8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

موفد فرنسي رفيع يزور دمشق قبل الاجتماع اللبناني

في موازاة وجود الموفد الفرنسي السفير جان كلود كوسران في بيروت لتسليم الفرقاء اللبنانيين دعوات الى عقد لقاء في باريس منتصف تموز الحالي، لتهدئة الموقف والتفاهم على استحقاق رئاسة الجمهورية، كشفت مصادر ديبلوماسية غربية واسعة الاطلاع، أن فرنسا ستوفد الى دمشق خلال الأيام القليلة المقبلة، وقبل انعقاد اللقاء اللبناني، مبعوثاً رفيع المستوى للبحث في تطورات الملف اللبناني في ضوء المطالب الدولية من سوريا واستكشاف استعداداتها للتعاون.
وأوضحت المصادر أن خطوة ايفاد المبعوث الى دمشق جرى بحثها بين الرئيس الفرنسي نيكولا ساكوزي ورئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة أثناء زيارة الأخير الى باريس الأسبوع الماضي، وجرى التفاهم حولها. بحيث أن هذا الموفد سيبلغ دمشق جملة مواقف أبرزها:
­ ضرورة التأكيد أن فرنسا لا تقف ضد سوريا، وأنه لا توجد سوء علاقة معها، وأن العلاقات الفرنسية ­ السورية الراهنة ليست ناجمة عن سلوك الرئيس السابق جاك شيراك وعلاقته المميزة بالرئيس الشهيد رفيق الحريري وعائلته، وإنما يتم التعامل مع دمشق انطلاقاً من مدى احترامها للقرارات الدولية الخاصة بلبنان. وتلك الخاصة بمكافحة الإرهاب.
­ إن فرنسا لن تغير سياستها وموقفها من لبنان، وهي لن تتخلى عنه وعن دعمه ودعم استقراره وأمنه واقتصاده، فضلاً عن دعم حريته وسيادته واستقلاله. وهي لن تقوم بأي مبادرة مع سوريا بغية عدم عرقلة الدعوات الى الحوار الداخلي في لبنان، إلا بالتوافق مع الحكومة اللبنانية وبموافقة الرئيس السنيورة.
­ إبلاغ سوريا، أن هناك تنسيقاً فرنسياً ­ عربياً، وأوروبياً ­ عربياً، حول مسألة الحزم في التعامل مع ضرورة ضبط الحدود اللبنانية ­ السورية ومنع تهريب السلاح والمسلحين.
وبالتالي ترغب فرنسا في أن تضع الكرة بشكل مباشر في الملعب السوري لمعرفة استعدادات دمشق الجدية للتعاون لبنانياً، مع إبلاغها رسالة مفادها أن الأسرة الدولية ترحب بالحوار معها لكن ضمن المعادلات التي تفرضها القرارات الدولية بشأن لبنان وبشأن مكافحة الإرهاب الذي يهدد الأمن في أكثر من مكان في لبنان والمنطقة.
والمسعى الفرنسي في اتجاه دمشق يأخذ في الاعتبار الشروط الثماني في تقرير بايكر ­ هاملتون الذي وضع في الولايات المتحدة، وهذه الشروط مبنية على الحوار مع سوريا وإيران، لكن استناداً الى القرارات الدولية والمطالب الدولية من البلدين. ولبنان كحكومة لا يقف ضد ضرورات الحوار الدولي مع دمشق ولا ضد مقترحات التقرير توصلاً الى حلول سلمية وتوافقية.
وترى المصادر، أن الانفتاح الفرنسي على دمشق، من المفترض أن تقابله القيادة في سوريا بقراءة جيدة للرسالة، كما أن زيارة النائب الفرنسي جيرار بابت الى رئيس الجمهورية اميل لحود، تحمل في مضامينها انطلاقاً نحو سوريا ضمن الشروط التي ذكرت.
