ينعقد مساء غد في فرنسا، اللقاء اللبناني الحواري بدعوة من وزير الخارجية برنار كوشنير الذي يرعاه شخصياً، بهدف جمع الفرقاء الذين تحكم العلاقات في ما بين البعض منهم قطيعة كاملة، وفي مرحلة دقيقة للغاية يعكس مدى دقتها اقتراب موعد الاستحقاق الرئاسي في لبنان، واقتراب اعلان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون التقدم الذي حققه في مسار تشكيل المحكمة ذات الطابع الدولي في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري والجرائم الارهابية الأخرى، المتوقع في بداية أيلول المقبل.
ويتزامن انعقاد اللقاء مع مناسبة يوم الاستقلال الفرنسي، وهو يوم وطني بامتياز في فرنسا.
وافاد ديبلوماسيون بارزون قريبون من العاصمة الفرنسية، أن جدول اعمال اللقاء غير محدد بمواضيع معينة، بل انه مفتوح ليشمل مختلف المسائل التي تهم القيادات اللبنانية من أجل ان يكون الحوار بناء وجدياً، بمستوى جدية النوايا الفرنسية التي تضع في أولوياتها تفويت الفرصة على تخريب الاستقرار السياسي والأمني في لبنان، وضرورة استثمار كافة الجهود والظروف للتوصل الى حل يؤدي تكامله واستمرار تعميق الحوار حوله، الى ايجاد أفكار تؤمن تفاهم اللبنانيين وتوافقهم على رئيس جديد للجمهورية.
وعلى الرغم من تكتم الديبلوماسية الفرنسية الشديد على محاور النقاش في اللقاء، تلافياً لاستعمال البعض عناصر هذه المحاور للسعي الى افشال اللقاء، أكدت المصادر، ان باريس قامت بالاستعدادات اللازمة لعرض طرح محدد خلال اللقاء، من شأنه ان يفاجئ المحاورين ويفتح الباب واسعاً أمام مزيد من النقاش حول أطر الحل وطريقته، فالفكرة الفرنسية من وراء عقد اللقاء لا تهدف الى الدخول في تفاصيل حول أسماء الوزراء أو المرشحين لرئاسة الجمهورية، بقدر ما سيكون التركيز على الخروج من المأزق واعادة لملمة الموقف الداخلي، وايجاد قواسم مشتركة تعني اللبنانيين جميعاً في مصيرهم.
وهدف الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي من مبادرته هذه، اعادة فتح باب الحوار الداخلي والعودة الى التواصل والدينامية السياسية. وتأخذ مبادرته شكل المقاربة الجديدة للحل في لبنان، وهو يراهن في تحقيقها، فضلاً عن الاتصالات والمشاورات العربية والدولية لانجاحها، على مدى تقدير كافة القيادات اللبنانية لفرنسا ولدورها الايجابي، ما يدفعهم ويحفزهم على تقديم تنازلات تشجع على استكمال الحوار، وتؤدي الى تقارب في المواقف يرضي فرنسا.
وقد زودت الشخصيات السياسية المدعوة بتعليمات قادة الأفرقاء الذين تمثلهم تساعد في معالجة المواضيع التي يحتمل طرحها خلال اللقاء. وأوضحت مصادر ديبلوماسية لبنانية، ان نحو 50 شخصية ستشارك في اللقاء الذي يستمر لثلاثة أيام من بينها شخصيات مدنية وجامعية واجتماعية. وسيشارك ممثلون عن "حزب الله" خصوصاً بعد التوضيح الذي صدر عن قصر الاليزيه حول كلام الرئيس ساركوزي الاثنين الفائت أمام عائلات الجنود الاسرائيليين الثلاثة للأسرى لدى "حزب الله" وحركة "حماس".
وبالتالي فإن هناك رهاناً فرنسياً وأوروبياً على ان الجناح السياسي في "حزب الله" واندماج الحزب في الحياة السياسية اللبنانية وفي الحياة الاجتماعية، كلها عوامل تساعده وتحفزه على الابتعاد عن العمل العسكري. وهذا المفهوم يبقى تحدياً أمام فرنسا في تعاملها مع الشأن اللبناني.
بوجود مطالبة أوروبية حثيثة ومستمرة، وتلتزم بها فرنسا، بأن يتوقف الحزب عن القيام بأعمال ارهابية. ذلك ان أوروبا لا تزال تعتبر انه ليس حزباً ارهابياً، لكن أعماله في حالات عدة كانت ارهابية.
ويواجه هذا المفهوم تحدياً داخل المجتمع الدولي الذي يعارض هذا التفريق بين جناحي الحزب، ويعتبر ان على أوروبا ادراجه على قائمة الارهاب. وتنطلق ممانعتها لذلك من كونه الحزب يشارك في الحياة السياسية، وان ذراعه العسكرية يجب ألا تثنيه عن المساعدة والتقدم في اتجاه التسوية الوطنية، وكذلك التسوية في الشرق الأوسط، حيث تشارك أوروبا، و"الرباعية الدولية" أيضاً في مشاريع التسوية على الصعيدين اللبناني والشرق أوسطي.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.