تتابع الديبلوماسية اللبنانية باهتمام كبير، الدور الذي سيؤديه موفد "الرباعية الدولية" للسلام في المنطقة رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير. وهي تعتبر أن لديه فهماً خاصاً للشرق الأوسط وشؤونه في تفاصيلها كافة، وتنظر الى أن يكون تعيينه في هذا المنصب، عامل تفعيل للسلام العادل والشامل والدائم.
وما يعني لبنان في مهمة "الرباعية الدولية" قضية اللاجئين الفلسطينيين الواردة فيها، وما يتصل بضرورة عودتهم الى ديارهم وإقامة دولتهم. كما أن لهذا العنصر صلة وثيقة، استناداً الى مصادر ديبلوماسية بارزة، بحق العودة وتطبيق القرار 194 الوارد في المبادرة العربية للسلام التي تقرر تفعيلها في قمة الرياض العربية، والتي توضح الرؤية العربية للسلام العادل والشامل على مختلف المسارات، اللبناني والسوري والفلسطيني مع إسرائيل.
وأفادت المصادر أن المبادرة العربية ستكون أمام بلير، في بداية مهمته غير السهلة في المنطقة، التي تتعدد فيها المواقف، حيال دوره وما إذا سيكون امتداداً لادائه في السياسة البريطانية الخارجية، أم أن مهمته الجديدة ستضعه في إطار اداء جديد، من عوامل نجاحه فيه، اقترابه في الموقف من فرقاء الصراع كافة وعلى مسافة متساوية، لتوفير استمرارية لبرنامجه الذي يعد لإنجازه.
وأولى مهماته، تتجسد في استكشاف تطورات الوضع في المنطقة لا سيما بين الفلسطينيين وإسرائيل، ومن ثم تحديد أسلوب عمله وآلية تعاطيه مع ملفاتها وحقوق شعوبها، بحيث يأتي تحركه الفعلي في ضوء استطلاعه للوضع كمرحلة أولى. ومن المفيد، عدم التسرع في الحكم المسبق على ادائه، والانتظار مزيداً من الوقت لبلورة أفكاره وآلية تحركه، لكي يتم تقويم الموقف.
ويتعامل لبنان ايجاباً مع هذا التعيين، انطلاقاً من مسعاه المستمر لشرح المبادرة العربية للسلام، وتأمين تضافر كل الجهود الدولية لتحقيقها، كونها تحقق مبدأ استعادة الأرض مقابل السلام.
ورأت المصادر أن تعيين بلير في هذا الموقع ينطوي على جوانب مختلفة، بحيث أن شخصيته المتمايزة واتصالاته بعواصم القرار، ورؤساء الدول الأعضاء في "الرباعية الدولية" وقادة أطرافها بصورة مباشرة، ستكون لها انعكاساتها على أداء مهمته في السلام في المنطقة. إذ أن بإمكان بلير أن يستثمر نفوذه وقوته الديبلوماسية على أعلى مستوى، لايجاد حلول معتدلة ومتوازنة في المنطقة، الأمر الذي يؤثر ايجاباً في دفع العملية السلمية الى الأمام، وعلى كل المسارات التفاوضية بدءاً بالمسار الفلسطيني ـ الإسرائيلي الذي هو محور اهتمام "الرباعية الدولية".
وهذه النقطة بالذات هي مطلب لبناني وعربي، لأن أي منحى لتوظيف مقومات وجوده في هذا الموقع لخدمة طرف دون آخر لن تصب في خانة تحقيق تقدم جوهري لإرساء الحل العربي ـ الإسرائيلي، كما سيكون لادائه وقعاً سلبياً على تطورات الموقف لدى الفريق المتضرر.
وأشارت المصادر إلى أنه لدى تعيينه، بدت الديبلوماسية الروسية أكثر تحفظاً حيال هذا القرار، وما لبثت أن أيدت القرار لكن بشرطين، الأول: أن يبقى اداؤه وعمله باستمرار تحت إشراف "الرباعية الدولية" مجتمعة، وأن تطلع مجتمعة على نتائج مهماته وتفاصيلها. والثاني: أن يقوم بتحديد عناصر مهمته، وأن يضمنها بذله كل الجهود الممكنة لتقديم الدعم والعون للفلسطينيين سياسياً واقتصادياً، وتسريع حل مسألة إقامة دولتهم المستقلة في إطار "خارطة الطريق" المولجة بتطبيقها "الرباعية الدولية".
ومن غير المستبعد أن يؤدي بلير انطلاقاً من موقعه الجديد، دور الوسيط بين فرقاء النزاع في المنطقة، وأن يقوم بتقديم أفكار تسهيلية للحل السلمي، لا سيما بطرحها مع الرباعية العربية التي تضم الإمارات والسعودية ومصر والأردن، أو مع ممثلين للجنة العربية الخاصة بتفعيل المبادرة العربية للسلام، التي تقوم بجهود دولية لشرحها.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.