مع عودة الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى اليوم إلى القاهرة منهياً الجولة الأولى من مساعيه لحل الأزمة اللبنانية بكل جوانبها وتداعياتها السياسية والأمنية، تكثفت التحركات الفرنسية على أكثر من مستوى لاستجماع العناصر اللازمة كافة لإنجاح الدعوة إلى لقاء للأفرقاء اللبنانيين منتصف تموز المقبل في باريس بدلاً من نهاية حزيران الجاري، لإعطاء مزيد من الوقت أمام المشاورات، والاتصالات التحضيرية.
وأوضحت مصادر ديبلوماسية غربية بارزة، ان باريس تعمل في المرحلة الفاصلة عن انعقاد اللقاء اللبناني، على بلورة أفكار ومعطيات جديدة من شأنها ان تعطي زخماً ودفعاً لإرساء حوار حقيقي بين اللبنانيين. بحيث لا تقتصر مفاعيل اللقاء على كسر الجليد بين الأطراف كافة ووضع سقف حده التهدئة السياسية فحسب، انما أيضاً التفاهم على تمرير المرحلة المقبلة من الاستحقاق وأبرزها استحقاقان: إجراء انتخابات رئاسية وتشكيل المحكمة ذات الطابع الدولي في جريمة الرئيس الشهيد رفيق الحريري والذي سيشهد خطوات متقدمة خلال الأشهر الثلاثة المرتقبة، أي حتى منتصف أيلول، موعد تقديم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون تقريره الأول وفقاً للقرار 1757 حول ما حققه على صعيد تشكيلها.
وأشارت المصادر إلى ان هناك إصراراً دولياً على ان تبدأ المحكمة مهمتها قبل نهاية السنة الحالية، وان المشاورات التي يقوم بها بان كي مون تصب في هذا الإطار. كما ان هناك توجهاً دولياً وخصوصاً أميركيا ـ فرنسيا بدعم تشكيل المحكمة بسرعة، نظراً إلى إنعكاساته على وقف الاغتيالات السياسية ومنع هزّ الاستقرار والأمن اللبنانيين، ووضع حد للإرهاب المتنقل على الأراضي اللبنانية.
وبالتالي، فإن تمرير مرحلة الاستحقاقين تتطلب جهوداً مكثّفة تقوم بها فرنسا، مع أكثر من طرف عربي لا سيما مع المملكة العربية السعودية، ومع إيران، فالمملكة آثرت ان تُستأنف المساعي العربية عن طريق لجنة يرأسها موسى، بحيث يُفضّل وزير خارجيتها الأمير سعود الفيصل، ان يتلقى كل ما سجله الوفد العربي لدى إجراء مباحثاته في بيروت، قبل ان يحدّد مستوى التحرك المقبل عربياً وآفاقه كما ان القمة الفرنسية ـ السعودية سيكون لها التأثير البالغ في تكوين العناصر اللازمة لإنجاح لقاء باريس اللبناني، وما حققته مهمة موسى في بيروت من احتمال استئناف مؤتمر الحوار اللبناني فوراً ولو على مستوى الصف الثاني، ستشكل أيضاً خطوة مساعدة في المساعي الفرنسية لجمع الأفرقاء اللبنانيين في باريس.
وأوضحت المصادر ان إيران تعتبر ان المبادرة الفرنسية لا تزال قائمة ويتم تفعيلها، وهي تأمل خيراً من جولة الموفد الفرنسي السفير جان كلود كوسران في المنطقة، التي شملت طهران، إلا ان على إيران بحسب المصادر، وبعد التطوّرات الحاصلة في غزة، ان تثبت ان ما تعلنه حول الاستقرار اللبناني، وعن ان رؤيتها للحل هي نفسها الرؤية السعودية ـ الفرنسية، هو الموقف الفعلي لديها، وإيران كانت أبلغت غير طرف دولي ان لديها اتصالات مع كل الأطراف اللبنانيين، وليس لديها مانع من التواصل مع الجميع، وانها ليست في حاجة إلى أوراق تعتمدها في لبنان لدعم قدراتها النووية، وان توجهها يقوم على دعم سيادة لبنان ووحدته من دون حدود، ودعم الجيش لمنع أي ظاهرة تضر بسيادته واستقراره وأمنه. كما انه ينبغي إزالة فتيل الأزمة السياسية بين الحكومة والمعارضة، وان الرؤية الإيرانية للأزمة تنطلق من منظار لبناني وليس شرق أوسطي، وان مفتاح الحل في لبنان وليس خارجه.
ولفتت المصادر إلى التنسيق الحاصل بين السفيرين الأميركي في بيروت جيفري فيلتمان، والفرنسي برنار إيمييه، حول عناصر المبادرة الفرنسية، بما في ذلك الاتفاق على إطارها وتحديد عناصر الاقتراحات الجدية للحل.
ويحظى تفعيل المبادرة الفرنسية بموافقة أميركية، إذ ان الرئيس نيكولا ساركوزي يسعى إلى تحقيق تمرير مرحلة الاستحقاق في لبنان، وفقاً للقواعد نفسها التي تراها الإدارة الأميركية لكن بأسلوب جديد، بحيث لن يكون هناك تنازل عما حققه لبنان من مسار استقلالي وسيادي، كما ان الفترة الدقيقة التي يمر بها لبنان لن تحفزه على تقديم اثمان في موضوع سيادته، وكل المؤشرات تؤكد انها فترة موقتة.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.