على الرغم من الاهتمام الأميركي الكبير بالوضع اللبناني، تؤكد أوساط ديبلوماسية غربية بارزة ان وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس لن تزور بيروت في اطار جولتها المرتقبة في الشرق الأوسط هذا الأسبوع، ذلك ان الهدف الأساسي من الجولة هو إبراز الاستراتيجية الجديدة في العراق، وإعطاء زخم لتحريك المفاوضات على المسار السلمي بين الفلسطينيين واسرائيل.
وسيتزامن وجود رايس في المنطقة مع ايفاد الإدارة الأميركية وزير الدفاع روبرت غايتس إليها، خصوصاً بغداد، لاستطلاع مسار الخطة الأمنية هناك، وايجاد مبررات الدعم داخلياً لاستمرار الوجود الأميركي في العراق. وهذا الملف يلقي بثقله على السياسة الأميركية حيال المنطقة ومن بينها السياسة حيال لبنان، لناحية المؤثرات في حسم الموقف، وارتباط ذلك بموعد حسم الإدارة طريقة تعاملها مع الموضوع العراقي في مهلة أقصاها 15 أيلول المقبل، وهي المهلة التي أعطاها الكونغرس من أجل استصدار قانون حول تمويل العمليات في العراق والمدة الزمنية التي سيلحظها حول وجود القوات الأميركية فيه.
وبالتالي، فإن الملف العراقي إضافة إلى الملف النووي الايراني، وعدم الحسم الأميركي حول التعامل معهما، ينعكس في عدم اتخاذ قرارات حاسمة من الآن وحتى 15 أيلول في كل المواقع في المنطقة، ومن بينها لبنان. مع العلم بأن الإدارة الأميركية لم تكن لتمانع في انعقاد اللقاء الحواري بين الفرقاء في فرنسا، والذي أنهى أعماله أمس، ولن تعترض على مبادرة للرئيس الفرنسي حول لبنان، خصوصاً اذا ما كان الرئيس نيكولا ساركوزي، ولا تمانع في ان يشكل ما توصل إليه اللقاء أفكاراً جديدة قد تتبلور في صيغ عملية لاحقاً، وتوضع أمام صانعي القرار لاستخدامها في الحلول المطلوبة. وترى الإدارة انه اذا استطاع اللقاء الحواري ان يُنتج توفير اتصال مباشر بين رئيسي مجلسي النواب نبيه بري والوزراء فؤاد السنيورة، فيكون قد حقق انجازاً.
وفي الوقت الذي لا تزال الإدارة الأميركية ترفض إجراء نقاش مع سوريا، خصوصاً حول مسائل متصلة بتنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة بلبنان، توضح الأوساط ان هذه الإدارة ترى ان القضية الأساسية هي المشكلة مع ايران. ولم يتضح لدى الأوساط، مستوى الاستعدادات السياسية لدى كل من واشنطن من جهة، وإيران وسوريا من جهة أخرى، في أجواء لا يمكن وصفها بأنها "منتجة سياسياً" نتيجة عدم الحسم في الملفات، وانتظار استحقاق 15 أيلول المقبل.
وفي هذه المرحلة الفاصلة، تركز الإدارة الأميركية جهودها لإحداث اختراق على المسار الفلسطيني ـ الاسرائيلي من خلال تحرك "الرباعية الدولية" التي ستنعقد بعد غد الأربعاء في مصر، وهي تأمل ان يحقق أداء منسّق الرباعية إلى المنطقة رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير أداء جديداً يقدم من خلاله دفعاً للسلام بين الفلسطينيين واسرائيل، الذي يبقى هماً أساسياً للإدارة الأميركية تسعى إلى معالجته.
لكن الأوساط ترجح أن يمسك الرئيس الأميركي جورج بوش بقرار الاستحقاق عبر التلويح بـ"الفيتو" الرئاسي واستخدام صلاحياته في السياسة الخارجية، الأمر الذي سيؤدي إلى فرض صيغة يقبل بها الحزبان في الولايات المتحدة في آخر لحظة بالنسبة إلى تمويل العمليات في العراق.
وعدم الحسم الأميركي حتى أيلول لتحديد السياسة العراقية، سيبقي الوضع اللبناني غير واضح المعالم، إلى أن تتبلور هذه السياسة، التي ستساعد في بلورة الموقف حول لبنان، بالتزامن مع مراجعات عديدة سيقوم بها مجلس الأمن بالنسبة إلى مسائل لبنانية عدة واستحقاقات مهمة على صعيد القرارات الدولية خصوصاً ذات الصلة بالمحكمة في جريمة الرئيس الشهيد رفيق الحريري والجرائم الإرهابية الأخرى وإطلاق عملها.
ولن يشهد لبنان حلولاً كبيرة، ولا تصادماً كبيراً حتى أيلول، في ظل القرار الايراني حتى الآن بعدم استعمال الورقة اللبنانية بالكامل على غرار ما حصل في غزة. وأي قرار باستعمالها من جانب ايران يجعلها تخسر ورقة "حزب الله" المقاومة، لتدخل في احتمالات الحرب الأهلية.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.