة العربية في 18 نيسان الماضي وأطلقت تحركها الدولي، وأجرت مباحثات مع الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ومع إسرائيل عبر مصر والأردن اللتين تقيمان علاقات ديبلوماسية مع الدولة العبرية، كما أجرت مباحثات وشرحت المبادرة مع "الرباعية الدولية" للسلام التي تضم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا الاتحادية والأمم المتحدة. وفي هذا الإطار، ستبحث الجامعة الزيارة التي يقوم بها حالياً إلى إسرائيل كل من وزير الخارجية الأردني ووزير الخارجية المصري بناء على تكليف لجنة المبادرة واللذان لن يكتفيا فقط بلقاء وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني، بل أيضاً مختلف القيادات والقطاعات الإسرائيلية من أجل توسيع نطاق شرح المبادرة داخل المجتمع الإسرائيلي وقياداته على حد سواء وإقامة "لوبسينغ" في إسرائيل حول هذه المبادرة، والرؤية العربية للسلام معها.
وهذا التحرك يُعد الأول من نوعه، والذي يقصد الداخل الإسرائيلي، الذي غالباً ما كان يشكل عائقاً أمام تقديم ايجابيات في المواقف للتوصل إلى السلام، إن بسبب التطرف لديه وعدم القدرة على استيعاب مسألة السلام مع العرب، وإعادة الأرض المحتلة اليهم، أو بسبب استعمال ورقة التلويح باستبعاد السلام في الحسابات الداخلية الانتخابية أو القرارات المصيرية التي تتخذها إسرائيل.
واستناداً إلى كل هذه التحركات وفي ضوء تقرير اللجنة، سيحدّد اجتماع الجامعة الاثنين توجهات محدّدة وآلية خاصة تكون بمثابة الخطة التالية للجنة المبادرة، بعدما استكملت خطة تحركها الأولى من خلال شرح المبادرة دولياً، وستتحدّد عناصر الخطة مستفيدة من الخروقات التي ينتظر ان تكون حققتها لجنة المبادرة من جراء تحركها الدولي الشامل، بحيث تأتي الخطة الجديدة لتكمّل الأولى.
أما على صعيد البند الثاني، ودعوة بوش إلى عقد مؤتمر دولي للسلام، فإن الجامعة تجد نفسها معنية بهذه المبادرة، خصوصاً وأنها ترفع هدف السلام من خلال تحركها لشرح مبادرتها السلمية. وهي مدعوة لاتخاذ موقف واضح منها بالتأكيد على المبادرة العربية للسلام، وان تكون هذه المبادرة أساساً لأي مؤتمر سيعقد حول المنطقة لانها تحظى بإجماع عربي.
ولاحظت المصادر العربية ان مبادرة بوش تضمنت نقاطاً إيجابياً وأخرى غير إيجابية بالنسبة إلى موضوع السلام. فالنقاط الإيجابية تكمن في الفكرة بحدّ ذاتها التي يمكن ان تعيد أجواء الحوار السياسي في المنطقة حول السلام، بدلاً من الحوار الأمني الموجود، والذي يتهدّد كافة الدول فيها بزعزعة الأمن والاستقرار. ويمكن للعرب في إطاره طرح مبادرتهم والتمسك بها، ثم في انه تحدث عن الحل على المسار الفلسطيني مع إسرائيل، وخصه بمعظم أفكار المبادرة ما يدل على اهتمام الإدارة الأميركية بتسريع الحل على هذا المسار.
أما النقاط غير الإيجابية فتكمن في عدم تناوله المسارين اللبناني والسوري مع إسرائيل، بحيث هناك مزارع شبعا والجولان اللذين لا تزال إسرائيل تحتلهما. وستتخذ الجامعة موقفاً واضحاً من المبادرة الأميركية، وفي كل الأحوال ستتعامل معها بإيجابية كفرصة يفترض الاستفادة منها لتوسيع النقاش حول السلام الشامل.
ويوم الثلاثاء سيعقد في شرم الشيخ اجتماع عربي ـ أميركي يتناول موضوع السلام في المنطقة والاستراتيجية الأميركية فيها.
والاجتماع ستعقده وزيرة الخارجية الأميركية مع الدول الست الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، بالإضافة إلى مصر والأردن، وبالتالي ستشهد مصر والجامعة معاً تحركات عربية ودولية مكثّفة حول لبنان والشرق الأوسط.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.