بدأت الحكومة اللبنانية دراسة التقرير الثامن للجنة التحقيق الدولية المستقلة في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري والجرائم الإرهابية ذات الصلة، في موازاة بدء حكومات الدول الـ15 الأعضاء في مجلس الأمن الدولي تقييم التقرير الذي كان أحاله الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أمس على رئاسة المجلس أمس.
ويأخذ التقويم الدولي أبعاداً مهمة، ذلك ان التقرير لامس كشف أسماء المتهمين في جريمة اغتيال الحريري والجرائم الاخرى، في إشارة إلى ان التحقيق شارف على نهايته، وان براميرتس هدف إلى التأشير لذلك، على الرغم من انه حافظ في الوقت نفسه على توجه تقاريره التي طبعت بأسلوبه "التقني" و"المرحلي" و"الوصفي"، لتقدم التحقيق. لذلك، امتنع عن إعلان الأسماء، التي لن يسلمها إلا إلى المحكمة ذات الطابع الدولي، لدى تشكيلها في غضون الأشهر القليلة المقبلة، وليس إلى مجلس الأمن، ما يعكس الاهتمام الدولي بهذا التقرير، ونتائجه المحتملة على المستويين السياسي والقضائي.
وأوضحت مصادر ديبلوماسية بارزة ان مجلس الأمن سيناقش التقرير الخميس المقبل في جلسة خاصة، لا يتوقع ان يصدر اثرها أي قرار جديد أو بيان رئاسي. لكن سيأخذ المجلس علماً بالتقرير وسينتظر استكمال التحقيقات، بحيث قد يكون التقرير المقبل لبراميرتس في تشرين الثاني هو الأخير للجنة، إذا ما بوشر بتشكيل المحكمة وخطت خطوات راسخة في اتجاه قدرتها حينذاك على تسلم القرار الاتهامي من براميرتس.
إلا ان التقدم الذي أحرزه التحقيق بدا واضحاً للغاية، ليس فقط في مجال أسماء المتهمين، انما في كافة النواحي التي تعني التحقيق لا سيما طريقة التفجير وزنة المتفجرات، واستبعاد أبو عدس من الاتهام، والحيثيات المتصلة بدوافع الجريمة من الوجهة السياسية. وعلى الرغم من استمرار خضوع بعض المعلومات التي توصل إليها للتدقيق، إلا أن ذلك هو بهدف التثبت منها مئة في المئة بحيث ان الوقائع التي أوردها لا تنقض ما أوردته تقاريره السابقة، انما تكملها. في حين ان حالة الاحتمالات التي اعتمدها باستعماله لكلمة "قد" في العديد من المحطات فهي تعني إما ان هناك قضايا ستخضع لمزيد من التحقق من حصولها، وإما ان الوقت المطلوب للتحقق منها يكاد يوازي الفترة الزمنية المطلوبة لإنشاء المحكمة.
ولاحظت المصادر ان براميرتس لا يعمل فقط في إطار تقديم تقارير اللجنة واستكمال تحقيقاتها فحسب، انما أيضاً وعلى خط موازٍ، يجري استعداداته لصياغة التحقيقات الكاملة التي توصلت إليها اللجنة، منذ بدء عملها قبل نحو سنتين وحتى الآن، بالشكل الذي يمكن تقديمه إلى المحكمة فور تشكيلها، لإتاحة المجال لكسب الوقت، فتتسلم المحكمة كافة الوثائق من اللجنة وتباشر المحاكمة.
وأكدت المصادر ان جهود كي مون لتشكيل المحكمة تتقدم على كافة المسارات اللازمة، ان على صعيد العمل لاختيار القضاة الدوليين فيها، بعدما اختار لبنان القضاة اللبنانيين فيها، أو على صعيد تأمين التمويل لصندوقها، أو العمل لاختيار مقر عملها. وهو بدأ مخاطبة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة لترشيح قضاة دوليين وفق شرط أساسي ان لا تكون لديهم علاقة بأطراف القضية. كذلك وجه الأمين العام رسائل إلى الدول طالباً مساهمتها المالية في إنشاء صندوق المحكمة ولا يزال ينتظر أجوبة. وتدرس الدول استعداداتها لتغطية النفقات المتعلقة بالمحاكمة وهي ستمتد لسنوات قليلة.
لكن لم يستقر الرأي بعد على مكان إقامة المحكمة من بين ثلاثة احتمالات هي قبرص ومالطا ولاهاي. ولعل موضوع الضمانات الأمنية والحماية المتعلقة بمقر المحكمة وعملية المحاكمة وتأمين حماية المتهمين والشهود، فضلاً عن القضاة والمدعي العام، وحماية الدولة المضيفة لأمنها الذاتي نتيجة استضافتها لمقر المحكمة، هو الذي سيحكم تحديد المقر، وبالتوافق والتفاهم بين الأمين العام والدولة المضيفة.
والإعداد لإنشاء المحكمة على كافة المسارات هو حتمي، نظراً لارتباط قضية التمويل والمقر والقضاة معاً بصورة تكاملية.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.