وتعرب المصادر عن ثقتها بأن كل الفرقاء اللبنانيين سيتمثلون في اللقاء منتصف تموز الحالي. بحيث أن كل المواضيع المطروحة لبنانياً، ستكون محور جدول أعمال اللقاء. ومن الأهمية بمكان لدى العاصمة الفرنسية، مدى تجاوب الفرقاء اللبنانيين مع مساعيها لايجاد توافق حول هذه المواضيع، على الرغم من معرفتها الدقيقة بالضغوط الخارجية التي يتأثر بها الفرقاء، والتي تتطلع الى أن تكون مواقفهم الوطنية منفصلة عنها، لا سيما لتحقيق حد معقول من التفاهم والتهدئة لتمرير الاستحقاق الرئاسي، وهو استحقاق داهم، يحدد مسار البلاد للسنوات الست المقبلة، الأمر الذي يحتم تهيئة الأجواء المناسبة له، والتحرك داخلياً لضبط الساحة وايجاد قواسم مشتركة تستند الى أسس استقلال لبنان وسيادته واستقراره ودستوره، لإجراء هذه الانتخابات في موعدها.
وتؤكد المصادر أن أهمية انعقاد لقاء باريس للقيادات اللبنانية تكمن في ما يلي:
­ ستحقق المبادرة الفرنسية مؤشراً لتجربة أي حوار متجدد بين هذه القيادات، وفي اعتبار فرنسا أن جمع القيادات لن يكون مسألة لمرة واحدة أو عابرة، إنما ستستتبعه خطوات أخرى تعزز الحوار والتواصل بين هذه القيادات.
­ إن مجرد انعقاد اللقاء يعد نجاحاً في حد ذاته، بحيث يبدأ بإزالة عوامل التباعد في المواقف، لتحل محلها خطوات نحو التوافق. فيكون التقاء اللبنانيين محطة مفصلية على طريق إعادة الحوار والدينامية السياسية في البلاد وفقاً للقواعد الدستورية.
وتتوقع المصادر أن يحقق اللقاء مرحلة جديدة من التهدئة السياسية، لكنه من غير الواضح بعد ما إذا كان سيصدر عنه بيان أم لا. لكن الاجتماع سيعكس ما توصلت اليه الديبلوماسية الفرنسية في مساعيها العربية وعلى الخط الإيراني، بهدف إزالة مؤثرات تحالف طهران مع سوريا على الملف اللبناني. وستستمر فرنسا في محاولاتها في هذا الصدد، خصوصاً أنها تبدي مرونة في التفاوض مع طهران حول ملفها النووي، في مقابل موقف الولايات المتحدة التي لا تحاور إيران حول هذا الملف إلا بعد تغيير سلوكها في المنطقة. وتدرك الإدارة الفرنسية جيداً، بأنها لا تزال تحتاج الى عناصر كافية للتثبت من منع تأثير التحالف الإيراني ـ السوري على الداخل اللبناني، وللاقتناع بالاستجابة الإيرانية لمقتضيات المتطلبات الدولية حول لبنان.
إلا أن هذه الإدارة ـ التي ورثت ملفات عديدة أبرزها أولوية الملف اللبناني ـ ستبقي على محاولاتها مع طهران لتحقيق تقدم يساعد في تهدئة الموقف في لبنان، وتمرير الاستحقاق الرئاسي من دون معوقات أمنية أو سياسية. وهذا ما تعتبره من صميم العمل الديبلوماسي المولجة به، في وقت يجري تنسيق وافٍ بين باريس وواشنطن حول كافة الخطوات.
وأوضحت المصادر أنه جرى تنسيق فرنسي مع الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى الذي يقود مبادرة عربية، بحيث تتوازى المبادرة الفرنسية مع مبادرته ولا تتناقض معها، وأن دور موسى لا يزال قائماً، وهو سيتبلور تحديداً إذا ما توصلت المبادرة الفرنسية الى تفاهمات معينة. إذ سينشط موسى على اثرها من جديد لإخراج حل ما تفضل كل الجهات اللبنانية والاقليمية فضلاً عن العربية، أن يكون عن طريق الجامعة العربية.
وفي انتظار نتائج المؤتمر، من المقرر أن يتابع موسى اتصالاته اللبنانية والعربية والاقليمية. كما يرتقب أن يكون جاهزاً للتحرك خصوصاً إذا ما كانت مفاعيل اتصالاته متوازية وما يمكن أن يحققه اللقاء في باريس، إلا إذا عمدت بعض الأطراف الاقليمية الى عرقلة مهمته.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00