بدأ الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى توسيع دائرة اتصالاته العربية والاقليمية حول الموضوع اللبناني، بعدما كان قصد بيروت قبل أسبوعين، وأجرى سلسلة لقاءات مع كافة القيادات اللبنانية، بناء على تكليف من الاجتماع الاستثنائي للجامعة، سعياً لتفعيل الحوار الوطني، وضبط الحدود اللبنانية السورية، والعمل لوقف الاعتداءات الارهابية الأمنية وزعزعة الاستقرار في لبنان.
وفي هذا السياق باشر قبل أيام اجتماعات مع قادة المملكة العربية السعودية، ومصر، ثم انتقل أمس الى دمشق، حيث تحدث عن ايجابيات نتيجة لمباحثاته مع القيادة السورية.
وأفادت مصادر عربية بارزة، ان موسى ضمّن استنتاجاته، التي أدرجها في التقرير الذي أعدّه بعد زيارته الي لبنان، عنصرين أساسيين: الأول: ان هناك مسائل يمكن ان تحل في لبنان بالتوافق مع الأفرقاء، والثاني، ان هناك قضايا يجب أن تعالج مع كل من سوريا وايران والولايات المتحدة الأميركية.
ما يعني، ان توسيع اتصالاته الاقليمية يندرج في اطار متطلبات استكمال مهمته، خصوصاً انه سيحيل لدى انهائها تقريراً الى الاجتماع الاستثنائي المرتقب للجامعة وان تقريره الذي سلمه الى الرئاسة السعودية للقمة العربية، والمتصل بلقاءاته اللبنانية، يفترض ان يستكمله باللقاءات الاقليمية المطلوبة.
وأكدت المصادر ان زيارة موسى الى المملكة قبل توجهه الى دمشق، هدفت الى تنسيق تحركه الاقليمي معها، خصوصاً مع وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل، عشية زيارة الأخير المرتقبة الى طهران، والتي سيكون الملف اللبناني في صلب المواضيع المدرجة على جدول أعمالها.
واذا كانت المملكة ستتحرك في اتجاه طهران، فإنه يقتضي تنسيق المسعى مع موسى الذي تحرك على خط مواز في اتجاه دمشق. واذا ما حقق موسى ايجابيات فعلية وجوهرية، في دمشق، فإنه قد يعود الى بيروت في وقت قريب، خصوصاً انه سيستكمل مساعيه مع سوريا ومع الأطراف اللبنانيين، لكن توقيت ذلك لا يزال غير واضح. وسيعاود مشاوراته مع المملكة بعد عودة الفيصل من ايران أولاً، وفي ضوء النتائج التي سيحققها اللقاء اللبناني الحواري،
في فرنسا الذي يبدأ أعماله السبت المقبل، ويستمر حتى الاثنين.
وتعوّل الجامعة العربية وأكثر من طرف عربي على هذا اللقاء، فهم يعتبرون انه سيكسر الجليد القائم في العلاقات الداخلية اللبنانية، والذي وصل إلى حد القطيعة النهائية بين نواب كانت تربطهم صداقات، وهو أمر مستغرب جداً. كما يعتبرون انه إذا ما تمكن اللقاء من تحقيق فرصة لتهدئة سياسية تمهّد لتهدئة امنية وتواكبها مساعي للتفاهم على الاستحقاق الرئاسي، على أن تستثمر أي معطيات جديدة قد تبزر بعد شهرين لخدمة طرح أفكار توافقية تؤدي إلى قواسم مشتركة في الرؤية إلى الرئيس الجديد، فإن ذلك سيعدّ انجازاً، مع ان مثل هذا الطرح سيكون بخاصة مشروطاً بعدم قيام أي فريق بخطوات يصنفها الفريق الآخر بأنها استفزازية، لكي لا يرد عليها بخطوات مماثلة.
وتشير المصادر العربية إلى ان اعتبار التوصل إلى التهدئة والتفاهم على الاستحقاق معبراً جيداً، يعود إلى أن كافة الأفرقاء المحوريين اقليمياً لا يرون مبرراً للاغراق في التفاؤل بالحل الجذري نتيجة للمساعي المتعددة المصدر، إذ ستبقى عوامل إدارة الأزمة قائمة. وأبرز ما تسجله الاتصالات الديبلوماسية، استمرار المواقف المتصلبة لدى كل من طهران ودمشق حول الموضوع اللبناني، فتفيد المصادر ان لا ضغوط كافية ولا حوافز محددة أمكن التعامل بها بالنسبة إلى هاتين الدولتين. وعلى الرغم من المواقف الايرانية الايجابية حول الاستقرار في لبنان، فإن ما تسجله الاتصالات الديبلوماسية يشير إلى ان طهران أبلغت في السابق وقبل مدة غير بعيدة اكثر من وسيط، انها لا تستطيع الضغوط على سوريا لاستخدام نفوذها في لبنان توصلاً إلى اداء توافقي داخلي، إنما هي تتمنى عليها القيام بذلك، وتحاول إقناعها بهذا التوجه، لكنه من الصعب ان تضغط لتحقيق هذا المطلب. كما أبلغت انها غير قادرة على الضغط على "حزب الله" أيضاً. ومن غير الواضح ما إذا كان سيحصل تعديل في هذا الموقف بعد زيارة الفيصل لايران أم لا، وحصول أي تعديل إيجابي يعني خرقاً ينعكس إيجاباً على لبنان.
وتفسر المصادر الموقف الايراني بأن طهران لا تريد ممارسة ضغوط على سوريا من دون مقابل، في وقت لم تحدد الادارة الأميركية اثماناً للاستقرار في لبنان، بل هي تطالب بتنفيذ القرارات الدولية المتصلة بلبنان، وان ابداء ايران وسوريا حسن النيّة حول ذلك، يمكنها النظر في الأداء الدولي حيالهما مستقبلاً.
وتلفت المصادر إلى ان التهدئة الأمنية التي قد تتزامن مع التهدئة السياسية كأحد نتائج المساعي العربية والفرنسية، تتوقف على طريقة التفكير لدى من هم وراء زعزعة الاستقرار، في المرحلة الحالية من تكثيف الجهود، ومن الصعب التكهن بدقة في ذلك، لأن الأمر يخضع للعديد من الاعتبارات المتداخلة والمتشابكة لدى المستفيدين من اللعب بالورقة الأمنية.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.